-->

العلاقات المغربية الموريتانية تدخل مرحلة الشد والجذب


الصحراء الغربية 02 فبراير 2017 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)ـ اثارت التصريحات الاخيرة لزعيم حزب الاستقلال المغربي ضجة اعلامية وسياسية بين المغرب وموريتانيا وكادت تعصف بما تبقى من علاقات انهكتها التصرفات المغربية الرسمية التي تنظر باحتقار واستصغار لموريتانيا ولدورها في المنطقة.
التصريحات التي وصفت موريتانيا بجزء من المغرب فاتحة المجال امام الاعلام المغربي الرسمي والغير الرسمي للتهجم على موريتانيا وسيادتها وتحميلها مسؤولية النكسات التي تعرض لها المغرب مؤخرا في قضية الصحراء الغربية خاصة بمنطقة الكركرات التي تمركز فيها الجيش الصحراوي ومنع أي تقدم مغربي هناك.
وحاول النظام المغربي تدارك تصريحات شباط المعادية لسيادة موريتانيا بارسال رئيس الحكومة المغربية عبد الاله بن كيران كمبعوث من الملك المغربي الى الرئيس الموريتاني لكن الاستقبال الذي حفته به السلطات الموريتانية عكس عمق الازمة الصامتة بين البلدين.
ومع ما تشهده العلاقات الموريتانية الصحراوية من تطور في ظل التنسيق المستمر بين البلدين في العديد من القضايا خاصة الأمنية على الحدود بين البلدين، والإعلان عن تأسيس "فريق برلماني للصداقة الموريتانية الصحراوية" بمشاركة الحزب الحاكم ومختلف الأحزاب، الموالاة والمعارضة، ونصت اللجنة الجديدة على تعزيز العلاقات الثنائية بين الموريتانيين والصحراويين.ولا يعتبر تأسيس لجنة الصداقة بين الصحراويين والموريتانيين أمرا مثيرا بحكم اعتراف موريتانيا بالجمهورية العربية الصحراوية.
ومع ما تشهده العلاقات المغربية الموريتانية في السنوات الاخيرة من برودة طبعها إحجام موريتانيا عن تعيين سفير لها في المغرب منذ خمس سنوات.
وفي ظل التقارب الموريتاني الصحراوي بدأ المغرب يشعر بخيبة أمل من السياسة الخارجية للرئيس الموريتاني محمد عبد العزيز فيما يتعلق بالموقف من قضية الصحراء الغربية، فنواكشوط، التي كانت حليفا للمغرب عام 1975 وشاركته اجتياح المستعمرة الاسبانية السابقة "الصحراء الغربية" عسكريا حتى 1979، نزعت تحت قيادة ولد هيدالة نحو دعم جبهة البوليساريو والاعتراف بالجمهورية الصحراوية حتى 1984، حيث ذهبت موريتانيا تحت قيادة معاوية ولد الطايع، نحو الحياد المائل لصالح جبهة البوليساريو الذي انتهى بالحياد المائل لصالح لمغرب.
وكانت الرباط تأمل من ولد عبد العزيز مواصلة هذا الحياد المائل، على الأقل، وهو ما لم تلمسه في ظل استفحال ألازمة الدبلوماسية بين موريتانيا والمغرب بسبب الكثير من المواقف الموريتانية الدبلوماسية المتتابعة، والتي تمثلت في تأجيل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لزيارته إلى المملكة المغربية ثلاث مرات متتالية، اثنتين منها كانت باعتذار الملك المغربي "بالطرق الدبلوماسية عن استقباله"، أما الثالثة فتأجلت باعتذار من الرئيس الموريتاني.
كما ان رفض الرئيس الموريتانى استقبال السفير المغربي في فرنسا أثناء رحلة العلاج دليل هو الآخر لى توتر العلاقات في مابين البلدين.
بالاضافة الى تلك المتعلقة وروابط نواكشوط مع الجمهورية الإسلامية في إيران.
وقد تجلت الأزمة الدبلوماسية بين موريتانيا والمغرب في مظاهر كثيرة من ضمنها رفض المغرب تسجيل الطلاب الموريتانيين الوافدين للتسجيل في الجامعات المغربية والذين وصل عددهم إلى 800 طالب "من بينهم 80 من الحصة الرسمية التي يدخل تسجيلها في إطار التزامات التعاون بين البلدين". 
وبرزت الأزمة الدبلوماسية كذلك في تعامل السلطات الأمنية مع الأسر الموريتانية التي سافرت إلى المغرب أثناء العطل الصيفية، حيث ضايقتهم السلطات الأمنية في الحصول على أوراق الإقامة وفي إجراءات الدخول والخروج ، وظهر في تعاطي السفارات المغربية في أوربا مع المواطنين الموريتانيين الراغبين في الحصول على تآشر لاجتياز المغرب برا باتجاه موريتانيا عبر المغرب والمناطق المحتلة من الصحراء الغربية.مع صدور احتجاجات عن السائقين الموريتانيين العاملين قرب مركز نواذيبُو الحدودِي مع الصحراء الغربية، لما اعتبروها عراقيل كثيرة تعترضهم عند طلب التأشيرة المغربية، فيما لا يلقَى السائقُون المغاربة تعاملا مماثلا.
وفي مارس 2014 سحبت موريتانيا محمد ولد مكحل، القائم بأعمال سفارتها بالرباط، احتجاجا على تصريحات منسوبة للعاهل المغربي الملك محمد السادس إبّان زيارته الأخيرة إلى العاصمة المالية باماكو، دون الكشْف عن مضمون هذه التصريحات والتأكّد من صحّتها.
وجود ضباب على العلاقات بين الرباط ونواكشوط غيَّم بُعيْد تولّي الرئيس محمد عبد العزيز الرئاسة الموريتانية (أغسطس 2008 قائدا لانقلاب، ثم رئيسا منتخبا في 2009)، وذهبت إلى أن سلسلة من سوء التَّفاهم أدّت إلى حدوث فتور ملموس بين الرئيس عبد العزيز والعاهل المغربي الملك محمد السادس، وأن آلية تدبير العلاقات بين البلدين، اتَّكأت - حسبما يبدو - على هذا الفتور للمزيد من البعاد بين البلدين على الصعيد الرسمي.
في ديسمبر 2011، أقدمت السلطات الموريتانية على طرد حفيظ البقالِي، مدير وكالة الانباء المغربية في نواكشوط، وأمهلته 24 ساعة لمغادرة أراضيها، وهو القرار الذي اعتبرته الرباط، "غير ملائم". وبعد ذلك، رفض الرئيس الموريتانِي استقبال عبد الله بها، وزير الدولة المغربي (نائب رئيس الحكومة)، الذي كان في زيارة إلى نواكشوط، وتم الإقتصار في استقباله الذي اتسم بالبرودة على بعض المنتخبين.
وفي صيف 2012، رفضت نواكشوط اعتماد القنصل المغربي الجديد ورفضت الإجابة على أسئلة المغرب بشأن المبرِّرات التي اعتمدت عليها في قرارها المفاجِئ. 
وفي يوليو 2013، منعت سلطات النقل الجوي الموريتانية طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية من مواصلة رحلتها من مطار الدار البيضاء باتجاه مطار نواكشوط، باعتبارها تقع خارج الإتفاق المنظم للرحلات الجوية بين البلدين. وفيما حمّلت الخطوط الجوية الموريتانية نظيرتها المغربية مسؤولية الإرتباك الذي شهدته حركة الطيران المدني والرحلات بين الدار البيضاء ونواكشوط، إلا أن الخطوط المغربية أنحت باللائمة على سلطات الطيران المدني الموريتانية.
وبحسب محللين فأن ما يُريده الرئيس الموريتاني محمد عبد العزيز يتلخص في تعامل الرباط مع نواكشوط بندية وعلى أساس أنها ليست قابلة للإستقطاب، وتذكر هذه الأوساط بتأخر المغرب (من 1964 إلى 1969) في الإعتراف باستقلال موريتانيا، وظهور تخوفات من طموحات مغربية بها مثلما حصل لاحقا مع الصحراء الغربية.
ويمثل موقف موريتانيا من قضية الصحراء الغربية نقطة قوة في مسار العلاقات بين نواكشوط والرباط، وهو ما يعيه المغرب، حيث بادر بدعوة موريتانيا إلى فتح قنصلية لها في مدينة الداخلة المحتلة، وهو ما رفضته نواكشوط، التي تعترف بالجمهورية الصحراوية ولا تعترف للمغرب بالسيادة عليها، واعتُبر نقطة بارزة في مسار التوتر بين البلدين.
إن الموقف الموريتاني من الصحراء الغربية لا يمثل فقط تحديًا سياسيًّا بالنسبة للمغرب، لكنه يمثل أيضًا تحديًا أمنيًّا، حيث لا يمكن التفريق بين الموريتاني والصحراوي، خصوصًا إذا حمل هذا الأخير جواز السفر الموريتاني الذي يمكنه من التنقل في العالم، وفي المناطق المحتلة من الصحراء الغربية وحتى مدن المغرب.
كما يراهن المغرب على المستوى الاقتصادي إذ تمثل إفريقيا الغربية سوقًا مهمًّا للمنتوجات الزراعية المغربية التي يصدرها عبر الصحراء الغربية، ويستنزف خيرات المنطقة؛ ولذلك تبقى موريتانيا هي الشريان الوحيد لتدفق هذه المنتوجات المهمة لسوق الفلاحة .
وإلى جانب ذلك، فإن السوق الموريتانية تعتبر هي الأخرى فرصة أساسية للاقتصاد المغربي، حيث تملك شركة الاتصالات المغربية 61% من أهم شركة اتصالات موريتانية، وهي شركة موريتل.
وتعتمد أجزاء واسعة من موريتانيا على التبادل التجاري مع المغرب، حيث تنشط حركة تجارة السيارات والبضائع المختلفة، كما أن المنطقة الاقتصادية الحرة لموريتانيا قد تتأثر سلبيًّا إذا ساءت العلاقات مع المغرب، لكن موريتانيا في المقابل تجد في الحضن الجزائري بديلًا مهمًّا ومستعدًّا للتقارب والتفاهم، ويمثل طريق تندوف- ازويرات معبرًا مهمًّا للتبادل الموريتاني الجزائري؛ حيث سيربط مدن الشمال الموريتاني بالسوق الجزائرية بشكل مباشر، لكنه أيضًا سيوفر للجزائر معبرًا إلى المحيط الأطلسي، ويسهّل التبادل التجاري بينها وبين عدد كبير من دول العالم، وهو ما يعني في المقابل إضعاف محور طريق الداخلة المحتلة- نواذيبو الذي يربط موريتانيا بالمناطق المحتلة من الصحراء الغربية.
وفي ملف الصيد البحري ظل المغرب لسنوات عديدة يطالب موريتانيا بتعزيز مستوى التفاوض مع الاتحاد الأوروبي، والرفع من مستوى الشروط والصرامة قبل توقيع الاتفاقيات؛ حيث كان الأوروبيون يجدون في موريتانيا بديلًا عن المغرب الذي يورطهم في اتفاقيات غير قانونية بادراج المياه الاقليمية للصحراء الغربية المحتلة في اتفاقيات الصيد وتسويق الأسماك وهو ما سبب متاعب للاتحاد الاوروبي.
وفي استقراء لحالة العلاقات الموريتانية المغربية فانه لا توجد مؤشرات ملموسة على تحسن العلاقة بين الرباط ونواكشوط وقيام الأخيرة بتعيين سفير لها في المغرب، كما انه في ظل اعلان البرلمان الموريتاني عن تأسيس لجنة الصداقة الموريتانية-الصحراوية بمشاركة الحزب الحاكم مؤشر ايجابي نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين الموريتانيين والصحراويين.

Contact Form

Name

Email *

Message *