-->

الرئيس محمد عبد العزيز والفرصة التاريخية


هناك لحظات او بالاحرى فرص تتاح للفرد وقد لا تتكرر مرة اخرى في حياته خاصة اذا كان هذا الفرد قد تقدم به العمر، والفرق بين اغتنام هذه الفرص من عدمه كالفرق بين السماء والارض، وهو ما يجعل تلك الفرص توصف بالتاريخية وما أكثر الفرص التاريخية الضائعة اذا ما تحدثنا عن عالم السلطة والحكم خصوصا المتعلق منها بالتحرر من السلطة.
ونقول التحرر من السلطة لأنها تستعبد من يمارسها اكثر من استعبادها لمن تمارس عليه، فأغلب المتشبثين بالسلطة هم عبيد لها لأنه لم يعد بامكانهم رؤية انفسهم خارج هذا الاطار الذي منحتهم اياه، ويتوهمون انهم سيفقدون كل شيء بتركها، بينما الحقيقة ان اغلب الذين تركوها في عز القدرة على الاستمرار فيها تمتعوا بسلطة معنوية أكبر بكثير من تلك التي كانوا يمتلكون اثناء تقلدهم للحكم.
و تحولوا بتركها الى رموز في نظر شعوبهم والتاريخ، لأنهم وزنوا مصالح شعوبهم واوطانهم بشكل صحيح، فشيدوا بذلك لأنفسهم تماثيل في الذاكرة الجماعية لمجتمعاتهم ليست كتماثيل الطغاة التي تهدم مع رحيلهم ونيلسون مانديلا مثال جلي الوضوح على ذلك، لكن القدرة على التحرر من شهوات الحكم ليست متاحة للجميع إنها فقط للرجال العظام الذين هم في الحقيقة اكبر منها، لأن ادمان لذات السلطة كأي ادمان اخر لملذات الحياة يسيطر على النفس البشرية ويستعبدها واي لذة اكبر من تملك الانسان لإمتيازات تجعله يتحكم في مصائر الناس وتحيطه بحلقات المتزلفين الذين قد يوحوله نفاقهم الى اله ، الا ان الترفع عن هذه اللذة لا يملكه الا اصحاب النفوس الكبار و المبادىء الكبار والغايات النبيلة لذلك يذكرهم الناس والتاريخ باجلال.
اما المتشبثين بالسلطة الذين يعضون عليها بالنواجذ، فقد استعبدتهم السلطة الى حد اختصار الاوطان في ذواتهم وهم مستعدون لدفع اي ثمن من اجل البقاء رأسها، ويظلون متمسكين بها حتى تأتيهم الموت او تكنسهم الشعوب وفي الحالتين لا مكان لهم من التاريخ الا مزبلته، والامثلة على ذلك كثيرة تكاد لا تحصى ماذا تبقى لمبارك ؟ مثلا وبماذا سيذكره التاريخ وماذا تبقى للقذافي وبماذا سيذكره التاريخ ؟ وغيرهم كثر ممن ماتوا ودفنوا في غياهب النسيان .
ان امثال هؤلاء ضيعوا شعوبهم وبلدانهم بذاك الاحتكار لأن حياة المجتمعات في تطور دائم و ثبات السلطة في ايدهم هو ضد هذا التطور وبالتالي ضد الحياة ومن ثم فهم يقودون شعوبهم بالضرورة نحوى الانفجار أو الهاوية .
نستحضر هذه الامثلة لأننا اليوم امام محطة يمكن ان تكون تاريخية للصحراويين بشكل عام وللرئيس محمد عبد العزيز بشكل خاص، هي محطة المؤتمر الرابع عشر للجبهة هذه المحطة يمكن ان تكون تاريخية للشعب الصحراوي اذ ما تم فيها انتقال ديمقراطي للسلطة يثبت ان مشروع شعبنا مشروع حضاري ديمقراطي مبني على الحرية و يتناقض مع المشروع المغربي شكلا ومضمونا، ويثبت انه قابل للاستمرار لأنه لا يرتبط بالاشخاص، وانه يستحق الاستمرار والبقاء مع مشاريع امم القرن الواحد والعشرين.
هذه المحطة ايضا تشكل فرصة تاريخية امام الرئيس محمد عبد العزيز الذي شغل منصب الرئاسة منذ قرابة 40 سنة ليثبت انه من طينة الكبار الذين لا تستعبدهم السلطة والذين لا يختصرون الاوطان في شخوصهم. هذه فرصته ليكون اكبر من السلطة و يتمتع برمزية وسلطة معنوية لم يمتلكها صحراوي من قبله، اذ كان حريصا على المشروع الوطني فعلا،فهذه فرصته ليؤكد ان المشروع مشروع شعب واجيال لا مشروع فرد او اشخاص.
نعلم جيدا ان هناك حاشية مستفيدة من استمراره في السلطة وتعمل على ذلك لأن الذي يهمها في المقام الاول هو مصالحها لكننا نعلم ايضا ان القرارات التاريخية هي قرارات فردية.
الرجل اعطى خلال الاربعة عقود التي شغل فيها منصب الرئيس الكثير للقضية الصحراوية الا انه ايضا اخطأ عديد المرات وتلك خاصية بشرية لكن اكبر خطأ هو احتكاره للسلطة حتى اصبحت شبه عائلية وهذه فرصته ليحفظ شعبه وتاريخه.

هيئة تحرير الضمير

Contact Form

Name

Email *

Message *