-->

تراجع الزواج .. عزوف أم خوف ؟

شغلتنا السياسة بأكاذيبها المصدقة عن الغوص في الظواهر السلبية التى تنخر نسيجنا
الاجتماعي في صمت فأصبح الواحد منا مسكون بهم السياسة لدرجة لا يتستطيع معها الإفلات من أفيونها، حتى قضايانا الملحة لا تكاد تأخذ على محمل الجد الى إذا تدثرت عنوة برداء السياسة وخطابها الخشبي المفلس. تسقط أحيانا من خطابنا الإعلامي الشاحن للبطريات التي فقدت في ما يبدو مع طول الانتظار القدرة على تخزين التعبئة، ومن كتابات نخبنا الموبؤة بالتحليل السياسي هموم الناس وتطلعاتهم الى غد اجتماعي أفضل ومن حيث لا ندري خسرنا مع الأسف جمهورنا المستهدف بالقصف الإعلامي هذا اذا كانت مدافعنا تجيد القصف وتصيب الهدف.
فأين نحن من اجراء بحوث ودرسات وبرامج إعلامية حول قضايا ملحة مثل تراجع معدلات الزواج والإنجاب وهجرة الشباب والتسرب المدرسي والمخدرات وحق التظاهر السلمي، وهوس الجمال القاتل عند فتياتنا ووو. أن تصل متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا أستدركنا أخيرا في اعلامنا الوطني أنه لا بد من طرق المواضع والقضايا التي تلامس انشغالات المواطن وتعبر عن همومه ونترك له الكلمة و الحكم في الأخير. أقول هذا حتى لا تذهب أموال الشعب وجهود أبنائه أدراج الرياح وتبقى كما كانت في خطابها مجرد صيحة في واد سحيق، فقد أن الأوان لإمتلاك الجرءة و النزول الى المواطن ومنحه مساحة من الظهور بدل الدنصورات الجاثمة أمامه تأبى الإنقراض في مشهد تكرر لدرجة أصبح فيها أدات تعذيب للسامع والناظر على حد سواء.
واحدة من القضايا الملحة توفرت الظروف أمامي لطرقها مع بعض المسيرين وهي ظاهرة العزوف عن الزواج، ما دعاني لمناقشتها هو البحث عن إجابة لسؤال الوجود الملحة هل نحن نتكاثر أم نتداثر؟ يقول أصحاب ربطات العنق الفاخرة عندنا أن أكثر ما يحرجهم دوليا هو سؤال كم عددكم؟ “لا قللتنا ما هو في النار” ولعل السؤال ذاته واحد من أكثر الخناجر المغروسة فينا أمميا إيلاما إذا ما تحرك سائلا عن قبول الإحصاء.
وفي سبيل مكافحة ظاهرة العزوف التي علينا أن نستوعب أولا صياغها العام الذي يأتي تماشيا مع التحولات العميقة التي مست بنية المجتمع، طبقت إجراءات قانونية تفاعلت معها الأسر بشكل أسهم في التخلي عن بعض الكماليات التي لا تتعدى حدود التباهي واستنزاف الموارد المادية المحدودة للزوج.
والرفع من نسب الإقبال على الزواج في الأشهر الأخيرة لكن الظاهرة لا زالت في تنامي بسبب العوز المادي وارتفاع تكاليف تجهيزات الزوجة وتأثيث المنزل. وبدرجة أقل تدرج الفتيات في الدراسة وقضية ” ارحيل ” وأزمة الثقة بين الجنسين وتأثير وسائل الإعلام التي ترسم في أذهان الفتيات صورة مغلوطة عن مواصفات شريك الحياة بعيد عن واقعنا لكن ثمة من تسكنه هواجس التردد من الإقدام على الزواج وتحاصره عقد الخوف من الفشل والخروج صفر اليدين، ما لم تطبق حلول عملية مبتكر تتجاوز حدود الخطاب الخشبي ” الحافي ” ستظل الظاهرة تنخر نسيجنا الاجتماعي في صمت وتبقى توصية التكاثر مجرد “شطح” في الرأس تعجز الأرجل عن تجسيدها على أرض الواقع.
بقلم: الناجم لحميد

Contact Form

Name

Email *

Message *