القضيــة الصحراويــة والتثاؤب الأممي ..!!
أسئلة كثيرة معلقة منذ سنوات لدى الشعب الصحراوي وخاصة بعد أن عطل المغرب كل فرص الحل العادل والنهائي ونسف كل أسس ومبادئ جميع المبادرات والتصورات والمساعي الدولية لحل قضية الصحراء الغربية طبقا لقرارات الشرعية الدولية ،حتى تحولت لدى شعبها كل صيغ الطرح المختلفة منذ وقف اطلاق النارالى يافطات تخفي وراءها حقائق مرعبة تتجاوز النيات ، وتصل حد التضليل في أهدافها ومبتغاها. في الإتجاه الأول ندرك أن هناك عيوباً صحراوية متصلة بمسارالتفاوض مع النظام المغربي ، أهمها وقف اطلاق النار،رغم الاسباب والحجج وحتى الظروف الموضوعية التي حتمت ذالك ،إذ واصلت الأصوات رغم ضعف نبرتها ،الهمس بدافع التحذير المبطن حينا والصريح أحيانا من ضرورة وضع حد لهذا الوضع حتى أصبح من يتساءل عن مبررات ذلك الإصرار الصحراوي على المفاوضات ودوافعه ،هل هو العجز عن إيجاد بدائل؟ معتبرة أن مراجعة الماضي والإعتراف بالأخطاء والخطايا هما المقدمة الأولى لأي تحرك لنا و إعادة تصويب الإتجاهات.
ولكن في المقلب الأخر لايزال السجال على أشده بشأن هيبة الامم المتحدة وجدية اشرافها على اتمام مسار تصفية الاستعمار باخر مستعمرة افريقية ولم يعد يخفي الشعب الصحراوي استيائه و خيبته من الدور الذي يصفه البعض بالمحتشم ، في ضوء ما تبديه من تثاؤب واضح حيال حملات التعطيل والتفخيخ ،وكيف تراخت كثييرا امام سلسلة الخطوات المغربية التي عرقلت وأعاقت تطبيق هده القرارات . هي أسئلة متعددة تطرح اليوم بحدة في الوسط الصحراوي بسبب تواضع البعثة الأممية ومحدودية تأثيرها ، في إطار عشرات الاسئلة المشروعة الي تتردد بعد إنتخاب الامين العام الاممي الجديد وتعيين السيد هورست كولر مبعوثا شخصيا له إلى الصحراء الغربية.
ما بات مؤكداً لنا كما هو لغيرنا أن المعضلة التي حالت وتحول دون تطبيق تلك القرارات في حينها لا تزال في العقدة ذاتها ، فالجهد الدولي لا يمنك أن يستقيم ما دام هناك من يعرج وعلى الملأ..!! وبمباركة دولة تدعي حرصها على القانون الدولي أي فرنسا وهي وحدها التي تتفرد بالصوت النشاز،و في التجربة ليس هناك ما يمكن التعويل عليه بخصوص الموقف الفرنسي حتى اللحظة ،بحيث ان التجربة مع الفرنسيين وأفكارهم توضح أن ثمة حاجز نفسي واضح، خلقته على أرض الواقع تراكمات إرث مواقف سياسية متخمة بالكثير من التجني على حق الشعب الصحراوي ومازالت فرنسا تواصل الجري في المضمار الخاطئ، وتتمسك برؤية شاذة عن الأجماع الدولي زادت من مناصبة الصحراويين العداء ..من هنا تكون لتلك الخشية مبرراتها الموضوعية , حيث التجربة المريرة التي عاشه الشعب الصحراوي ومعه العالم تثبت أن نوايا المحتل المغربي لا تتجاوز حدود مخزون الاستهلاك الإعلامي، مستفيدا من حالة التراخي والعجز والشلل التي تواجه مهمة البعثة الأممية ،محاولا في كل مرة أن يعيد فيه اللعب على تناقضات المشهد الدولي بدعم فرنسي مفضوح ، وحين يصبح الأمر بهذه المساومة الرخيصة ،وحتى المبتذلة يحق للكثيرين الغيورين أن تعلو أصواتهم محذرة ومنبهة . وعلى ضوء هذا الحال ،فإن الترحيب بالسيد كولر , لابد أن يقترن بطرح آليات واضحة لإعادة إطلاق عملية السلام بالصحراء الغربية , والالتزام بأسسها ومبادئها , لتجاوز الخيبات الكثيرة التي عاشتها المنطقة ولكي تكون قابلة للتطبيق..
لاشك أن تعين السيد كلر تعكس ان القضية الصحراوية مازات في الإهتمام الدولي بإعتبار الحق لا يزول بالتقادم و يشكل خطوة إيجابية في الإتجاه الصحيح, ولكنها بالتأكيد تحتاج الى خطوات أخرى اهمها الصرامة والجدية ليتحول الموقف إلى فعل وهي خطوات لايزال الصحراويون ينتظروهنا بفارغ الصبر،ويتطلعون إلى التعاطي معها كحقائق تحرك السياسات الفعلية للقوى الدولية الفاعلة وتحديدا أعضاء مجلس الأمن والإتحاد الإفريقي ،ويبقى الرهان الصعب متوقفاً على مدى إلزام المغرب بهذه الآليات ومنع فرنسا من الإستمرار في لغة التسويف والمماطلة التي إعتادتها عبر السنوات الماضية , وربما سيكون ذلك هو الاختبار الأكثر صعوبة لجدية المساعي الاممية ومساحة اهتمامها بحل عادل ونهائي لنزاع الصحراء الغربية طبقا للشرعية الدولية ومن هنا لابد من النظر إلى التعنت المغربي اليوم والموقف الفرنسي ،كخطر محدق بصورة الأمم المتحدة ودورها في تطبيق القانون الدولي وهذا ما نعتقد أنه منوط بالأمين العام للأمم المتحدة الجديد الذي تقتضي مهمته ودوره أن يعيد النظر في الكثير من الاستطالات المرضية التي برزت في عمل بعثة المينورسو فكيف يعقل أن تكون هذه البعثة الوحيدة الاممية التي لا تراقب وضع حقوق الانسان ،حفاظاً على ما تبقى من مصداقية للأمم المتحدة، ومنعاً لتآكل البقية الباقية أو النتف المتناثرة من الثقة بالمنظمة وعملها ودورها
ولأن الصحيح يجب أن يصح أخيراً، فإن سنوات الحرب الستة عشرالماضية واكثرمن ربع قرن من المفاوضات المباشرة والغير مباشرة علمتنا أن لا سبيل إلى تجاوز حق الصحراويين ولي أعناقهم وتزييف إراداتهم مهما طالت معاناتهم ، وما هوثابت و مؤكد بالنسبة لنا ان الامر هو رهان الحياة والوجود نكون أو لانكون وان الشعب الصحراوي له مساحات كبرى وخيارات واسعة لا تقتصر فقط علىى الخيار السلمي ، بل هي أبعد من ذلك بكثير، كما يمتلك أوراقاً يدرك جيداً الحدود والسقوف التي يمكن أن تطالها، وإذا حاولوا تناسيها وتجاهلها، فإنه يعود فقط إلى الهروب الى الامام .ونتمنى ان لا يخطئ السيد كولر الحسابات التي جرّت خلفها المغالطات المغربية و الفرنسية والتي عليها أن تدرك اليوم الأبعاد التي تحكم العلاقة بين نبض الشعب الصحراوي والقرار السياسي لجبهة البوليساريووما راكمت هذه الأخيرة من تجارب قادرة على توظيفها للقطيعة مع الماضي وتضع حدا نهائيا لحسابات تحولت لدى البعض إلى أوهام.
بقلم : لحسن بولسان.