للموت كرامات ورحمات أيها الباقون..
الى روحك الطاهرة..
الى من رحل واقفا كشجر الطلح
وعلمنا من بعده كيف نموت واقفين
الى اخي وصديقي وابن خالي وحبيبي حسنة عبد الجليل..
تتدحرج الذكرى بين زوايا ألعتمة وخواطر البوح، وتباريح السفر ... لا الدمع يكفكف الآم ألرحيل ولا الوجع الضارب في أعماق النفس يخفف لوعة الفقد،
ليس في هذه الدنيا ما يستحق الاسى كان هذا شعارك في الحياة
بشوش الوجه مرح الروح عزيز النفس ودمث الخلق هكذا عهدتك
كان اسلوبك في التعامل مع الحياة عظيما بقناعتك وتواضعك ومحبتك التي تفيض من بين جوانحك لتغمر كل من حولك كبيرهم وصغيرهم فأسرت قلوب كل من عرفوك
وكأن لسان حالك يقول :
"ليس المهم ان نعيش الحياة بل المهم كيف نعيشها "
"ليس المهم ان نعيش الحياة بل المهم كيف نعيشها "
حتى وأنت ترقد على فراش الموت كنت تواسي من حولك : " اتخشون علي الموت لن يصيبني إلا ما كتب الله لي " فمن يواسينا من بعدك.
رحلة في صمت اسوة بالراحلين كنت دائما تغالب المرض اللعين وتخبر من حولك انك بخير حتى وانت في اشد الحظات ألما.. كم نحن ضعفاء في حضرتك
تكابد وتعاند وتغالب المرض..و عندما كنت اتردد عليك في الايام الاخيرة رأيت في عينيك نظرة اعتذار وإخطار بالرحيل وابتسامة ما فارقة محياك ابدا الا انها كانت ابتسامة فاترة في ايامك الاخيرة وكأن بك اخذت وعدا على نفسك بأن تظل مبتسما طيلة حياتك حتى في وجه الموت ...كم انت كبيرا يا ابن الخال حتى في رحيلك..
كيف الحال اليوم حسنة ؟
"بخير الحمد لله.. ما واجعني شي يا ربي اراني حامدك..." وتبدأ في السؤال عن الاخرين كيف حال فلان وفلان ؟
وكأنك كنت تعيش من اجل الاخرين لا لنفسك
سعادتك من سعاتهم
وبؤسك من بؤسهم
لحظات قبل رحيلك همست الى من حولك دعوها تنام
كنت تشفق عليها بعد ساعات السهر الطويلة الى جانبك
وتتحايل عليها فتقمظ عينيك مدعيا النوم وكل ما تفتح عينيك تجدها جالسة الى جانبك
انها امك الحنون " رقية " . هي الان صابرة محتسبة تتلقى التعازي في رحيلك واقفة مكابرة.
تشيعك القلوب وأنت فيها حبيبا طاهراً عفا ً نقيي
اين هو حسنة ؟
الكل يتائسائلون . العائلة الجيران ابناء الحي والأصدقاء .رفاقك في الناحية الخامسة
لا شيء يوفي الاجابة حقها لان الخسارة اكبر من ان تصدق
هكذا هم الطيبون يتركون فراقا اكبر بعد رحيلهم ولا شيء يواسينا في فقدهم الا بعض من سيرتهم العطرة
وتبكيك المأقي وهي حبلى ان توفيك حقك
لا شيء كان يعكر خفة روحك وبشاشة وجهك
اتذكر ايام الصيف الحارة عندما كنت تفضل صنع الشاي في وقت المقيل بدل القيلولة فانصحك بالمقيل فترد علي " ان احسن طريقة للتغلب على الحمان هو ارباكه بجماعة زينة على مائدة الشاي "
و اذعن لطلبك وابدأ في الاستماع الى احاديثك الشيقة التي لا تُمل
حتى اصبحت مدمن على " الوقرة " رفقتك على مائدة الشاي
وفي المساء تستحم وتتزين وتبدأ في مهاتفة الأصدقاء وتناديهم بتلك الاسماء المستعارة التي كنت انت وأصدقائك تطلقونها على بعضكم على سبيل المزاح و كلمات لا يفهمها غيركم انتم شلة حي3 دائرة المحبس .. اين انت يا صدام ؟ اين انت يا فلي ؟ و اين انت يا ليمام؟ ..أين انت يا محمد ؟ وتتفقون جميعا على مكان محدد للقاء .. كأن حياتك من دونهم بغير معنى .
كم انا معجب بوفائك وبفلسفتك في الحياة
بروحك المرحة ومحبتك الوافرة لكل الناس ومداعبتك للجميع حتى في اكثر الاوقات شدة .
رحلت وفي الحشا مليون جرح على فرقاك تدمي جانبي
رحلت وفي الحشا مليون جرح على فرقاك تدمي جانبي
للموت جلال يا حسنة، ولنا من بعدك انتظار في محطات قد تطول وقد تقصر، وقد ترهق وقد تصفو، وقد تُضحك وقد تبكي... حتى يقدم بلا هيبة أو تردد، يختارنا واحدا اثر آخر ... "لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".
للموت كرامات ورحمات أيها الباقون..
و"إنا لله وإنا إليه راجعون"
بقلم: حسنيتو محمد اشبلل