-->

قضية الصحراء الغربية : الاستقلال هو الحل .


ولدت أجيال بالمنفى والملاجئ ،وترعرعت نظيراتها من نفس الشعب تحت رموز السيادة الاستعمارية المغربية زهاء نصف قرن من الزمن دون أن تتخلى عن حلم الآباء والأجداد في استكمال سيادة غير منقوصة في ربوع الوطن الصحراوي .
هذا الحلم الذي تحول الي قناعات تغذيها دماء وشعارات لم تبلى وممارسات رسمت للتضحيات الباهظة من المعاناة والدموع في كنف من الجلد والمقاومة بكل أشكالها...انه استهلال يختصر توصيفا لحالة الإنسان المصر على استكمال تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ضمن منظومة قيميه متكاملة من التعبئة والتجنيد وتجيش المشاعر الي التأطير والتدريب والبناء المؤسساتي ، بل والتدافع القتالي في ساحات الوغى لتحقيق الدولة الصحراوية كغاية الكبرى برعاية جبهة البوليساريو الحاضنة الريادية للتنظير المقرون بالفعل النضالي . ومن هنأ كان للتاريخ موعد مع الإنسان ليشهد العالم على ما استقرت عليه بوصلة نضالاته . وعلى هذا العالم ان يدرك أن ذاك كان بمثابت تقرير المصير نهائي ...
حرب لا هوادة فيها ,واقتحام لمختلف ساحات الفعل بسلاح الارادة والإرادة وحدها كانت تدك حصون العدو وتتهاوى قلاعه ... حتى اضحى الحلم حقيقة ماثلة وواقع مجسد تتوارى امامه كل توقعات كهنة الوهم ونظريات التآمر وأحلام الصائلين ...
وعندما حدثت النقلة وتبلورت معطيات الحضور ازداد الايمان بعدالة القضية ،وكبر التشبث بالأهداف على امتداد مواقع التواجد الصحراوي ... وهنأ اصبح اليقين لا يقبل الشك : الدولة الصحراوية حقيقة لا رجعة فيها ,وعامل استقرار في المنطقة .
معطيان سيلقيان بظلالهما على ما هو اتي من تداخل جيوسياسي مع منطق المنافع على مستويات مختلفة ( على مستوى الذات ,والمحيط ) مما ايقظ ملكات التوجس والاستشراف للتجاوز الاهتمامات الدوائر الاقليمية والقارية الي الدولية .هذه الاخيرة التي نادت بضرورة الاحتكام الي المشروعية. 
وابتغاء للاستماع للغة العقل والانخراط في ركب السلام .تم التعاطي مع المساعي الدولية من خلال مسلسل يروم ترتيب مشهد السلام وفق الشرعية الدولية المحصنة بترسانة من القرارات وارمدة من التوصيات التي تصب في مجملها في تقديس تقرير المصير كمبدأ معرف بنصوص قانونية لا تقبل التحريف ... لقد كان هدا تنازلا مزلزلا بالنسبة لشعب تجاوز اكبر العقبات على طريق انجاز مشروع الاستقلال الوطني. ليجد نفسه في اتون مشروع خيارات قد يكون الاستقلال احداها الي جانب نقيضه تماما .
اقحم المقاتل الثائر في قلب معركة جديدة تدور رحاها في الدهاليز بأسلحة مختلفة تحكمها الفاصلة ودقة المصطلح وتأويلات النص ,بإسناد من مخزون المقايضات بالمنافح والمواقف ... صحيح انها متاهة لم يكن التحرك بداخلها بالأمر الهين . لكن في المقابل كان لعبقرية الصحراوي حضورا لا يمكن المزايدة عليه . إلا ان قيم الانضباط الصارمة المتشبع بها من مخزون الجبهة الثورية بالنسبة للمفاوض الصحراوي غيبت جانب شغب الذي كان ضروريا لإحداث بعض التوازن على الطاولة ... فالتخلي الكلي عن مظاهر العمل المسلح والتلويح بالمزاوجة بينه والتفاوض نتج عنه شغبا متزايد لدى الطرف الاخر وتفكيك بنود المسلسل الاصلي للسلام ودس شياطين العرقلة في جزئيات وتفاصيل المفكك منه. لتمطيط المراحل والرهان على عامل الزمن في عنفوان الروح المقاتلة الثورية , وكذا لإضفاء صبغة لتقادم والتجاوز على روح المسلسل واستبدالها بالواقعية على الارض . عوامل ستستغل في جعجعة الرحى الاعلامية ليقتات منها في علاقات متشعبة كالاستمرار في نهب الثروات ومحاذير الامن والهجرة والتي هي اقناع او توريط مدروس لأكثر من شريك .
ومع كثرت المتدخلين وتناوب الامناء العامين للأمم المتحدة وتغيير المبعوثون في ظل متغيرات متسارعة على اكثر من صعيد ,ظن العدو انه اصبح يمتلك رصيدا يراهن به لإحداث الطفرة خصوصا بعدما عمل بمساعدة حلفائه على شطب الاستفتاء من ادبيات ونصوص التوصيات والقرارات الاممية .
بالمقابل ادارت الجبهة معركتها المصاحبة للمساعي الانفة الذكر بالرهان على مقومات ذاتية كامنة بالإنسان الصحراوي وشرعية مطالبه . اشياء ضايقت العدو وسببت له احراجا حقيقيا كالاستمرار في بناء مؤسسات الدولة وتنويع اساليب المقاومة السلمية من داخل الارض المحتلة ,والتوفيق في فتح جبهة المحاكم الاوربية في ملف الثروات والاستمرار في الانتشار بمفارز محملة بخطاب الاقناع تتغلغل في المجتمعات المدنية والأحزاب والامميات والمنتديات الدولية . ومزاحمة العدو واثبات لوجود من داخل الاتحاد الافريقي وفي قمم ومنتديات الشركاء . كل هذه العوامل هي مفردات خطاب مركب استطاع ان يحافظ على الاستمرار في التنصيص على فقرة واحدة في كل القرارات (حل مقبول من لدن الإطراف يضمن حق شعب الصحراء في تقرير المصير. وفق مقتضيات الشرعية الدولية ).
الا ان محاولة لي اعناق المفاهيم وتأويل المصطلحات تنبئي بنوايا مبيته تخفي وراءها مشجعين بل وحماة للتملص من الالتزامات والعودة الي مربع البداية . مما يستلزم التوثب السريع للمفاوض الصحراوي والعودة الي النص الحقيقي الذي شكل المنطلق للنضال والكفاح . انه الاستقلال وطرحه على الطاولة من جديد كحل ومبتغى وهدف يتماشى والإرادة الدولية الطامحة الي استتباب الامن وصيانة حق الشعوب في تقرير مصائرها . وبهذا نكون قد اقحمنا عنصر الشغب الضروري الذي تجاوزناه منذ بداية التعاطي مع العدو في اروقة الامم المتحدة وعلى طاولات الحوار والتفاوض . طبعا مع ما يستلزم ذلك التحضير والتعبئة للعنصر الصحراوي. وبالقدر نفسه بعث رسائل التطمئينات بحسن الجوار وتفعيل علاقات المنافع المتبادلة .
محمد لغظف عوة .

Contact Form

Name

Email *

Message *