-->

الظواهر السمعية ...!


بقلم : مبارك الفهيمي
دخان يتصاعد من عربة بائع "السوسيط " غير بعيد عن ساحة شهيدة الشعب المغربي سعيدة لمنبهي ، صديقه بمسافة عنه يسوق مشروباته الباردة ، البائعين حاصلين على الإجازة في العلوم القانونية بنفس الجامعة التي اصبحوا يبعون أمام أبوابها . الساعة تشير للسادسة وهو توقيت خروج الطلبة من المدرجات ، "النيبالوي" لا زال منذ أيام يلاحق "دغباجة " لعله يفوز برقم هاتفها .
ألتفت إلى رفيقي مستفسرا عن معدن ذاك الشخص "النيبالوي " ،لماذا يلاحق نفس الطالبة بكل وقاحة ؟ ، هز الرفيق المستحيل رأسه بباتسامة تظهر بينها اشارات التذمر :
-هو صراع إقليمي وقح من نوع آخر يحترفه "النيباليون"
فيروس الإقليمية في كل مكان حتى داخل عقلية "النيبالويين " . بعدها علمت أنه يلاحقها لأنها ليست من مدشره ، يتنافسون على الطالبات شرط أن لا تكون الطالبة المستهدفة من نفس اقليمه . ماهذا العهر اللامتناهي ، روائح العقلية المتعفنه في جميع المعسكرات بما فيها المعسكر "النيبالوي" الذي يشكل الاغلبية .
هنا يمكنك أن تكون ضحية للمخابرات عبر الاعتقال أو تأخذ معك لبيتك ضربة في صراع أفقي . الرفيق المستحيل لاتزال ذاكرته تحتفظ كيف هاجمت مجموعة من نوع طلبة ابو لهب "شكل نضالي " بالأسلحة البيضاء . وقف شاب صحراوي مصدوم من هذا الهجوم ، لم يفهم ما الذي يحدث ، الجميع يركض ، حاول أن يهرب ولكن هول الصدمة من واقع لعين أوقفت رغبة الجري .أحد أحفاد أبو لهب يضرب "الشاب التلميذ " بسلاح ابيض على الرأس بدم بارد ، حينها سقط شاب لا علاقة له بكل هذا العهر .
اقفز هنا وهناك لتجنب بعض البرك الماءية التي خلفتها الأمطار التي عرفتها مدينة أكادير . السيارات هنا لا تتوقف يمكنها دهسك دون توقف . أصل لشارع "ابيشا " الذي تتواجد فيه المقاهي و المطاعم و متاجر واماكن بيع الملابس ، كما أن أغلب الطلبة الصحراويين يقطنون هذا المكان . احيانا يكون هذا الشارع الذي يذكرني بشارع سكيكيمة شاهدا على الصراعات الإقليمية و المدشرية .
محماد صاحب متجر لبيع المواد الغذائية لازال يحتفظ بشريط يوثق مسيرة لملثمين يحملون السيوف يزيد عددهم عن سبعين إلا ستين شاب يسيرون في الشارع العام على الطريقة الداعشية . ربما ذاك العدد لن تجده في شكل نضالي ولكن ستجده في الصراعات التي تخلف الدماء في الشوارع و المعتقلين في السجون ، كما أنه يوثق كيف اعترض عناصر يحملون الأسلحة البيضاء سبيل شباب آخرين ويفرضون عليهم مغادرة الشارع تحت التهديد ، يقول محماد ان هذه الحوادث بين الطلبة أصبحت روتينية .
أتابع السير فوق أرصفة سكيكيمة أكادير يستوقفني "ويسي " بروحه المرحة ، لا أمل من حديثه الطيب الذي ينفر من المواضيع المتعلقة بالطلبة ، كان فاعلا عندما كان طالب سنة اولى اما الان وهو في السنة الثالثة يقول بتذمر :
- يخي ما شفت لك فذاك الويل
أتابع السير وفي كل خطوتين أقف للسلام . أحيانا أعتقد ان شباب مدينة العيون و المداشر الصحراوية الاخرى اصبحوا جميعهم طلبة ، ولكن نقطة التشابه بينهم هي كلمة "شطاري " .
"شطاري " احيانا تسبب البلاء ، هي كلمة تنطلق بعدها الجمل الصحيحة و الغير صحيحة ، هي أداة لتداول الأخبار :
-يخي يقال هنا ان مقال سلبي كان وراه الطرف الثاني فالصراع حك ذا 
- قولي كانك قريت المقال ؟ ويلعدت قرأته يكانو استثنى طرف من الأطراف؟ 
-انا ما قريتو لأن اصلا ما عندي مع القراءة ،يغير بعد الا ذا الي سمعنا .
الظواهر السمعية .
لم نخطئ عندما قلنا "طلبة ابو لهب " ، هو واقع الحال الذي لا يمكن التستر عليه ، وإذا لم تصدق أيها القارئ يمكنك أن تطلب شقة للكراء وأول سؤال يسألك صاحب البيت "هل انت صحراوي " .

Contact Form

Name

Email *

Message *