لا للتمييز بين الشهداء
على هامش الذكرى الخامسة والاربعين لإعلان الكفاح المسلح ،صوت المجلس الوطني الصحراوي في جلساته بمنطقة التفاريتي المحررة على تعديلات قانون الجمارك،اين تم تخصيص نسبة 30% من العائدات الجمركية لعائلات الشهداء في حين كانت هذه النسبة لا تتجاوز 12% في التعديلات السابقة.
وما يثير الانتباه حول وجود موضوع عائلات الشهداء داخل قانون الجمارك هو غياب مفاهيم الشهادة و الشهيد و عائلة الشهيد في هذا القانون ;فغياب وجود هذا النوع من المفاهيم داخل قانون الجمارك يجعل من السخاء البرلماني لعائلات الشهداء بمنحهم 30% من العائدات الجمركية مبني على العاطفة اكثر منه على الواقع،فكلنا نتعاطف مع هذه الشريحة من المجتمع التي فقدت رجالتها ونرغب في مساعدتها بماهو متاح من امكانيات،ولكن لو عدنا الى تحديد مصطلحات الشهادة و الشهيد و عائلة شهيد سنكون عندئذ امام اشكالات جديدة لو اخذت بعين الاعتبار لتم اخراج التعديلات الجمركية بكل حكمة و روية بعيدا عن جميع اشكال العاطفة و الترويج لغنائم مزعومة وانتصار لفصيل معين داخل البرلمان تجاه قواعده الانتخابية.
واذا عدنا الى تحديد المفاهيم السالفة الذكر سنجد انفسنا في تنافي تام مع واقعنا المرسوم بذهنيات بالية، ذهنيات تعتبر الشهادة والشهداء حكرا على المؤسسة العسكرية فقط والشهيد حسب هذا التصور هو كل من استشهد او توفي اثناء الخدمة العسكرية،وبالتالي فإن السخاء البرلماني موجه فقط لشهداء ووفيات المؤسسة العسكرية فقط،مما يطرح علامة استفهام حول مصير شهداء بقية الميادين,سواء كانت سياسية او دبلوماسية او اعلامية او اجتماعية او ثقافية او اقتصادية...الخ، وموقعم من قانون الجمارك ،وهل هم شهداء ام لا?,وهذه اشكاليات لو انتبه لها ممثلي الشعب قبل واثناء عملية التصويت لتم الاخراج النهائي للتعديلات الجمركية في ابهى حلة بعيدا عن اي تعصب لأية قاعدة انتخابية.
اذن مايعاب على قانون الجمارك في شقه المتعلق بتخصيص نسبة 30% من العائدات الجمركية لفائدة عائلات الشهداء هو إقصاؤه لجميع عائلات الشهداء الذين لم يكونوا ضمن المؤسسة العسكرية،كما ان هنالك عائلات شهداء من المؤسسة العسكرية محرومة من جميع الحقوق ذنبها الوحيد هو ان اولئك الابطال وبعد ان قدموا الغالي والنفيس في الحرب في سبيل الشعب والقضية وبعد وقف اطلاق النار سنة 1991 ذهبوا من اجل البحث عن قوت عيالهم فأخذهم الموت ليتم ادراجهم في قائمة(الغيابات) في تناسي وتغافل تام عن حضورهم في مختلف ملاحم الجيش الصحراوي البطل.
ان موضوع الشهادة والشهداء وعائلاتهم في حاجة الى فتح نقاش وطني جاد من اجل الثورة على الصورة النمطية للشهداء وعائلاتهم،نقاش يتجاوز الحسابات السياسية والمصلحية داخل قبة البرلمان من اجل انصاف عدد كبير من الشهداء المقصيين بالقوة الصورية لقانون الجمارك،فليس من العدل حرمان العريفة الشهيدة و المعلم الشهيد والاعلامي الشهيد والطبيب الشهيد والدبلوماسي الشهيد والمهندس الشهيد والمنمي الشهيد بسبب عدم امتشاقهم للسلاح رغم الخدمات الجليلة التي قدموها لشعبهم وثورتهم.
وبالتالي فالكرة الان في مرمى القيادة السياسية من اجل وضع حد للتلاعب بقضية عائلات الشهداء التي ادى تسيسها الى الكثير من الحيف والجور في حق شهداء الميادين الأخرى وآن الاوان أن ننصف كل المتضررين من ظاهرة التمييز بين الشهداء وان نعطي كل ذي حق حقه.
بقلم الاستاذ: التاقي مولاي ابراهيم
