العزوف عن الزواج و الإستراتيجية الوطنية للتكاثر.
#المقال_رقم_20
بقلم : محمد سالم حمة عبدالله
Mohamedsalem Hamma
العزوف عن الزواج و الإستراتيجية الوطنية للتكاثر.
تقاس الشعوب بقوتها البشرية أين يكون بإمكانها مواجهة كافة التحديات من خلال الإستغلال الأمثل لتلك الموارد البشرية التي يتم توظيفها في شتى ميادين الحياة الإجتماعية و هو ما ينعكس إيجابا على مستوى تقدم تلك الشعوب إذا تم إستثمار العامل البشري و رسم الخطط و الإستراتيجيات الكفيلة بضمان الإزدهار و تحقيق الرقي للمجتمع ، كما أن الشريعة الإسلامية أكدت لنا على ضرورة التكاثر لما فيه من إيجابيات و جعلته عبادة من العبادات التي كلف العبد بالقيام بها كل ما إستطاع لها سبيلا و قدرة مادية و لاشك أن الدولة الصحراوية وضعت عدة برامج وطنية من شأنها أن تساهم في التحسيس بأهمية التكاثر و ضرورة تشجيع الزواج و الإزديادات و هو يدفعنا إلى البحث في مدى فعالية ذلك في المجتمع الصحراوي؟ و ماهي إنعكاسات العزوف عن الزواج ؟
الزواج علاقة أسرية و الأسرة هي نواة للمجتمع و تعريفه في الشريعة الإسلامية أنه عقد شرعي بشروط و كيفية معينتين و بموجبه يحل الزواج شرعا.
و شرع الإسلام الزواج و حث عليه في الكتاب و السنة النبوية و قال الرسول صلى الله عليه و سلم( يامعشر الشباب من إستطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر و أحصن للفرج) و تكمن أهمية الزواج في عدة جوانب نركز على جوانب منها كصيانة الأعراض و زرع قيم التعايش و الحفاظ على الشباب من الإنحراف و ضمان للحقوق و تجنب لأي جرائم كالإغتصاب و غيرها من الظواهر الخطيرة التي يمكن أن تساهم في نشر الرذيلة و كذا الحفاظ على تماسك المجتمع ، من هنا فإن الدولة الصحراوية من خلال البرامج المختلفة أكدت على ضرورة تشجيع الزواج و محاربة العزوف بشتى الطرق و الوسائل فعملت على وضع جملة من الإجراءات في السنوات الأخيرة بعد تفشيء ظاهرة غلاء المهور و البذخ في المناسبات و أصبح هناك تراجع كبير لمعدل الزواج و في نفس الوقت زيادة نسب الطلاق فوجد الشباب نفسه مجبرا بأي حال من الأحوال في ولوج عالم الجريمة و تجار المخدرات و السرقة و غيرها من الطرق الغير شرعية، غير أن هذه الظاهرة شكلت سلوكا خطيرا و أصبحت حديث العام و الخاص و المشكل هو تبني و تستر البعض عليها خصوصا عندما يتم قبولها و التعاطي معاها دون محاربتها، فبالرغم من جل تلك المحاولات التي قامت بها الدولة في وقف نزيف تلك الظواهر التي بدون شك سعى العدو المغربي إلى جعلها سلاح من أسلحة المواجهة و إستهداف الشباب بإعتباره وقود الثورة و ذخر الأمة و نبضها و هو ما عاد سلبا من خلال ظاهرة العزوف عن الزواج و الحقيقي في الأمر أن تلك الإجراءات التي إتخذتها الدولة لم يكن لها الأثر القوي بسبب عدم تعاطي المجتمع معها بالشكل المطلوب و المشكل لدينا هو ثقافة التقليد في المناسابات أين يكون من الضروريات على أي شاب يفكر في الزواج أن يأتي بمثل ما أتى به من سبقه و في ظل هذا المشهد السلبي و عدم وجود حلول عملية تعود بمردود مثمر من قبيل سياسات الشباب و غياب الرغبة من القضاء على الظاهرة أو معالجتها نسبيا يبقى الشباب رهين العزوف بحكم الواقع و ما فيه من متطلبات يعجز عن تلبيتها أو بالأحرى القدرة عليها .
إن العزوف عن الزواج في مجتمعنا ليس فقط مشكلا إجتماعيا بقدر ماهو مشكل أبعد من ذلك خاصة و نحن في معركة كفاح وطني تقتضي منا جميعا أن نكون أكثر تعقل و تبصر لما يخدم الأهداف و المصلحة الوطنية و أن نفكر في بناء دولة قوية و مؤسسات يوجد بها مئات الالاف من مثقفين في ميادين مختلفة هم نتاج تشجيع فعلي لسياسة وطنية واضحة لتحقيق ذلك المسعى و من أجل شعار "التكاثر لبناء الوطن و مستقبل الشعب الصحراوي"
و أن نتخلى عن تلك الجزئيات من قبيل الحرية و الظروف تختلف و ...الخ من المبررات التي يراه البعض سببا وجيها لهذا المشكل لأننا ولدنا من رحم المعاناة و التضحيات و هذا هو أساس كل شيء و كل ما حققنا الهدف و زرعنا تلك القيم فإن الأمور الأخرى تأتي مع الوقت و نؤكد أن أي إرادة نحو المعالجة يجب أن تكون صادقة و جدية و عملية و تراعي تحقيق المصلحة الوطنية.