-->

الجبهة و ضرورة المراجعة الفكرية


المراجعات الفكرية تعني من بين معانيها إعادة النظر والإستجابة لتغير حدث في الظروف السياسية و الإجتماعية و الثقافية و حتى الإقتصادية لمجتمع بشري سواء كان مؤسسة او دولة او تكتل من أي نوع كان سياسي أو اقتصادي . هذا التغير قد يكون زماني أو مكاني أو في العادات و التعودات إن صح لي التعبير في ذلك .
التغير الزماني : هو احوال الناس و السياسة و الإقتصاد و العلاقات كما يقول الأستاذ محمد رؤوف محمد و إنتقالها بين نصر و هزيمة و تراجع و ترهل و إنكماش و جمود أيضا .
التغير المكاني : يعني بيئة المؤسسة أو الدولة من حرب و سلم و أنفتاح أو إنغلاق على او عن العالم الخارجي شرقا كان أم غربا شمالا كان أم جنوبا .
التغير في العادات و الثقافات : بعني ان هناك عادات حسنة وعادات سيئية و قد تتغلب إحداهما على الأخرى و الثقافات المكتسبة من ينابيع مختلفة فكرية أيديولوجية شرقية او غربية .
و المراجعات الفكرية عادة تحتاج إلى موقف جرئ و تغيير جذري بالمعنى الإيجابي للكلمة مع إمكانية عدم الإخلال بالمبادئ الأساسية او الثوابت الرئيسية للمؤسسة .
اليوم عندما أريد أن أسقط هذه المراجعات الفكرية على الدولة الصحراوية بقيادة أو معية ممثلها الشرعي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب فهل يجوز مقارنة حركة ثورية بحركة فكرية دينية أو مؤسسة إقتصادية ؟
الجواب هو نعم لأن كل منهم يحمل أهداف و مبادي و أسس يسعى لبسطها ونشرها , كما أن هذه الميادئ تتأثر بعامل الزمان و المكان و الظروف الجيوسياسية و الإقتصادية المحيطة و بالتالي وجب عليها ان تتعامل معها بالتأثر او التأثير .
و إنطلاقا من أن السعي المستمر للتطور و التكيف مع الأحداث أيا كانت تلك الأحداث هو العامل الرئيسي للبقاء و الجمود و الإنكماش و الإنغلاق أيضا عامل محوري في الإندثار و الفناء , فإن المراجعة الفكرية تأخذ مكانتها الطبيعية كضرورة قد تكون ملحة ( حسب الحالة الراهنة الموجودة عليها المؤسسة ) عندما تكون الدولة أو الجبهة في مفترق طرق الوقوف فيه خطير و السير البطئ ممنوع ( الظروف العالمية الراهنة ) و إختيار البدائل يصبح بمثابة إقتناص الفرص في الوقت المناسب.
إن الشجاعة السياسية و العزيمة و الإصرارعلى المضي قدما في تحقيق الغاية الرئيسية هي الأدوات الأساسية التي تحتاجها المراجعة الفكرية مع القليل من الصبر و و الكثير من الإطلاع و الإحاطة بالأهداف المؤدية لذلك . لأن الهدف هو الجسر أو الطريق لتحقيق الغاية التي هي المبدأ السامي و المثل الأعلى .
إن الحديث عن المراجعة الفكرية مرده بالدرجة الأولى بروز ظواهر و إشارات توحي بضبابية أو بهت بريق الغاية التي نشأة من أجلها الجبهة و أو ل هذه الإشارات ظهور جيل كامل منذ وقف إطلاق النار إلى اليوم لم بعد متعلق بالقضية الوطنية ليس لأنه متنكر لها و ليس لأنه غير مؤمن بها و لكن لغياب الأهداف المحفزة على تعزيز ذلك التعلق و تأصيل و تقوية ذلك الإيمان .
إن مايميز الهدف عن الغاية هو قبوله للقياس بتحديد أشهرأو سنوات لبلوغه و الإنطلاقة في هدف جديد و هكذا حتى الوصول للغاية و الشباب الصحراوي اليوم لم يرى و لم يدرك تلك الأهداف التي هي أيضا محفزات للإستمرار و بالتالي العطاء .
و إذا كان الإستقلال التام و الكامل هو الغاية الأسمى فيجب ان لا نعكر صفوها بقبول أي حل كان حتى و إن كان ظاهره يؤدي إليها ( الإستفتاء مثلا ) .
إن الشك و اليقين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجتمعا معا لكن العدو للأسف نجح في جمعهما من خلال ( ثلاث خيارات الإستقلال الإنضمام او الحكم الذاتي).
و من هنا بدأت أول بذور الشك تغرس في نفس الشباب الصحراوي ( كيف يمكن ان نتنازل عن الإستقلال او نساوم عليه بوضع خيارات أخرى بجانبه ) في الوقت الذي أستشهد خيرة شبابنا من أجل الإستقلال التام وحده دون خيارات أخرى.
و قد يكون الحديث عميق نوعا ما و لكن المبدأ بسيط لأننا لسنا حركة دينية قد تتشعب عليها الأمور الفقهية و التشريعية و الشرعية و القانونية و الدستورية و تضيع وسط الحديث و البحث عن خيارات و بدائل لأننا دولة قائمة و غايتها محددة و معروفة فقط يبقى الحديث عن تحديد الأهداف بدقة مع قابلية للقياس و الملموسية و بناء جسور جديدة.
طبعا الموضوع يحتاج إلى نقاش معمق و دراسة إستراتيجية و تغيير بعض الأهداف أو إستبدالها كما أن محطات الجبهة معروفة من خلال مؤتمراتها و لديها الإمكانيات لتحيق ذلك ( أي المراجعة )
لكن قبل كل شي يجب ان ندرك أن أي كيان هو قائم على البشر و خاصة الشباب فإذا أفرغ هذا الكيان من شبابه فما جدوائية بقائه ؟ لذلك يجب ان تكون الأهداف الجديدة تتمحور حول و عن الشباب و عدم تركه على الهامش و ذلك لكي يعيش بالجبهة و للجبهة من أعماقه و بقناعاته.
بقلم: الاستاذي بشاري احمد عبد الرحمن

Contact Form

Name

Email *

Message *