-->

محمد عبد العزيز .. تجربة ثورية لزعيم ميداني ابحر بسفينة شعبه نحو بر الامان


ليس من السهولة بمكان الاحاطة بكل الجوانب المتعلقة بحياة رجل من حجم الشهيد محمد عبد العزيز، الذي أمضى حياته، مناضلاً من اجل الحرية وكرامة الانسان، وقائدا شجاعاً، استطاع بحنكته السياسية وحكمته وتبصره قيادة جبهة البوليساريو على مدار اربعين سنة، ساعيا الى ترسيخ الاعتراف بها كحركة تحرير تناضل من اجل حقوق الشعب الصحراوي، وتجسيد حلم الصحراويين في بناء الدولة الصحراوية المستقلة على كامل تراب الصحراء الغربية.
خاض معارك التحرير ببسالة وشجاعة الضرغام وسلط سيفه المسلول على الغزاة بلا هوادة، وحينما جنح العدو الغازي للسلام القائم على الاعتراف بالصحراويين وممثلهم الشرعي والوحيد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب رفع غصن الزيتون، دون اعفاء لدور البندقية كخيار استراتيجي حقق للصحراويين اكبر المكاسب السياسية والدبلوماسية خلال فترة الحرب.
استطاع خلال اربعة عقود من الكفاح المتواصل والعمل الدؤوب ان يجعل القضية الصحراوية محل اهتمام بحضورها الدائم ضمن الاجندة الدولية، وتشق طريقها بثبات نحو تحقيق امال وطموحات الشعب الصحراوي، وتزيد من الخناق على الاحتلال وتكشف زيف اباطيله وتفضح تناقضاته ومراوغاته امام العالم.
فانتزع بذلك الاعتراف الوطني والدولي بقدرته كزعيم ثوري ابحر بسفينة الشعب الصحراوي نحو بر الامان، في احلك الظروف واصعب المراحل، متصديا بعزيمة فلاذية للاعاصير التي كانت تختبر قدرته على تجاوز العقبات والاخطار التي ظلت محدقة وتحيكها ايادي الغدر المتربصة بالشعب الصحراوي وحقه في الحرية والاستقلال.
وبالرغم من محدودية التجديد ونسب التشبيب في القيادة السياسية خلال فترة حكمه، إلا ان وجوده على هرم الحركة والدولة شكل عامل استقرار وتوازن في بنية النظام السياسي الصحراوي، إذ كانت قرارته نافذة وتعييناته في مختلف المناصب والمهام الاساسية بالداخل والخارج ملزمة، دون اثر للتمرد او المعارضة السياسية فهو العارف بكل شاردة وواردة في فلك العمل الوطني بمرافقته الدائمة لسيرورته واطلاعه المستمر على كل الحيثيات.
تميز بالفقه العميق للتركيبة الاجتماعية للمجتمع الصحراوي، وكان لتلك المعرفة الدقيقة بصمة في تسيير الشأن العام وتشكيلة المهام والتعيينات التي كان يجريها على هياكل الحركة والدولة.
سعى بكل اخلاص لتحقيق الإجماع حول أهداف ومبادئ الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، كتنظيم وطني جامع لكل الصحراويات والصحراويين، في كل مواقع تواجدهم، من الأرض المحتلة وجنوب المغرب، من مخيمات العزة والكرامة والأراضي المحررة، من الجاليات والمهجر، وكإطار وحيد أوحد، يجسد الوحدة والتلاحم والانسجام، وينبذ كل أشكال الفرقة والتشرذم والانقسام .
يرحل الشهيد محمد عبد العزيز وتبقى ذكراه محفورة في أفئدة الصغار والكبار وفي قلوب الثكالى و اليتامى و الأرامل وليخلد في سجل الخالدين كما خلد من قبله مؤسس الحركة الطليعية لتحرير الصحراء الفقيد سيد ابراهيم بصيري ومفجر ثورة العشرين ماي المفكر، الشهيد الولي مصطفى السيد وقوافل الشهداء الذين قدموا ارواحهم الطاهرة والزكية دفاعاً عن حق شعبهم في الحرية والاستقلال، وجسدوا المثال الحي للوفاء لقضية شعب لايزال ينتظر من قياداته بذل المزيد من العطاء ونكران الذات والسخاء بالروح والدم لخدمة الجماهير والمبادئ النبيلة التي ناضل ولا يزال من اجلها شعب يقاوم، ويناضل من اجل انهاء مأساة العيش في الملاجئ والشتات، ليحقق حلم الصحراويين في وطن حر على كامل تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. 
وكان رحمه الله يقول بكل يقين إن كل سياسات العدو ودسائسه وتعنته لا يمكن أن تقف في وجه إرادة شعب مظلوم، مؤمن بقضيته، متشبث بحقوقه، ملتزم بواجباته، متمسك بالوحدة الوطنية، وملتف حول رائدة كفاحه وممثله الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب 
وان مرور كل هذه السنين من صمود الصحراويات والصحراويين امام سياسات الابادة الحقيقية وتصديهم لمؤامرات الاحتلال لهو دليل قاطع ونهائي على انه لابديل عن النصر ولا حل إلا بالدولة الصحراوية المستقلة .

Contact Form

Name

Email *

Message *