-->

« عُذْرًا ياوطن »


بقلم الاعلامية : الخديج عبد الجليل
يمضي العام تلو الآخر ويكبر فينا حلم العودة الى ارض الاجداد الذين هُجِّروا ظُلما وعداوناً من وطنهم الام حاملين معاناتهم ووآلامهم وجروحٌ لم تندمل لأكثر من اربعين سنة ولن تندمل إلا بنهضة وطنية تُستنفر فيها كل الضمائر الوطنية وتستيقظ وتُدرك ان لاشيئ اجمل واسمى واعظم من العيش في وطن حر مستقل وهو مالم نصله الى حد الساعة ، الامر الذي يجعلنا أمام اشنع اختبار لوطنيتنا ونضالنا ومدى إخلاصنا وتطبيقنا للعهد والوعد وما الذي قدمناه في سبيل الوطن وما الواجب علينا تقديمه تُجاه جريح رُغم صبره ماعاد يتحمل المزيد من التشرد والتشتت والتفرقة بين ابناءه لذلك نجد انفسنا امامك ايها الوطن عاجزين ليس عن معرفة السبب وإدراكه وتفسيره وإنما تبين بأننا لانملك الجرأة الكافية لمكافحته ونبذه واستنكاره ، عاجزين على ان نبرز اهله كشواذٍ للقضية أو نصفهم باالمارقين والواقفين امام تحقيق حلم شعب بأكمله، فنلتمسك العذر ايها الجريح ونعي جيدا بأنك تحملت صعوبات جسام ، تحملت مراحل مختلفة وكابدت ألام ومعانات ليست بالخفيفة ، اثقلنا كاهلنا بمشاكلنا ومشاغلنا ونسينا للحظة انك انت المتألم الجريح وانت من قدمت الكثير من ابنائك شهداءا ، نصول ونجول وانت باق في مكانك تنتظر قاطرة التحرير ، وعدناك مثلما عاهدنا ابناءك بأن نصرك قادم ولازلنا لم نفي بالوعد بعد ، لم نحقق حلم العودة إليك وانت حر خالي من كل منافق وخائن وظالم وغاز ومحتل ، لازلنا لم ندرك بعد معنى الوطن ، معنى ان نعيش في حضن وطن حر وكريم ، معنى ان نعيش مقسمين مشتتين ومشردين بين اللجوء والغربة والاحتلال ، معنى ان نكون احرارا وموحدين ومعنى ايضا ثمن الحرية ، لا زلنا لم نقدم للوطن مايستحق ، علينا ان نعيد النظر في ادبيات النضال واسلوب المقاومة واخلاقيات القيم والمبدأ كي نضع الوطن في مكانه الحقيقي وتتضح ملامحه وملامح حريته بكل شفافية ، ولأجل ذلك علينا ان نغدقه وفاءا وإخلاصا وننبذ بكل جرأة ومسؤولية وإلتزام من لايحبه ومن لايريد له الخير وان نضع مصفاة وميزان للخونة والمندسين بيننا الذين لايردونا لمشروعنا الوصول ، والذين ارادوا كسر جماح المقاومة فينا ، اولئك المجرمين عشاق الخيانة ، القابضين على حساب نسائنا واطفالنا والمتاجرين بمعانات شعبنا وهنا الحديث عن الضفتين .

عذرا ياشهيد فمازلنا لم نسلك طريقك النظيف بعد ، تهنا وتاه الوطن في زحمة الانتظار ولكن مامللنا وأملنا ان نُزف عرائس في سبيل حرية الوطن وواهم من ظن أن الحرية تُعطى او تُمنح وقد خاب .
عذرا ايها الجريح لم ننصفك بعد ولا زلنا بأفعالنا المشينة غير قادرين على تقدير وتثمين عطائك وتضحيتك في سبيل ان ننعم بالكرامة .
عذرا ايها المعتقل فمنك يعترينا الخجل وحين نفكر في اوضاعك وظروفك وماتعانيه من اجلنا يختلجنا شعور شنيع لاوصف له ، لاحد له وسيبقى بمثابة الشرخ في صدورنا إلا إذا إرتقينا الى منزلتكم ومنزلة الابطال الاوفياء مثلك .
عذرا يارواد الانتفاضة ياواجهة النضال ورمز المقاومة والتحدي يامن تقدمون انفسكم كمشاريع شهداء بصدوركم العارية وعزيمتكم الصلبة ومعنوياتكم العالية وقناعتكم الثابتة ، عذارا إن لم نتعلم من الدروس والعبر التي تقدمونها ، عذرا إن لم نحذو حذكم في النضال واسلوبه الحضاري الراقي ، عذرا لصمودكم رغم ماتواجهونه من قمع وتنكيل وتعذيب وتهديد واستفزاز وتبقى الشهادة فيكم مجروحة والقلم عاجز عن وصف الاعتداء وسحل النساء واغتصابهم .

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *