-->

الكفاح الأفريقي المنسي ( والمتعفن) من أجل الحرية في غرب أفريقيا الولايات المتحدة تساند المستعمِر

إن الصحراء الغربية ليست مجرد جزء من القفار المعروفة التي تغطي شمال إفريقيا،
إنها بلد يقع على ساحل المحيط الاطلسي في شمال أفريقيا مع تمييز غريب كونها "آخر مستعمرة" في القارة الافريقية الشاسعة. إن المحتل لهذه الدولة الغنية بالمعادن هو البلد المجاور المغرب، والذي يقوم وعلى مر عقود بإحتلال بشع وفظيع.
وقد لقيت خروقات حقوق الإنسان التي يرتكبها المغرب في الصحراء الغربية تنديدا واسعا من مختلف الكيانات بما فيها منظمة العفو الدولية، هيومن رايتس ووتش والولايات المتحدة وهي للغرابة حليف للمغرب.
إن محنة الشعب الصحراوي، السكان الأصليين للصحراء الغربية، كانت محور ندوة نُظمت في الجزائر في عطلة نهاية الاسبوع الماضي والتي شهدت مشاركين من إفريقيا، أوروبا والامريكتين. وقد حضر الندوة صحراويين ممن تعرضوا للتعذيب والسجن من طرف السلطات المغربية بالإضافة إلى خبراء تطرقوا بالتفصيل إلى الأوجه المختلفة للإحتلال المغربي غير الشرعي وكذا فشل ذلك البلد في الإلتزام بقرارات الأمم المتحدة الساعية لتطبيق إستفتاء لتقرير مستقبل الصحراء الغربية.
" إن المغرب يصادر أرضنا، بنى جدارا لتقسيم بلادنا، إنه يخرق حقوق الإنسان وفي نفس الوقت ينهب ثرواتنا الطبيعية،" يقول محمد عبد العزيز، رئيس الصحراء الغربية في مداخلته في إفتتاح الندوة الدولية الخامسة المنعقدة في الجزائر تحت عنوان " حق الشعوب في المقاومة: حالة الشعب الصحراوي"، وعقدت في قصر الثقافة بالعاصمة الجزائر." إننا نحتاج إلى إستفتاء حر وشفاف لنتمتع بالحق في تقرير المصير وبناء دولة مستقلة" يقول محمد عبد العزيز.
يطالب الشعب الصحراوي بدولة مستقلة بينما عرض المغرب على الصحراويين حكما ذاتيا فقط تحت الإدارة المغربية. وكان المغرب قد بدأ غزوه للصحراء الغربية في 1975 بعد إنسحاب المستعمِر حينها: إسبانيا. وكان ذلك الغزو العسكري متبوعا بقيام المغرب بإرسال مئات الالاف من المستوطنين إلى الإقليم وهو ما أشعل الحرب مع الصحراويين والتي إنتهت بجمود والمغرب يسيطر على 80 بالمئة من الارض من ضمنها الساحل الغني بالسمك، المخزون المعدني الكبير والمدن الكبرى. والمتبقي من الاقليم تسيطر عليه جبهة البوليساريو، حركة التحرير والتي بقيت القوة السياسية الاساسية في الكفاح من أجل الاستقلال. 
وقد وافقت الأمم المتحدة على إستفتاء على مستقبل وحالة الصحراء الغربية في مطلع التسعينات ولكن المغرب أعاقه رافضا السماح للأمم المتحدة بتنظيم الإستشارة. إن الإحتلال المغربي مدعوم بقوة من طرف فرنسا، ويحظى بالدعم الضمني من الولايات المتحدة، فبينما لا تعترف الولايات المتحدة رسميا بالسيادة المغربية على ما يسميه المغرب "أقاليمه الجنوبية" إلا أنها لم تطلب بقوة من حليفها الإلتزام بالقانون الدولي. وقد بدت مطالب المغرب بالصحراء الغربية قبل الإستعمار الاسباني وهو موقف تم رفضه من طرف محكمة العدل الدولية في 1975 أشهر قبل الغزو المغربي.
" إن القانون الدولي يعترف بإستقلال الصحراء الغربية عن المغرب، ولكن جلالة ملك المغرب يريد توقيف إرادة التاريخ" يقول د. سعيد العياشي رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن من الشعب الصحراوي أثناء فعاليات الندوة. لقد دعمت الجزائر الصحراويين إقتصاديا، عسكريا وسياسيا، مما عرضها للخلاف مع الجار القريب المغرب، كما فعلت ليبيا قبل أن تتزعم الولايات المتحدة الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي.
" هذا صراع كان يجب أن ينتهي قبل سنوات، يجب على المغرب التوقف عن خرق القانون الدولي والتوقف عن خرق حقوق الإنسان مثل إرتكاب جرائم التعذيب في الصحراء الغربية" يقول أوبيد بابيلا، مشارك في الندوة من حزب المؤتمر الوطني الافريقي عن جنوب أفريقيا. وكان زعيم جنوب أفريقيا الراحل الاسطورة نيلسون مانديلا قد عبر بإستمرار عن دعمه لحرية الصحراء الغربية.
لم يشارك أي ممثل عن المغرب في الندوة، والمغرب ينكر رسميا أي فظاعات مرتكبة في الصحراء الغربية ولكن تقرير الخارجية الامريكية عن حقوق الإنسان المنشور في فبرائر 2014 تضمن لائحة من الخروقات من بينها " خروقات لفظية وجسدية" تعرض لها الصحراويين " أثناء الإعتقال وفي السجن" كما عدد نفس التقرير غياب للديمقراطية، الفساد و " إنتشار واسع وتجاوز لسلطة القانون" من طرف قوى الأمن المغربية ـ ومن ضمن الخروقات التي أشار اليها التقرير أيضا مسجلة داخل المغرب ـ وهي مملكة يتحكم فيها ملك.
وفي الليلة التي سبقت إفتتاح الندوة كان فيلم الإفتتاح في مهرجان الجزائر الدولي للأفلام هو أبناء الغيوم، وهو وثائقي يصف الوحشية المغربية في الصحراء الغربية، من إنتاج الممثل الإسباني خافيير باردم الحائز على الأوسكار.
وقد وصف بعض الصحراويين أثناء لقائهم بمجموعة من الصحفيين الامريكيين والأفارقة الذين حضروا الندوة الضرب الهمجي، الإعتقالات والتعذيب الذي يعانونه أثناء فترات السجن التي تتراوح بين عدة أشهر وسنوات. ووصف سجين سابق كيف كان معصوب العينين ومقيد بالأصفاد أثناء إحدى فتراته السجنية التي دامت من عام إلى عامين ( وهي المرة الثالثة، كان سجنه للمرة الأولى يبلغ من العمر 15 عاما). وتحدثت إمرأة عمرها 25 سنة عن تعرض العديد من أفراد عائلتها للسجن، وكانت قد سُجنت مع جدتها التي وافاها الأجل أسبوع بعد إطلاق سراحهما.
إن المغرب يحظى بالدعم في العاصمة الامريكية ويشمل أوساط المحافظين ويصل إلى أعضاء من التجمع الليبرالي. وتقول الناشطة الحقوقية سوزان سكولت التي عملت على قضية الصحراء الغربية منذ 1993 أن معظم الأمريكيين الداعمين لموقف المغرب بخصوص الصحراء الغربية إما لا يعلمون الحقائق أو تلقوا المال من المغرب. فالمغرب صرف 3.5 مليون دولار في سنة 2013 فقط على عمليات الكولسة وصناعة الرأي داخل الولايات المتحدة حسب وثائق عامة.
" إنها قضية عدالة بلا لبس، فأنت لا يمكن أن تساند الغزو والإحتلال، إن المتظاهرين سلميا في الصحراء الغربية يتعرضون للضرب ولإطلاق النار من طرف الشرطة المغربية" تضيف سكولت في مقابلة صحفية في الجزائر العاصمة. وتتساءل سكولت ، وهي من الحزب الجمهوري، " كيف تتوقع الولايات المتحدة أن تربح الحرب على الإرهاب في الوقت الذي تسمح بتعفن هذا النزاع؟."بقلم: لين واشينتون، ج.ر
نٌشر على الصحيفة الالكترونية (ديسيدنت فويس) بتاريخ 15 ديسمبر 2015
ترجمة: حمادي البشير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لين واشنطن، ج ر هو صحفي متمرس من فيلادلفيا. توجد مقالاته بإنتظام على موقع: هذا لا يمكن أن يحدث. هذا المقال نشر يوم الإثنين 15 ديسمبر 2014 في ملف أفريقيا على الموقع. للإطلاع على المقال باللغة الأصل أنقر الرابط التالي:
http://dissidentvoice.org/2014/12/africas-forgotten-and-festering-freedom-struggle-in-western-africa/


نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *