-->

ماهي تداعيات إنضمام المغرب إلى الإتحاد الإفريقي على القضية الصحراوية؟


بقلم البروفيسور: كارلوس رويث ميغيل*.
ترجمة: المحفوظ محمد لمين بشري. لقد تم قبول عضوية المغرب في الإتحاد الإفريقي ليكون العضو رقم 55 في المنظمة، سبق و قمت في هذا المنبر (في شهر يوليو 2016) بتناول قضية التحول الإستراتيجي لسياسة المغرب، إن إنضمام المغرب لمنظمة الإتحاد الإفريقي سيكون له تأثير بدون شك على قضية الصحراء الغربية ، و لكن هل سيكون ذلك التأثير إيجابي أو سلبي؟ بكل تأكيد سوف يكون هنالك تأثير إيجابي و أخر سلبي في نفس الوقت، و لو أنه من الواضح جدا أنه ما دام المغرب طالب بالإنضمام للإتحاد الإفريقي فإن ذلك راجع إلى أنه يعتبر- و قد يكون مصيبا كما قد يكون مخطأ- أن هذا الإنضمام سيعود عليه بالفائدة.1 قضية الصحراء الغربية في إفريقيا:لقد تم تناول القضية الصحراوية على المستوى القاري في إفريقيا من طرف كل من منظمة الوحدة الإفريقية و الإتحاد الإفريقي إلا أن هذا التعاطي لم يكن بصفة متساوية.إذا ما قمنا بتحليل للوثائق المتعلقة بالصحراء الغربية و التي تم المصادقة عليها من طرف منظمة الوحدة الإفريقية نجد أن جمعية رؤساء الدول و الحكومات بمنظمة الوحدة الإفريقية كانت نشطة في قضية الصحراء الغربية خاصة في السنوات من 1975 إلى غاية 1984، في تلك السنوات كان المغرب عضوا في منظمة الوحدة الإفريقية بينما لم تكن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية قد إكتسبت العضوية بعد (دخول الجمهورية الصحراوية كان سنة 1984). في سنة 1984 ينسحب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية و تبقى الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، إلا أن فاعلية عمل منظمة الوحدة الإفريقة تراجعت، على أي حال، فإن الأمم المتحدة قد قامت سنة 1990-1991 بإشراك منظمة الوحدة الإفريقية في مخطط السلام بالصحراء الغربية.في سنة 2002 عندما إختفت منظمة الوحدة الإفريقية و تأسس على أنقاضها الإتحاد الإفريقي، كانت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ضمن الأعضاء المؤسسين، مع بقاء المغرب خارج هذه المنظمة.المنظمة الجديدة، الإتحاد الإفريقي و بالرغم أن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كانت من الأعضاء المؤسسين لها، إلا أنه لم يكن لها في بدايتها الدور الفعال فيما يخص قضية الصحراء الغربية، إذا ما قمنا بتحليل الوثائق الصادرة عن الإتحاد الإفريقي و المتعلقة بالقضية الصحراوية فإنه من الملفت للإنتباه أن نرى أنه و بعد 10 سنوات من تأسيسها يمكننا القول أنه لم يكن هناك أي نشاط للإتحاد الإفريقي بخصوص قضية الصحراء الغربية ، إلا أنه بعد ذلك حدث تحول و بدأ إهتمام كل من المفوضية الإفريقية، مجلس السلم و الأمن، البرلمان الإفريقي و جمعية رؤساء الدول و الحكومات بإفريقيا بدأ إهتمامهم بالقضية الصحراوية يتزايد أكثر.2 المغرب يحاول تخفيض حدة نشاط الإتحاد الإفريقي في قضية الصحراء الغربية:
و في الواقع أنه و بعد مرور أكثر من 30 سنة على 1984 عادت قضية الصحراء الغربية لتشكل دورا محوريا في السياسة القارية لإفريقيا، و هذا بدون أدنى شك يغض مضجع المغرب. عندما تم الإعلان في يوليو 2016 أن المغرب ينوي الدخول إلى الإتحاد الإفريقي كتبت مقالا بتاريخ 16 يوليو 2016 قلت فيه:"...نترك على الهامش قضايا أخرى غير ذي صلة، فإن هذا القرار *قرار المغرب بالإنضمام إلى الإتحاد الإفريقي* ليس له تفسير عدا الإلتزام الكبير و المواقف المتقدمة التي أبان عنها الإتحاد الإفريقي فيما يخص النزاع بالصحراء الغربية في السنتين أو الثلاث سنوات الأخيرة، و ذلك من خلال الإجراءات و مبادرات ظهرت في مقر المنظمة (مثل الحكم البالغ الأهمية الذي صدر يوم 15 أكتوبر 2015 حول عدم شرعية النشاطات الإقتصادية بالصحراء الغربية) فضلا عن دور الإتحاد في الأمم المتحدة حيث أنه في هذه السنة و لأول مرة تم الإستماع إلى الإتحاد الإفريقي في مجلس الأمن حيث قدم الحيث قدم الإتحاد وثيقة في غاية الأهمية.
لقد قام المغرب كالعادة بالؤقوف و تقييم التكاليف، و قد بدى جليا أنه و بقرار طلب الإنضمام إلى الإتحاد الإفريقي فإن نظام المخزن بالمغرب يعاني و يدفع تكاليف هذا البعد عن المنظمة القارية، و عليه فإن الوضعية الحرجة التي تتواجد بها ديبلوماسية المخزن هي التي دفعت به إلى البحث لتلقي أقل الأضرار الممكنة، و هو ما يساوي في الحسابات المخزنية الدخول إلى الإتحاد الإفريقي في أسرع وقت ممكن".
إلا أن المغرب فاجأ الجميع عندما لم يقدم طلبه للإنضمام إلى الإتحاد الإفريقي في قمة كيغالي المنعقدة في يوليو 2016 على الرغم أنه سبق الإعلان عن ذلك ، هذا جعلني أفكر أن الهدف الحقيقي للمغرب لم يكن الإنضمام إلى الإتحاد الإفريقي، بالرغم من ما سبق و قلت أنا شخصيا أسبوعا واحدا قبل ذلك. إن الهجوم المغربي الموجه عن طريق الغابون لديه أهداف غير مشار إليها في الميثاق التأسيسي للإتحاد الإفريقي، و هو ما قادني لأن أكتب بتاريخ 24 يوليو 
2016 :" إن هدف المغرب ليس واحدا من الذين سبق و أن ذكرت سالفا، يبدوا أن هدف المغرب ليس دخول الإتحاد الإفريقي و لا حتى طرد الجمهورية الصحراوية من الإتحاد، هدف المغرب هو تهديم و تفكيك الإتحاد". 
في كل الحالات، و أيما الإحتمالات كان صائبا، فإن الهدف هو وقف نشاط الإتحاد الإفريقي لصالح القضية الصحراوية.
طلب المغرب تم تقديمه رسميا بعد ذلك، بتاريخ 23 سبتمبر 2016.
3 ما هو التأثير المحتمل لدخول المغرب الإتحاد الإفريقي على القضية الصحراوية؟
مما هو جلي أن المغرب دخل إلى الإتحاد الإفريقي من أجل محاولة إضعاف دعم و كفاح الإتحاد الإفريقي إلى جانب قضية الصحراء الغربية، إبتداءا من الأن فإنه ليس من الصعب التكهن أن القرارات الصادرة عن هياكل الإتحاد حول الصحراء الغربية ستكون عرضة لنقاشات قوية، و الذي لا يشكل بالضرورة معطى سلبي بالنسبة للجمهورية الصحراوية.
عطفا على ما سبق، و بغض النظر عن ما إذا كان المغرب سوف ينجح في مسعاه لإضعاف نشاط الإتحاد الإفريقي لصالح القضية الصحراوية، علينا أن نُسلم أن دخول المغرب إلى الإتحاد الإفريقي ستترتب عنه تكاليف باهظة و ذات أهمية بالغة.
أولا، أحب المغرب أو لا فإن إنضمامه إلى الإتحاد الإفريقي هو إعتراف بالجمهورية الصحراوية، و وجب التذكير هنا أن أحد أهم أهداف الإتحاد الإفريقي و الذي تنص عليه المادة الثالثة من البيان التأسيسي يشير إلى : " الدفاع عن سيادة، إستقلال و الوحدة الترابية للدول الأعضاء" .
و عليه فإن المغرب يدخل في منظمة تهدف إلى حماية السيادة، الوحدة الترابية و الإستقلال للجمهورية الصحراوية.
ثانيا، فإن إستراتيجية الديبلوماسية المغربية في محاولة أن تقوم دول أخرى بسحب الإعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية أو أن لا تقوم بالإعتراف بها سوف تتأثر كثيرا بعد قرار المغرب مشاركة الكرسي مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تحت سقف 
منظمة عالمية واحدة.
4 ماذا يريد المغرب من أنضمامه للإتحاد الإفريقي؟
إذا كانت هذه التكاليف التي سبق و ذكرنا كلها واضحة فإن السؤال الذي يبقى مطروحا هو: ما الذي يريده المغرب إذن وراء دخوله إلى منظمة الإتحاد الإفريقي؟ 
هناك من يقول أنه يريد "تجميد" عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية أو حتى طردها من الإتحاد الإفريقي، إلا أنني هنا أؤكد (و منذ شهر يوليو 2016و أنا أؤكد على هذا الموضوع) و هو أنه علينا أن نقرأ الميثاق التأسيسي للإتحاد الإفريقي لكي نتأكد أن هذا الإحتمال غير ممكن لسبب بسيط و هو أن الميثاق لا يرى "بإخراج" عضو من المنظمة.
و لو أنني في وقت ماضي كنت قد قلت –عن طريق الخطأ- أن تعديل الميثاق التأسيسي للإتحاد يتطلب الحصول على الإجماع من أجل تغييره، إلا أن الواقع يقول أنه و بموجب المادة 32.4 من الميثاق التأسيسي و بالرغم أنه يعرض أي تعديلات على الميثاق للمصادقة من طرف "جميع " الدول الأعضاء، إلا أنه يعتبر ساريا أي تعديل في الميثاق عندما يتحصل على مصادقة 2/3 من الدول الأعضاء، و عليه فإنه ما لم يحدث هذا الإحتمال فإن المملكة المغربية ستبقى مرغمة على الإعتراف بالجمهورية الصحراوية.
و حسب وجهة نظري فإن هناك إحتمال أن المغرب و بإستشارة أجنبية يبحث عن تكريس حالة الوضع الراهن و هو حال التقسيم عن طريق الجدار أي الوضع القائم الأن بالصحراء الغربية.
و أبعد من ذلك فإن هذا الإنضمام من طرف المغرب للإتحاد الإفريقي قد يكون الهدف منه البحث عن هدف بعيد جدا قد يكون السماح بالإعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية دون إحراجه بالحاجة إلى القيام بإستفتاء تقرير المصير. 
* كارلوس رويث ميغيل هو أستاذ القانون الدستوري بجامعة سانتياغو دي كومبوستيلا و رئيس مركز الدراسات حول الصحراء الغربية بنفس الجامعة و رئيس تحرير المجلة الإلكترونية Desde el Atlántico. 
لمطالعة المقال من المصدر إضغط على الرابط أدناه:
http://blogs.periodistadigital.com/desdeelatlantico.php/2017/01/30/marruecos-entra-en-la-union-africana-ico

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *