-->

القيادة الصحراوية و سلاح التشويه الشامل


بقلم : سعيد زروال.
تمتلك بعض البلدان أسلحة للدمار الشامل جعلت منها قوة عسكرية يُحسب لها ألف حساب على الصعيد العالمي، بينما يمتلك النظام الصحراوي سلاح من نوع خاص ، يُسمى سلاح التشويه الشامل، وهو سِلاح قادر على تشويه أي مبادرة وشيطنتها في مهدِها ، ولهذا السلاح عدة تجارب مع أبطال أحداث 88 الذين تم تَشويهُهم اثناء الاحداث وبعدها ، و نعتهم بصفات لا يسمح المقام بِذكرها ، ومن المفارقات العجيبة ان نفس ابطال 88 استخدموا سلاح التشويه الشامل ضد شباب 5 مارس الذين طالبوا بإصلاح النظام الصحراوي بعد 23 سنة من أحداث 88.
سلاح التشويه الشامل لا تقف نيرانه عند رموز المؤسسة العسكرية فقد تعرض القائد العسكري السابق أيوب لحبيب لحملة تشويه قادها النظام الصحراوي ، وهي الحملة التي كانت نتائجها كارثية بعد ذهاب أحد أشهر ابطال جيش التحرير الشعبي الصحراوي الى احضان الاحتلال المغربي.
من يشرفون على سلاح التشويه الشامل ، لا يهمهم سمعة القضية الوطنية ولا الدفاع عنها، لان القضية تعرضت للعديد من الهزات ولم يتحرك المشرفون على هذا السلاح، لكن عندما يصل الامر الى أي تهديد لمستقبل نظام “اتهنتيت” فان سلاح التشويه الشامل يصبح في كامل جاهزيته ، و لا يطال هذا السلاح من يعارضون السلطة فقط، بل قد يصل حتى الى رأس السلطة عندما يقترب من الخطوط الحمراء لحلف “الهنتاتة”، وهو ما حدث للرئيس ابراهيم غالي بعد تصريحه الشهير حول خطورة “اتهنتيت” على مؤسسات الدولة الصحراوية ، حيث تعرض لحملة تشويه من قبل المشرفين على سلاح التشويه الشامل، وبقي صامتا الى اليوم ، ولم يعد في استطاعته الادلاء بأي تصريح حول السياسة الداخلية ، و نفس حملة التشويه تكررت مع البرلماني الديه النوشة، وهو أول برلماني يَخوض إعتصاما مفتوحاً داخل بعض المؤسسات التي اتحولت الى مستنقع للفساد.
سلاح التشويه الشامل موجه بالأساس لأي معارضة سياسية ، اما من يدمرون مكتسبات الشعب الصحراوي مثل القبليين والمفسدين والمتمصلحين ومشتقاتهم من الصفاكٌة والتابعين فهم في مأمن من نيران سلاح التشويه الشامل ، لأن المتحكمين في هذا السلاح هم أنفسهم مجرمي الحرب ممن قتلوا الابرياء في سجون الرشيد والذهيبية، والذين استقبلوا جزء كبير من جاليات الجنوب في اقبية السجون السرية فيما عرف بشبكة 82، و نفروا حتى المتعاطفين الموريتانيين مع القضية الصحراوية.
نتائج سلاح التشويه الشامل كانت كارثية على سمعة القضية الوطنية ، فالكثير من الاطارات اختارت اعتزال العمل السياسي خوفا من أن تَطالها نيران سلاح التشويه الشامل الذي يُمارسه اصحابه بحجة الدفاع عن المصلحة الوطنية العلياء، لكنهم تجاهلوا أن اكبر خطر على الوحدة الوطنية هو الممارسات القبلية التي تتم بشكل علني في المؤتمرات الشعبية وصولا الى التعيينات التي تشرف عليها رئاسة الجمهورية.
نيران سلاح التشويه الشامل وصلت حتى الى الفعاليات والرموز الحقوقية في المناطق الصحراوية المحتلة، فاصبحوا بين مطرقة إعلام الاحتلال و نيران سلاح التشويه القادمة من الرابوني عبر مكتب كناريا ، وهو ما فرض على الكثير من الاطارات الحقوقية اعتزال العمل السياسي العلني ، والاكتفاء بالمساندة السرية لرائدة كفاحنا الوطني الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب.
إستطاع النظام الصحراوي السيطرة على الهزات الارتدادية لسلاح التشويه الشامل عام 1988 ، لأنه في ذلك الوقت كان المشهد الاعلامي يتم التحكم فيه من خلال الندوات والمهرجانات ووسائل الاعلام العمومية ، ونجح النظام في عقد ندوات للنقد والنقد الذاتي من أجل توحيد اطراف النظام المتصارعةّ ، لكن اليوم وبعد دخول الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي التي يصعب حتى على البلدان المتطورة مثل أمريكا السيطرة عليها سيصبح من العسير على النظام الصحراوي السيطرة على تداعيات سلاح التشويه الشامل، وسيبرز ذلك جليا في مؤتمر 2019، حينها قد تتكرر تجربة 88 حينما إتهم اعضاء المكتب السياسي اخوانهم في اللجنة التنفيذية بالديكتاتورية وقتل الابرياء في سجون الرشيد والذهيبية، ورد اعضاء اللجنة التنفيذية باتهام اعضاء المكتب السياسي بالعمالة لجهات خارجية.
خطورة سلاح التشويه الشامل لن تَظهر اليوم لكنها قد تَظهر بشكل جلي لا قدر الله في مؤتمر 2019 ، خاصة في حال غياب عنصر الاجماع حول المرشح للأمانة العامة لجبهة البوليساريو ، أو حتى على عضوية الامانة الوطنية، حينها سينقسم المشرفون على سلاح التشويه الشامل ويتخندق كل منهم مع مرشح معين و سيعمل على تصويب نيران التشويه على المرشح المنافس ، و قد يتطلب الامر الاستعانة بالمساعدات الخارجية للحليف من اجل السيطرة على الاضرار التي يخلفها الاستخدام غير العقلاني لسلاح التشويه الشامل، وهو ما يفرض على القائمين على الشأن العام وخاصة رئيس الجمهورية ضرورة إعادة النظر في اسلوب التشويه وتغييره بالحوار البناء ، حتى لا نقدم هدايا مجانية للاحتلال نحن في غنى غنها ، و لتجنب أي كارثة متوقعة في المؤتمر القادم، و أتمنى أن يتخذ الرئيس خطوات عملية في هذا الاطار ، هذا إن سمح له حلف “الهنتاتة” بذلك.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *