-->

قضية الصحراء الغربية: الاتحاد الافريقي شريكا فعليا في العملية السلمية

بقلم: الديش محمد الصالح
ابدى الاتحاد الافريقي مؤخرا ،عبر مؤسساته المتعددة ( سواء كانت جمعية الاتحاد او مجلسه التنفيذي او مجلسه للسلم والامن او عبر رئاسة الاتحاد او رئاسة مفوضيته او لجنة حقوق الانسان) ومن خلال قرارات وبيانات ورسائل متوالية، انشغاله باستمرار عرقلة تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية طبقا لميثاق الامم المتحدة وقراراتها. فبحكم ان الصحراء الغربية هي ارض افريقية والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تعتبر احد مؤسسي الاتحاد الافريقي وتحظى باحترام كبير داخل هذا الاتحاد، فمسؤولية افريقيا تظل دائما قائمة امام أي تهديد لأمن واستقرار احد اعضائها وخاصة اذا تعلق الامر بغزو لاشرعي لأرض موروثة عن الاستعمار وموجودة في قائمة الأمم المتحدة للاقاليم التي لاتتمع بحكم ذاتي والقرارات الدولية واضحة بشأنها خاصة القرار 1514 للجمعية العامة للامم المتحدة الذي يضمن حق الشعوب في الاستقلال.
لقد استنكرت منظمة الوحدة الافريقية انذاك سنةالغزو المغربي للصحراء الغربية سنة 1975 وطالبت القوات المغربية بالانسحاب الفوري من التراب الصحراوي. ورغم التعنت المغربي، فلم تتوقف الهيئة الافريقية عن سعيها لإيجاد حل يضمن حق الشعب الصحراوي غير قابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال حيث تواصلت الضغوطات على المملكة المغربية ليعلن الملك الراحل الحسن الثاني في قمة رؤساء الدول والحكومات المنعقدة في نيروبي سنة 1981 قبوله بتنظم استفتاء يختار فيه الشعب الصحراوي بين الاستقلال او الانضمام الى المغرب. وعلى ضوء هذه التطورات جاء القرار104 للقمة التاسعة عشرة لرؤساء حكومات ودول منظمة الوحدة الافريقيةالمنعقدة من 06 الى 12 يونيو 1983 الداعي الى استفتاء حر عادل ونزيه يختار فيه الشعب الصحراوي مستقبله والذي رفضته المملكة المغربية وادى الى قبول عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في المنظمة الافريقية وانسحاب المغرب منها. وكانت المساعي الحميدة المشتركة لمنظمة الوحدة الافريقية والامم المتحدة افضت الى قبول وتوقيع طرفي النزاع، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، سنة 1988 على مخطط التسوية الذي صادق عليه مجلس الامن في قراره 690 لسنة 1991 والذي تعتبر قاعدته الاساسية مقتضيات القرار 104 لمنظمة الوحدة الافريقية.

فمنظمة الوحدة الافريقية/ الاتحاد الافريقي ظل حاضرا في مسلسل تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية باعتباره مكون من بعثة الامم المتحدة من اجل الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) منذ البداية وكان شاهدا على كل العراقيل التي وضعها المغرب في وجه تنظيم هذا الاستفتاء بدءا بعرقلة مسار تحديد الهوية ورفضه للائحة المصوتين الى التملص من كل التزاماته بشأن تنظيم استفتاء تقرير المصير.

إن الانشغال الافريقي بحالة الجمود التي تشهدها عملية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية يعتبر نابعا من انتماء هذه القضية وشعبها لإفريقيا التي عاشتشعوبها مرارة الاستعمار والميز العنصري والجرائم ضد الانسانية، وبدافع الحماس والغيرة لأحد الدول المؤسسين لإتحاده وبالتالي فلا غرابة ان يرمي اليوم الاتحاد الافريقي بكل ثقله من اجل تسريع استفتاء تقرير المصير في هذا الجزء الافريقي المحتل.

كانت رسالة واضحة بعث بها الاتحاد الافريقي، تنبه العالم كله وخاصة اعضاء مجلس الامن، أن الشعوب مهما صغرت لا يجب ان يجهض حقها في تقرير المصير والاستقلال والذي يعتبر احد المبادئ التي تأسست على اساسها عصبة الامم. إن إنشاء مجموعة اتصال دولية حول الصحراء الغربيةهي في الواقع رفض لسياسات المصالح والوصاية التي تحكم قرارات بعض الدول ولايجب ارجاء او التقاضي عن قضيةمثل قضية الصحراء الغربية مادامت تسبب مأساة لشعب يعيش لأكثر من 39 سنة في الملاجئ وتحت القمع والاضطهاد.

لقد عزز الموقف الافريقي مكانة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في افريقيا التي اثبتت تجربتها داخل الاتحاد الافريقي وعلاقاتها مع الدول والشعوب الافريقية ان توجهاتها تتماشى وتطلعات الشعوب الافريقية في السلم والتنمية وخاصة شعوب منطقة شمال القارة. بل اكثر من ذلك اكد الاتحاد الافريقي من جديد تمسكه بموقف جبهة البوليساريو الذي يدعو الى استفتاء تقرير المصير غير قابل للتصرف للشعب الصحراوي، وهذا من شأنه ان يفسر انه دعم كلي لها.
اما الرسالة التي وجهها الاتحاد الافريقي للمملكة المغربية هي ان لا احد بإمكانه المزايدة على افريقيا الموحدة ضد الظلم والقهر والتخلف، فالاستعمار غير مقبول في افريقيا وكلمة الشعوب هي الفاصلة فمن اراد ان يتقدم فالطريق الديمقراطي هو الخيار السليم والنهائي.فالإتحاد الافريقي، الذي هو ثمار تضحيات الشعوب الافريقية وضامن تحقيق آمالها في تحقيق افريقيا مسالمة وآمنة ومزهرة، ليرفض استمرار الاحتلال المغربي، البلد الافريقي، لجاره، البلد الافريقي، الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، ويدين سياسات التعنت والعرقلة والممارسات القمعية ضد المواطنين الصحراويين واستغلال الثروات الطبيعية الصحراوية.
إن الاتحاد الافريقي، في ظل حالة الجمود التي تعتري تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، اصبح ملزما باتخاذ اجراءات عملية، كما نص على ذلك قرار مجلس السلم الامن رقم 494 في اجتماعه الاخير يوم 27 مارس 2015، تخول له ان يصبح شريكا فعليا في العملية السلمية من اجل الاسراع بانهاء هذه القضية التي عمرت طويلا. فمبعوث خاص ولجنة رؤوساء حكومات ودول ومحموعة اتصال دولية بالاضافة الى دور لجنة حقوق الانسان الافريقية، كل هذا يدل على ان الاتحاد الافريقي عازم على الدفع بوتيرة الحل الى الامام من اجل ان تتفرغ افريقيا الى مواجهة تحدياتها الحقيقية في التنمية والسلم.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *