-->

الائتلاف الحكومي بالمغرب.. أزمات متتالية تنبئ بانفراط العقد


يعاني الائتلاف الحكومي في المغرب -منذ تشكيله مارس/آذار 2017- من أزمات متتالية، تنبئ بانفراط عقده في أية لحظة، لا سيما طرفيه القويين حزبي العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي) والتجمع الوطني للأحرار.
وتباينت توصيفات الأزمة الراهنة، غير أنها لم تخرج عن وصف التصدع أو غياب التماسك، وبدت الأزمة جلية عقب تصويت أحزاب الائتلاف الحاكم جميعها -باستثناء حزبيْ العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية (يسار)- على مرشح المعارضة بانتخابات رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقبلها عدم الاتفاق على مرشح موحد.
وانتخب حكيم بنشماس الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة (أكبر أحزاب المعارضة) للمرة الثانية رئيسا جديدا لمجلس المستشارين بحصوله على 63 صوتا من أصل 91، مقابل 19 صوتا لمنافسه نبيل شيخي المنتمي لحزب العدالة والتنمية.
ويضم الائتلاف -إضافة إلى حزب العدالة والتنمية (125 نائبا من أصل 395 بالبرلمان)- التجمع الوطني للأحرار (37 مقعدا) والحركة الشعبية (27 مقعدا) والاتحاد الاشتراكي (20 مقعدا) والاتحاد الدستوري (19 مقعدا) والتقدم والاشتراكي (12 مقعدا).
وقبل أزمة انتخاب رئيس مجلس المستشارين، توترت العلاقة بين كفتي ميزان الحكومة ممثلين بحزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار برئاسة عزيز أخنوش ووزير الفلاحة والصيد البحري، على خلفية تصريحات لرشيد الطالبي العلمي وزير الشباب والرياضة. واعتبرت تلك التصريحات بمثابة اتهامات خطيرة بحق حزب العدالة والتنمية قائد الائتلاف الحكومي.
ووصف الطالبي العلمي -وهو أيضا قيادي بالتجمع الوطني للأحرار- مشروع حزب العدالة والتنمية بـالدخيل، معتبرا أن هذا الحزب يريد تخريب البلاد ليسهل عليه وضع يده عليها. ولكن سليمان العمراني النائب الأول للأمين العام لحزب العدالة والتنمية انتقد تصريحات العلمي، ووصفها بـالخطيرة والمسيئة وغير المقبولة التي تنتهك بشكل سافر ميثاق الأغلبية الذي وقعته أحزاب الائتلاف الحكومي في 19 فبراير/شباط الماضي، ويشكل مرجعية لعمل الحكومة.
ورغم الأزمات المتتالية، نفى العثماني أكثر من مرة حدوث أزمة بين أحزاب الائتلاف الحكومي، آخرها ما قاله في 12 أكتوبر/تشرين الأول -أمام فريقي حزبه بغرفتي البرلمان- حين أكد أن لا خوف على الأغلبية الحكومية (الائتلاف) ووقوع خلافات واختلافات بالرأي مسألة طبيعية.
تناقضات الحكومة
وقال الكاتب والمحلل السياسي سلمان بونعمان إن الحكومة لا تخرج من أزمة إلا لتدخل في أخرى لكونها هجينة وتشهد تناقضات بين مكوناتها. وأضاف -في حديث للأناضول- أن حكومة العثماني ظلت طيلة سنة ونصف السنة بدون بوصلة وتعيش على إيقاع التناقضات بين مكوناتها والإرهاصات التي سبقت تشكيلها.
وتشكلت حكومة العثماني، بعد شهور من مفاوضات عسيرة قادها رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران منذ تكليفه بتشكيل حكومته الثانية إثر فوز حزبه بالمركز الأول بالانتخابات التشريعية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وتتشكل الحكومة من 39 وزيرا وكاتب دولة ينتمون لستة أحزاب ومستقلين، بينها حزب الاتحاد الاشتراكي (يسار) الذي رفض بنكيران ضمه للائتلاف الحكومي موضحا أن استمرار تناقضات الأغلبية الحكومية يضع مسألة استكمال ولايتها على المحك، ومشددا على أن الائتلاف الحكومي مطالب بالالتزام بميثاقه كمرجع في تدبير خلافاته وتجنب الخوض بالقضايا الخلافية.
ويعتبر عبد الحفيظ اليونسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول في سطات (وسط) أن الحكومة المغربية متماسكة فقط بالخطاب أما الممارسة فشيء آخر، وأشار إلى أن المتتبع لسير الحكومة يلاحظ عملية إنهاك حزب العدالة والتنمية والنيل من شعبيته وإحداث تصادم بينه وبين بعض الجهات بالدولة مستمرة.
وقال اليونسي إن الحكومة المغربية ستستمر لكن في سياق سياسي يغلب عليه الإعداد للانتخابات من خلال آليتين متناغمتين، الأولى تتعلق بإعادة النظر في نمط الاقتراع من اللائحي إلى الفردي، والثانية تهم حشد الأعيان واستغلال السياسات العمومية لخلق ولاءات تصويتية مستقبلا.
وأضاف "إننا أمام حكومة منصبة دستوريا تشتغل دون روح، جسدها في التدبير وعقلها في عام 2021" وأن عملية التصويت لاختيار رئيس مجلس المستشارين استمرار للإطار العام السياسي الذي تم وضعه بعد ما يعرف في المملكة بـ "البلوكاج" (فرملة/انسداد) وهي حالة أطلقها الشارع السياسي عند تعثر ولادة حكومة بنكيران الثانية.
وقال اليونسي إن شعار الإطار العام هو تدخل الدولة لإحداث التوازن بالمشهد السياسي من وجهة نظرها، لكن في العمق هو تحكم بالعملية السياسية ومخرجاتها، ومحاولة للعودة لإرادة تريد العودة إلى ما قبل 2011، من دون توجيه اتهامات لأحد بعينه.
تجدر الاشارة الى ان الاحزاب في المغرب مجرد مساحيق عن التعددية في جلباب ملكية استبدادية يحكمها ملك بسلطات مطلقة ويستحوذ على الملك والثروة.
المصدر : وكالة الأناضول,الجزيرة

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *