-->

مواطـــــن من كوكب أخر...

عندما كنت اتابع اياما، اصفها بالتارخية في مسيرة النضال الوطني، لأنها جاءت في
ظروف استثنائية فرضتها السياسة الدولية على الساحة الوطنية، تلك ايام امتدت على مدى اسابيع كان الحدث فيها وطنيا بامتياز، وكانت اعناق الصحراويين مشرئبة تجاهه اينما كانوا، واخص بالذكر اولائك الاباء و الامهات البسطاء في المخيمات و البوادي و المناظق المحتلة و الجاليات و ذلك ما اعطاها اهمية قصوى وطنيا اولا و اقليميا ثانيا، تلك كانت هي ايام قبيل و بعد المؤتمر الرابع عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
عندما كتبت قبيل المؤتمر من اجل التقويم و البناء و اسداء النصائح التي تصب في الصالح العام، من اجل هموم المواطن البسيط الذي يعيش على بصيص امل يسمعه هنا وهناك، لا يدري كيف يفرح بنصره و لا كيف يترح بخصاصته، همه ان يعيش يومه ولو بخبر يفرحه، لانه ان اجتمع مع غيره فاول خبر سيطرح في حلقة "اشطاري قاع" هو موضوع الحدث الذي يهم كل مواطن، مهما كان مثقفا او غير مثقف فقيرا او غنيا، في اي مكان كان يعيش فحديثه هو ذلك الحدث الوطني، يتتبع اخباره بكل صغيرة وكبيرة، حتى انتهى المؤتمر و عاد اهل المؤتمر من حيث اتو، كل رجع الى اهله و مدينته و قريته ودائرته وحييه و بيته، اجتمع الجيران و اهل البلد والكل يسأل عن نتائج و تفاصيل ماحدث، لان الحدث فعلا يصنع الاهمية من زمانه وظروف انعقاده. 
اعتقد المواطن البسيط ان كل شئ انتهى، و حمد الله وتنفس الصعداء على نجاح المؤتمر، و انتظر النتائج. في تلك البيداء في احدى بوادي تيرس الناعمة، قام ذلك الشيخ البسيط المتكئ على كثيب رملي في مدخل خيمته بفتح مذياعه المتواضع، الثابت اصلا ودائما منذ سنين على امواج الاذاعة الوطنية للجمهوررية العربية الصحراوية الديمقراطية، وهو يستمع الى عناوين الاخبار أشار الى من حوله بان ينصتوا لكي يسمع الخبر الذي طال انتظاره و الذي لم تتمكن اخبار "اشطاري قاع" من معرفته الا من خلال ذلك المذياع البسيط تكلم الشيخ و قال الحمد لله نجح المؤتمر و "عدلو الحكومة اليوم" ولما سمع لائحة الحكومة ازدادت فرحته وقال "نعم تلك هي اول نجاحات المؤتمر" سألته زوجته "اعلاه من قالهالك انت اثرك تفهم لذاعة" رد الشيخ وهو يهز رأسه و يقطب حاجبيه "نعم لان فيها ياسر جديد ماقط اسمعتو رجال وحدين" هذا خبر مفرح بالنسبة لذلك الشخ في تلك البوادي الجميلة التي لا يرى فيها الا الجميل و خلق الجليل ولا تعكر صفوته اصوات سيارات و لا اضواء كهرباء و لا رنين هواتف و لا رسائل واتساب و لا غير ذلك. 
في الصباح وصلت سيارة من الناحية المجاورة و طرح الشيخ ضمن التحية "اشطاري قاع" و اخبره احد المقاتلين نعم انتهى المؤتمر و شكلت الحكومة امس رد الشيخ قائلا وهو يتجه بحديثه الى اهله "امالي كلتهالكم" واردف قائلا قل لي ياولدي: "الم يكن فيها وزراء جدد" رد المقاتل قائلا: بلا هناك اسماء جديدة قال الشيخ ذلك هو نجاح المؤتمر اذاً الحمد لله.
هكذا حقق ذلك الشيخ املا كان ينتظره من هذه المحطة التارخية رغم اننا نحن المطلعون و الغائصون في متاهات التحليل و النقاش و الغابرون في مواقع التواصل الاجتماعي في عالمنا الافتراضي لاننا نرى بعين ليس كما يرى ذلك االشيخ الاصيل نرى ما يحلو لنا ان نراه فان كان حلوا فهو مر بالنسبة لنا و يجب ان نقنع الاخرين بمرارته عيب علينا نحن المتكدسون وراء شاشات الكمبيوتر او بمعية هواتفنا الذكية ان نفسد على الاخرين نشوة النصر و النجاح.
ألسنا نحن هم الغرباء على كوكب الشيخ الاصيل اصالة خيمته و معاشه و مواشيه و مذياعه، حبه للخير و تأمله للجديد و نظرته الايجابية للاشياء و تحليله البسيط جاد عليه بنصر ولو معنويا حققه المؤتمر وهو حركية انتظرها الجميع رغم انها قد تكون دون ما كان متوقعا لكنها اتت ببصيص امل في زحزحة شئ من الغبار الذي تراكم هنا و هناك على رفوف لم يطالها الاهتمام منذ سنوات.
بقلم: بلاهي ولد عثمان

Contact Form

Name

Email *

Message *