حوار مع أحد رجال البحر الصحراويين بمدينة الداخلة، الصحراء الغربية (الجزء الأول).
سؤال: بإعتباركم أحد رجالات البحر بمدينة الداخلة، هل يمكن أن تحدثنا بصفة موجزة عن الصيد البحري بالصحراء الغربية مع تقديم بعض الإحصائيات؟
جواب: يعتبر الصيد البحري الشريان الإقتصادي الأول للمغرب، و مصدره الأولي هو الصحراء الغربية. و تتعدد آليات نهب الثروة السمكية بالصحراء الغربية فهناك مثلا سفن RSW و التي تعني: "الصيد بالمياه المبردة". هناك أيضا سفن الصيد الساحلي المعروفة المتخصصة بالصيد الساحلي، ويضاف إلى ذلك سفن الصيد بأعالي البحار. ناهيك عن آلاف الزوارق الصغيرة و قرى الصيادين التي تعج بمئات الآلاف من الصيادين الذين يمارسون الصيد التقليدي بمختلف أنواعه. بمدينة الداخلة هناك أكثر من 22 سفينة RSW. كل رحلة صيد لسفينة واحدة من RSW لمدة 48 ساعة تتعدى حصيلتها ما بين 250 إلى 500 طن من السمك.
بالنسبة للصيد الساحلي بمدينة العيون، هناك أكثر من 130 باخرة صيد، و بمدينة بوجدور هناك 10 بواخر صيد، و بمدينة الداخلة هناك أكثر من 70 باخرة ساحلي. كل باخرة صيد ساحلي تصطاد أكثر من 135 طن يوميا باستثناء يوم الراحة الأسبوعي.
فيما يخص صيد أعالي البحار. فهناك أكثر من 300 باخرة صيد تمتلكها لوبيات و جنرالات عسكريون بالإضافة إلى سياسيين مغاربة نافذين و بعض الصحراويين الموالين للنظام المغربي.
بالنسبة للصيد التقليدي، فالزوارق الصغيرة التي تصطاد الأخطبوط، يقدّر عددها بأكثر من 3080 زوارق صيد:يمتلك الصحراويين 200 زورق فقط منها، فيما يمتلك المغاربة بقية العدد. هذه الزوارق تمارس أيضا صيد الأسماك بالسواحل هذه الأسماك تباع بأثمنة خيالية.
سؤال:من يتحكم في هذه الزوارق و صيدها في السواحل؟
جواب:معظم هذه الزوارق تصطاد الأخطبوط كما ذكرت علاوة على صيد الأسماك بالخيط. معظم اللوبيات المسيطرة على هذه الزوارق هي من المغاربة بتواطؤ مع مدام دريوش و التي تتحكم في جميع القدرات و الأنشطة هناك أيضا نوع ثان من الزوارق يسمى: "المناخيرة" و التي تتعدد أشكال صيدها لتشمل صيد الإسبادا و القرش و الذي يستعمل كبده لأغراض علاجية و لاستخراج أوميغا3.
و للإشارة فالزوارق الملقبة بالمناخيرة تعود ملكيتها لبرتغاليين المتخصصين في صيد الاسبادا و القرش. ويشتغلون مع شركاء مغاربة يكترون منهم زوارقهم. بعض هؤلاء المغاربة ينحدرون من مدينة طنجة، و يتفنون في اصطياد هذه النوعية من الأسماك.
سؤال: ماهي مداخيل البيلاجيك بالداخلة، و كيف تعمل الشركات على مضاعفة أرباحها، و كم نسبة الصحراويين هناك؟
جواب: المداخيل خيالية و تسيل اللعاب. و لكن لفهم ذلك يجب أن نعرف كيفية الاشتغال و الاحتيال على القانون. فالنظام المعمول به هو نظام الكوطا. هناك بعض الصحراويين الموالين للمخزن، و الذين يكترون بواخر RSW، و كل واحد من هؤلاء يتوفر على رخصة 500 طن إلى 1000 طن. و هناك في الداخلة، لوبيات تكتري هذه الكطات من عند هؤلاء الصحراويين، فنجد بعض اللوبيات تتوفر على 7000 إلى 8000 طن. يمكنني تسمية بعض هذه اللوبيات على شاكلة: لوبي السنتيسي، لوبي التباج، لوبي لعلج، لوبي الحمداوي، لوبي إينيمير،لوبي ل.ج.م.س. هؤلاء هم ملوك البيلاجيك بمدينة الداخلة. يقوم هؤلاء بمضاعفة أرباحهم عن طريق مضاعفة هذه الكوطات ثلاث مرات. كيف؟ فهم يقومون بعدم احتساب السمك الرديء و الكوانو، و يصير نصف الكمية ربحا صافيا أي أنهم لا يصرحون به و بالتالي يزداد هامش الربح لديهم. فالباخرة التي تأتي ب500 طن،يصرح أنها أتت ب 250 طن، و بالتالي تبقى 250 طن الأخرى ربحا صافيا، و التي يتم التصريح بها و تسجيلها لدى الإدارات المسؤولة يلجؤون إلى خلق تمويهات كالتصريح بالنوعية المصطادة و أماكن الصيد، و كأنهم يحترمون القانون فمثلا إذ كان ثمن كيلو السمك درهمان فهو سيؤدي الضريبة على 250 طن و تبقى 250 طن المتبقية ربحا صافيا غير مؤدى عنه.
نسبة الصحراويين المشتغلة في هذا المجال لاتتعدى 10% و الذي يشمل البحارة و قطاع الحراسة،و العمال و السائقين..كل رحلة لباخرة من هذه البواخر لاتتعدى 48 ساعة ، و بالتالي في الأسبوع الواحد، نجد أن باخرة واحدة تصطاد كميات هائلة كل أسبوع مستنزفة الثروات السمكية، وتحرم الصحراويين البسطاء من الاستفادة من ثرواتهم و من فرص العمل. هذه البواخر(البيلاجيك) تصطاد على مدار العام. فكل رحلة لباخرة من هذه البواخر يمكن أن تدر على صاحبها 250 مليون سنتيم على الأقل إذا ما احتسبنا أنها باخرة لصيد السردين الذي يباع بأثمان بخسة، فما بالك بأنواع السمك الأخرى الأغلى ثمنا؟ فمثلا سمك "كابايلا"ب 4 دراهم، و قد اكتشف بعض النشطاء هذه السمكة تباع في الأسواق الأروبية ب3,5 أورو لكيلو الواحد، بينما تباع في الداخلة ب 4 دراهم، و بالتالي فالطن الواحد منها يباع هنا ب 3000 درهم، و تخيل كم سيباع هذا الطن في الخارج؟ 600000درهم !هذا يبين أن هامش الربح كبير جدا و مهول.
سؤال: هل يمكن أن تشرح معنى البيلاجيك، و مايفعله أصحاب الكوانو، و ما يفعلون به؟
جواب: بواخر البيلاجيك هذه تستعمل المياه المبردة حسب المصائد و تستمر الرحلة من يوم إلى يومين حسب وفرة السمك، و يمكنها أن ترمي بالشباك إلى أكثر من ثلاث مرات في اليوم.بعض هذه البواخر تحتوي على ثلاث إلى أربعة عنابر. كل عنبر يمكن أن يمتلئ ب80 إلى 90 طن، و تضاف إليه نسبة من الماء. بعض اللوبيات كالسنيتس والقباج يقللون من المياه نظرا لأنهم يشتغلون أيضا في مجال لكوانو. فالمفروض أنه يجب أن يكون الماء بنسبة 50% في كل عنبر. وبالتالي فهم يريدون توفير بعض ذلك السمك من أجل لكوانو. نظرا لكثرة الطلب عليه ونظرا لإحتوائه على كميات هائلة من زيت السمك المطلوب عالميا، وينتجون منه أيضا دقيق السمك فكيلو واحد من السردين ينتج واحد لتر من الزيت والذي يساوي ثمنه 15 إلى 20 درهم للتر الواحد. أما بالنسبة لدقيق السردين، فكل ثلاثة كيلو من السردين تنتج كيلو من الدقيق والذي يساوي ثمنه 10 دراهم للكيلو الواحد. هذه الأثمنة في السوق المحلية، أما في الخارج، فأنا أعرف أنها تباع بالغلاء.
سؤال: ماذا عن الصيد الساحلي؟ بما في ذلك صيد السردين؟
جواب:في الداخلة وحدها هناك: 70 قارب لصيد السردين أو أكثر. قانونيا، لا يجب أن يتعد كل باخرة صيد 35 طن، أي 2000 صندوق. هذه البواخر تصطاد يوميا ما عدا يوم الجمعة. إننا نحن الصحراويون لا نستفيد من هذه الثروات البحرية، كما أننا كمواطنين نشتريها بالغلاء في الأسواق العمومية، وهي تباع بأثمان غالية جدا . كما أننا نعرف بطالة شديدة بين شبابنا رغم كثرة البواخر وتعدد فرص الشغل. وعلى سبيل المثال، فسفن RSW تصطاد كميات هائلة من الأسماك سنويا،وتجني من وراءها ملايين الدراهم، بدون حسب أو رقيب. فبعض المضاربين هنا يشتري، على سبيل المثال، سمك الكابايلا، ويكتري وحدة تجميد ب 5000 درهم، وبعدها يبيع هذا المنتوج يأثمان خيالية في الخارج. وهناك مضاربين أخرين كبار على شاكلة "الزبدي" يمتلك وحدة صناعية متكاملة يتم فيها معالجة الأسماك والسردين وتعليبها. أما ما بقي من ذلك فيتم تحويله ك كوانو. وهكذا لا يضيع شيء، وكل شيء يتحول. هذا المستنزف المدعو "الزبدي" يمتلك أيضا وحدات تجميد بمدينة الداخلة. 70% من اليد العاملة لديه أتية من أسفي ومتخصصة في القص والتعليب. العاملون الصحراويون لديه يعدون على رؤوس الأصابع، في حين نجد أنه يستعمل بعض الأشخاص كواجهة لديه، تدافع عنه وعن مصالحه.
اشرفت على اجراء الحوار جمعية مراقبة الثروات وحماية البيئة بالصحراء الغربية