-->

من يدوس على القانون الصحراوي؟


الرئاسة تجهل معنى القانون العضوي.
هل هناك ضرورة استعجالية تقتضيها ضرورات التشريع تُفسر تعديل قانون عضوي في غياب البرلمان؟
و الأبعد من ذلك، بأي منطق يتم تعديل قانون عضوي {تم تمريره من طرف البرلمان} عن طريق أمر رئاسي؟ أو بعبارة أخرى، هل بإمكان أمر رئاسي تعديل ما يسنه القانون العضوي؟ 
في البداية من الواجب التذكير بأن مؤسسة الرئاسة أبخلت علينا حتى في استعمال مصطلح "المرسوم الرئاسي"، و اكتفت بإستعمال "الامر الرئاسي" الأدنى منه ترتيباً.
عادة القانون العضوي يحتاج لأغلبية مؤهلة لتمريره، بمعنى ان لا يكفي بالأغلبية البسيطة و لا الأغلبية المُطلقة بل يتطلب الأغلبية المؤهلة لتمرير القانون.
سنعطي مثال لتوضيح الأمر: لنتصور ان البرلمان له 53 عضو.
-. الأغلبية البسيطة. لتمرير قانون مُعين يكفي ان الأصوات المؤيدة تكون أكثر من المُعارضة.
-. الأغلبية المُطلقة تتطلب النصف زائد واحد، يعني 27 صوت لتمرير أي قانون.
-. الأغلبية المؤهلة تتطلب ثلثين من الأصوات و هو 35 صوت، او ثلاثة ارباع من الأصوات و هو 39 صوت.
إن أهمية المواضيع محل التشريع هي التي تضع كل واحد منهم في خانة القانون العضوي او خانة القانون العادي. فالمواضيع البالغة الأهمية يتم تشريعها عن طريق القانون العضوي و المواضيع الأقل أهمية يتم تشريعها عن طريق القانون العادي.
و بغض النظر عن الأغلبية التي تم بها تمرير القانون العضوي للإنتخابات، الا إن القاصي و الداني مُجمِعان على أنه لابد من قانون عضوي آخر لتعديل ما تم تمريره في السابق عن طريق قانون عضوي.
إن التعديلات القانونية، الغير محظوظة، التي قام بها رئيس الجمهورية تصب في جوهر موضوع الجهاز التشريعي و لا توجد إطلاقاً اية حُجج بإمكانها تبرير هذه المبادرة السيئة.
إن تدخل السلطة التنفيذية في مواضيع تمس من جوهر السلطة التشريعية هو بمثابة جريمة تُخالف أبجديات مبادئ و قيم فصل السلطات، جريمة تم ارتكابها تحت جنح الظلام، أي في غياب الهيئة التشريعية.
أين هي الضرورة الاستعجالية هنا التي تُبرر هذا التعديل؟ أليس من الأفضل إنتظار تكوين البرلمان الجديد و التقدم إليه بمشروع قانون يقتضي تغيير ما جاء في الأمر الرئاسي؟
كيف نُفسر إذن اللجوء الى الأمر الرئاسي تحت جنح الظلام لتعديل قانون كان من الأفضل الاستماع لوجهة نظر البرلمان كي يتم تعديله على أحسن صورة.
و خلال رحلة الظلام هذه سقط سهوا مبدأ "الكوطة" الذي كان يتبجح به البوليساريو. 
دون أي حديث و دون أي نقاش تم التخلي عن فكرة "الكوطة" التي كان البعض يُدافع عنها ضد أصوات أخرى تريد حذفها في المؤتمر 14 للجبهة.
أمر غريب للغاية: نتخلى، على مستوى البرلمان عن ما نتمسك به بقوة على مستوى الأمانة الوطنية. أو بعبارة أخرى، على مستوى الحركة نريد إبراز المرأة الصحراوية مهما كلف الثمن و لكن على مستوى الدولة لا نريد ابراز المراءة الصحراوية.
و كيف تمت هذه العملية 38 يوم فقط بعد إنتهاء المؤتمر 14 للجبهة؟
إن كان سهواً، فهو دليل على تجاهل أدبيات فن التشريع.
و إن كان عمداً، فهو دليل على السلطة المُطلقة الذي أصبح يمارسها أعلى رأس الهرم.
كنا ننتظر من مؤسسة الرئاسة أن تكون الدافع الأول في بناء دولة القانون و الحق و أن تكون مثالية في ذلك النهج. و للأسف، هذه التصرفات الغير مسؤولة تنزع الثقة من تلك المؤسسة في مُكافحة أبسط مظاهر الفساد. 
كيف نبني دولة القانون ما دام رأس الهرم هو اول من يدوس على قانوننا؟. "هدام أغلب بناي". 
في السابق، مثلا، لجأ الجهاز التنفيذي ليس مرة واحدة بل مرتين الى مقر البرلمان من أجل الحصول على قانون التعدين. لم يكتفي لا بمرسوم رئاسي و لا بأمر رئاسي في موضوع التعدين. 
كيف نُفسر إذن أن الجهاز التنفيذي كان مُجبر على اللجوء الى البرلمان في موضوع التعدين و بالمقابل إكتفى بأمر رئاسي في موضوع القانون العضوي للإنتخابات؟
الأمر بسيط. وهو ان الشركات الأجنبية الراغبة في خيراتنا المعدنية و من أجل ضمان مصالحها الخاصة، إشترطت على الجهاز التنفيذي وجود قانون مُصادق عليه من طرف الجهاز التشريعي يُسن موضوع التعدين.
و للأسف لا توجد عندنا شركات وطنية راغبة في بناء دولة القانون تشترط على الجهاز التنفيذي مُشاركة الجهاز التشريعي في موضوع انتخاب البرلمان و تُجبره على تشريع هذا الموضوع عن طريق قانون عضوي.
و المؤسف جدا هو أنه في نفس الوقت الذي نُحضر فيه لإحتفالات الذكرى الأربعين لإعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تحدث هذه الانتهاكات الجسيمة لمبادئ دولة القانون التي نحتفل بأربعينيتها. 
للتذكيىر، هنا محتوى المادة الدستورية التي أراد البعض تقديمها بمثابة سند قانوني لهذه التصرفات الغير مسؤولة.
"المادة ( 59 ): لرئيس الدولة صلاحية إصدار مراسيم وأوامر بمثابة قوانين ما بين دورتي المجلس إذا كانت هناك ضرورة إستعجالية تقتضيها ضرورات التشريع أو في حالة حل المجلس الوطني أو إنتهاء عهدته أو حالات الطوارئ القصوى أو تجميد الدستور".
و نذكر أيضاً بالجملة التالية التي وردت في خطاب الأخ محمد عبد العزيز، رئيس الجمهورية، في خطابه الأخير، يوم 6 فبراير، أثناء رئاسته للجلسة التأسيسية للجنة الوطنية المُشرفة على انتخاب البرلمان. و جاء في خطابه:
"فإن جبهة البوليساريو مصرة على تعزيز المكاسب التي حققتها الدولة الصحراوية، وفي مقدمتها هذا التعاطي المسؤول بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، والقائم على الفاعلية والتكامل، وهذه الممارسة الديمقراطية الراقية".
فاليعلم المغرب و ليعلم غيره أن الدولة الصحراوية حقيقة لا رجعة فيها.
نداء الى كافة افراد قبيلة بناء دولة القانون:
إنكم مُنادون لوقفة إحتجاجية سلمية في الرابوني من يوم غدا الى يوم 27 فبراير. و إن كنتم في الخارج مُنادون لوضع العلم الصحراوي في مواقعكم على الشبكات التواصلية من اجل حماية دولة الحق والقانون. 
حدامين مولود سعيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *