اليمن ينزلق نحو الكارثة
اليمن/ محمد القاسم (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) تنزلق اليمن
تدريجياً الى الكارثة، وليس من خطوة ايجابية على تجاوز المذبحة الا من التصعيد المستمر للخطاب التحريضي، والاستسلام لفشل المفاوضات بين السلطات وجماعة الحوثي الساعية الى اسقاط الحكومة والغاء قرار الجرعة السعرية ؛ بقوة السلاح لا عبر العملية السياسية؛ كما تقول السلطات.
وفي الوقت الذي تقول اللجنة المنظمة لاعتصامات الحوثي السلمية والمسلحة بالتوازي في العاصمة صنعاء وعلى مداخلها وما حولها أنهم في الطور الأخير من نهاية مرحلة التصعيد الأخيرة ؛ أقدمت السلطات الأمنية عصر الأحد على فض اعتصام لهم كان قد امتد الى بعد أمتار من بوابتي وزارة الكهرباء والمواصلات شمال العاصمة.
واستخدمت شرطة مكافحة الشغب قنابل الغاز ومدافع الماء لتفريق المحتجين قالت السلطات انهم أغلقوا الطريق المؤدي من العاصمة إلى المطار الرئيسي في اليمن. ما أدى الى سقوط شخص اثر اصابته خلال العملية بالإضافة الى اصابة العشرات بالاختناق.
ردة الفعل التي اعقبت محاولة قوات الأمن فض الاعتصام دفعت جماعة الحوثي (أنصار الله)عبر مسلحيها الى اغلاق مداخل العاصمة أمام السيارات التي تحمل لوحات حكومية أو تابعة للجيش بدءً من ساعة متأخرة من مساء يوم الأحد. حيث قالت قناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثي (انصار الله) إن المعتصمين الحوثيين على مداخل العاصمة، أعلنوا منع دخول أي سيارة تحمل لوحة حكومية أو تابعة للجيش إلى داخل العاصمة صنعاء.
وذكرت القناة أن ذلك القرار يأتي في إطار ما أسمته بـ"التصعيد" ضد الحكومة، ورداً على محاولة قوات الأمن فض اعتصام الحوثيين في شارع المطار بصنعاء. من جهته حمل الناطق الرسمي لجماعة "أنصار الله" الحوثيين، محمد عبد السلام، السلطات الحكومية مسؤولية تداعيات ما أسماه "عدوانها على خيام المعتصمين .."
الى ذلك أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ، قراراً بإقال قائد قوات الأمن الخاصة اللواء فضل القوسي ، فيما تم تكليف اللواء الدكتور محمد منصور الغدراء بدلاً عنه وفقاً لموقع الثورة الرسمية.
يأتي ذلك في خطوة تصحيحية يجريها الرئيس هادي في مؤسسة الأمن والجيش، تفادياً لتكرار ما اسمته وسائل اعلام عربية " سيناريو مدينة عمران التي اقتحمها الحوثيون قبل شهر تقريباً وسيطروا على اللواء 310 ونهبوا كل ما فيه من ترسانات اسلحة بعد أن قتلوا قائد اللواء حميد القشيبي المتهم بولائه لحزب الاصلاح ـ الذي يعتبره الحوثيون خصمهم السياسي الوحيد ـ واعتبر الاصلاحيون حينها سيناريوا عمران تم بتواطؤ غير معلن من قبل الرئيس هادي وقيادة الجيش أنفسهم ان لم تكن خيانة تمت على صيغة اتفاق خفي مع الحوثيين.
تصعيد عسكري موازِ
وفي اطار مساعي الحوثي المستمرة لتحقيق النصر العسكري كضمان لتوظيفه في التفاوض السياسي بصنعاء تدور المعارك بينهم وبين الجيش اليمني تسنده قبائل موالية في محافظة الجوف شمال شرق اليمن.
وذكرت مصادر محلية ان إن المعارك جرت خلال اليومين الماضيين بين الجيش والقبائل وبين الحوثيين، وخلّفت عشرين قتيلاً وأكثر من 35 جريحاً من الجيش فيما قتل 37 من الحوثيين وجرح 46 منهم.
وأوضح المصدر أن المعارك اشتدت في منطقة (وادي إيْبَر) بمديرية الغيل حينما حاول مسلحو الحوثي التقدم للسيطرة على جبهة الغيل. وسلَّمت القبائل 14 جثة لجماعة الحوثي؛ فيما تحتفظ الجماعة بجثة نائب مدير أمن الجوف الذي قتل قبل عدة أيام. وشنَّ مسلحو الحوثي ست هجمات متفرقة على مناطق في مديرية الغيل، واستخدموا فيها الأسلحة الثقيلة. ويسعى الحوثيون للسيطرة على الطريق الذي يصل صنعاء ومدينة مأرب، بهدف قطع إمدادات النفط عن المحافظات اليمنية.
اليمن ساحة صراع
على صلة بالأمر لا تبدو الساحة اليمني بمعزل عن الصراع الدولي والاقليمي، لكن مؤشرات هذا الصراع تلهج من خلال تصريحات السلطات اليمنية وسلطات الخارج وبعض وسائلها الاعلامية. الاسبوع الماضي اتهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إيران بتأجيج الخلافات المذهبية والانقسامات داخل بلاده ومحاولة إشعال الحرب في صنعاء، بسبب دعمها وتمويلها للحوثيين الذين يقودون احتجاجات مصحوبة بمظاهرة مسلحة ضد الحكومة منذ أسابيع ، لكن ايران وعلى لسان المتحدثة باسم خارجيتها مرزية افخم، نفت تلك الاتهامات.قائلة : "إن السياسة الخارجية لجمهورية إيران دائما تقوم على الحكمة والاعتدال والتفاعل مع الدول الأخرى وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، كما أنها تدعم المطالب المشروعة والسلمية".
وسبق لوسائل إعلام رسمية إيرانية منها “فارس” نشرت تحليلات وتصريحات على لسان مسؤولين مقربين من الحوثيين تبشر بأن اليمن “هي المحطة الاولى لامتداد الثورة الايرانية التي قادها الخميني ضد محمد رضا بهلوي شاه إيران”.
بالمقابل تتداعى مخاوف المجتمع الدولي ودول الخليج جراء تصاعد الأحداث في بلد تتصدر قائمة أكثر الدول احتياجاً للمساعدات الانسانية العاجلة ، واقترابها من مستنقع الجمهوريات الفاشلة في ضل استمرارجبهات الحرب المشتعلة في بعض المحافظات وتطويق المسلحلين للعاصمة صنعاء وكذا تداعي عناصر تنظيم القاعدة الى داخل المدينة بغرض تفجير الوضع. وجاء في يومية "الأمناء " الصادرة من عدن، ان زعيم القاعدة والجهاد في جزيرة العرب جلال بلعيد قال لموقع المنتديات التابع للتنظيم " ان المقاتلين التابعين لهم قد وصلوا الى صنعاء. واضاف" ان هدة المعركة ننتظرها بفارغ الصبر موضحا ان كثير من المقاتلين الأجانب قد وصلوا الى صنعاء وان قتالهم سيكون ضد الحوثيين والحكومة معا .
يأتي هذا فيما كانت مساعدة الرئيس الأميركي لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب ليزا موناكو خلال لقائها الرئيس عبدربه هادي منصور، السبت الماضي أكدت إن الولايات المتحدة تدين الحشود الحوثية حول صنعاء، وما تسببه من زعزعة للأمن والاستقرار.
من جهتها عبرت الصحف السعودية عن مخاوفها تجاه اليمن، واتهمت جريدة (الشرق السعودية) في افتتاحيتها امس الأحد بعض الدول الإقليمية وفي مقدمتها إيران محاولة زعزعة الاستقرار في اليمن. مشيرة الى أن ذلك يأتي في محاولة لخلق واقع جديد في المنطقة يكرس الهيمنة الإيرانية على مساحات واسعة من الشرق الأوسط ".
ورأت الصحيفة أن الحركة الحوثية تضع اليمن أمام خيار الاستجابة لطلباتها التي لا تتناسب مع وزنها السياسي ولا حجمها في الشارع أو الفوضى كالتي يمارسها حلفاء إيران في لبنان والعراق وسوريا.
رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية أحمد الجارالله أكد على ضرورة النظر بحذر شديد الى متغيرات المشهد اليمني، فكأننا اليوم امام تتار جدد يعملون للقضاء على الدولة سعياً لإقامة رأس جسر يعبرون عليه الى المنطقة حد قوله.
وأضاف " هؤلاء التتار الجدد هم جماعة عبدالملك الحوثي الذين دأبوا طوال السنوات الماضية على افشال كل الحلول التي وضعت لحل الازمة, ومنعوا قيام سلطة مركزية قوية للدولة ".
