-->

شذرات من ظلام التاريخ … سكينة منت خنيبيلة إحدى الناجيات من مأساة ام دريكة في شهادتها عن مأساة الحدث


ام أدريگة…فجيعة تأبى النسيان…

يقول الشهيد الرمز الولي مصطفى السيد في خطابه الشهير عقب مأساة أم ادريگة : ” بإسمكم و بمناسبة إحتفال القوة الذاتية للشعب العربي الصحراوي في إنقاذ ارواح سكان أم ادريگة من قنابل النابالم ، و التي حددها الأخ مسؤول القسمة الرابعة بالناحية الثالثة بالجيش الوطني الشعبي الاخ العياشي تحديداً حقيقياً و اسماها قنابل “رجعية إمبريالية ” من نوع النابالم ،طبعاً نحن نجحنا في إنقاذ الكثير ليس الكل و لكن الفضل يعود …،عندما وجدنا الفتاة التي بترت يدها لم تتحدث عن إصابتها بل تحدثت عن إرادتها و اسرتها في الحياة في وطنها كريمة مرفوعة الرأس ،و نجحنا ايضا لاننا وجدنا إمرأة مصابة ثلاثة إصابات و لم تتحدث ابداً من منطق ضعف ،كانت تتحدث بمنطق الإرادة القوية إرادة الحياة و تقصد بالحياة حياة الناس التي يجب ان تكون حرة كريمة …”
في هذه المقابلة تتحدث الام المناضلة سكينة خنيبيلة عن إرادة الشعب الصحراوي في الحياة في وطنه كريما مرفوع الرأس، و هي الإرادة الشعبية التى تحدث عنها شهيد الحرية والكرامة الولى مصطفى السيد في خطابة بعد الحدث، و اليوم بعد 44 سنة لم تتزحزح ارادة الشعب العربي المسلم في الساقية الحمراء ووادي الذهب.
– أنا سكينة منت خنيبيلة، أقطن حاليا في دائرة تينيكير ولاية الداخلة …. مع قرب الاجتياح المغربي نزحنا (انطلقنا) من منطقة “العرگوب” كغيرنا من الصحراويون الذين فروا حفاة وعلى عجل من مختلف مناطق الصحراء الغربية _بفعل الإجتياح الهمجي المغربي الغادر _بحثا عن سكينة أنتزعت وأمن أختطفه جيش الغزاة الهمجي .
عقب سماعنا لما أرتكبه الجيش المغربي من جرائم وإنتهاكات في المدن والمناطق التي أجتاحها في شمال بلادنا، توجهنا الى منطقة “أگطيان”، ومنها نزحنا الى منطقة بها مرتفع “رجم” يسمى شعبيا ب “العطف” ويقال أن ذلك “الرجم” سمي على رجل صحراوي معروف عند سكان منطقة تيرس، التحق بنا عدد كبير من النازحين الصحرايين من مختلف المناطق من الجنوب وخاصة الداخلة وتشلة والعرقوب وغيرها… أغلبهم من النساء والاطفال والشيوخ…وقلة من الرجال الذين يتولون تأمين تنقلاتنا ويسهرون على توفير المأكل والمشرب للنازحين.
– مكثنا ب”العطف” يوما كاملا بليلتة ونهاره، ثم بعدها توجهنا إلى وادي “تبليت” ومكثنا ليلة هناك، وهو مكان قرب منطقة “بير أنزران”، ومع ساعات الليل الأولى من تلك الليلة الباردة سمعنا أصوات الطيران الحربي المغربي تحوم في الأجواء، ومن أخر ساعات الليل إلى صباح اليوم الموالي تواصل فرار النازحين من منطقة “واد تبليت” صوب منطقة “أم ادريگة”، وفيها أستقر بنا الحال لمدة.
– أكملنا شهرا كاملا بمنطقة أم أدريگة، وفي زوال اليوم الأول من الشهر الثاني لوجودنا في “أم ادريكة”، وفي حوالي الساعة الحادي عشر صباحا من ذلك اليوم المخيف المفزع، وفي وقت كان فيه النازحون متفرقون بين الأودية والشعاب وبعضهم عند مكان توزيع المياه الذي يضم حاويات تخزين المياه “البريگ”، وبعض الأطفال عند أشجار “الطلح” يلهون والتي تقع شمال المخيم، وفي تلك الأجواء المريبة، كسرت ذلك الهدو أصوات الطائرات الحربية المغربية، فأنتشر الرعب والهلع وفر الجميع إلى مختلف الإتجاهات بحثا عن مخبأ يقيه حمم البغض الاسود والكراهية العمياء وقنابل الإبادة الجماعية، وكالبرق قصفت الطائرات مركز تجمع المخيم (بلد بقعة لفريگ أقبال قرب السدرات لكبرات)، وأشتعلت النيرن في كل الإتجاهات وشبت الحرائق في الخيم المتهالكة وأشجار الطلح وفي الحاجيات التي كان اللاجئون يستعينون بها لمواجهة ظروفهم القاسية.
– أفترق النازحون بنسائهم وأطفالهم الأبرياء العزل في كل الاتجاهات، وبعضهم فر الى المرتفع ” الكدية”، وأثناء هروبنا نحن إلى المرتفع (الكدية) أسترحنا قليلا نظرا لوجود والدنا معنا وهو شيخ كبير وضغيف، ونحن جالسون قرب المرتفع (الكدية) جاءنا رجل يحمل زوينانة منت أبوه ولد محمد وهي تنزف وقد قطع ذراعها، ثم ذهب بها ذلك الرجل إلى مجموعة من الجرحى متواجدين قرب “سدرة”، وفي المجموعة وأم زوينانة، وقد أستشهدت أمها فيما بعد بفعل القصف الوحشي، وفي تلك الأوقات العصيبة تصاعدت اعمدت الدخان من كل جانب وأنتشر الصياح والدماء وروائح الحرائق، وهام اللاجئون الأبرياء على وجوههم في كل مكان.
– وبعد هدوء لوقت وجيز أغارت الطائرات المغربية من جديد، وهذه المرة أستهدفت المستوصف الطبي بقصف مباشر، وكانت فيه الشائعة منت أحمد زين وأمباركة منت احمد زين، وقد أصيبتا إصابات بليغة، فالشائعة أصابها القصف في بطنها وسقط الجنين وهو لم يكتمل، أما أختها فقد قطع ذراعها.
في تلك اللحظات زاد الهلع والخوف وتفرق النازخون العزل بين الشعاب وفي كل واد هائمون ، حتى إن بعض النسوة من شدة الخوف والإرتباك تركن أبنائهن خلفهن.
– وعائلتنا نحن فقدنا إبنتا زوليخة لثلاثة أيام، وقد ظننا أنها قد فقدت إلى الأبد، إلا أنها وبفضل الله ولطفه قد ألتقت وهي هاربة من القصف نحو المجهول التقت بنازحين صحراويين قرب منطقة “أم أدريگة” وأحتضنوها.
– نقل منظمو المخيم النازحون بحثا عن أماكن أكثر أمنا، وأثناء هربنا بحثا عن ملجأ، ألتقينا بنازخين كثر هم بين إصابات بليغة ووفايات وخوف وهلع، وكان منهم أميتي أم أمادو وإبنتها وهن جريحات في القصف، أميتي توفيت في السنوات الأخيرة، بينما توفيت إبنتها مدة قليلة بعد ذلك القصف الهمجي بسبب النزيف الذي خلفته إصابتها المباشرة أثناء غارات الطائرات المغربية على “أم ادريگة”.
– ومن مشاهد الهلع التي شاهدتها بعيني وظلت محفورة في ذاكرتي، مشهد بقاء إمرأة وقد جاءها المخاض وحيدة تحت “سدرة”، بعد أن هرب عنها الجميع.
– وبعد هدوء القصف تم جمع كل الجرحى ومحاولة إسعافهم بما توفر من إمكانيات قليلة جدا.
– بعدها بقليل تم قصف تجمع أخر للاجئين، وفر النازحون الأبرياء في كل الاتجاهات، ومنهم من وجد بعدها قرب منطقة “أگليبات الفولة”.
-وفي مخيم ثالث، وفي وقت كان فيه المخيم يعيش في سكينة تسبق العاصفة، والفارين من جحيم الاحتلال يشاركون في عرس أحد أبناء مخيمهم المؤقت، حلقت طائرات الجيش المغربي الهمجي وأغارت قرب تجمع اللاجئين، ضمن مخيم أطلق عليه ” لفريگ الگبلي”، وهو الواقع إلى الجنوب من المخيم الرئيسي ب”أم ادريگة”، ويضمن النازحين الذين فروا (الانطلاقة) من منطقة أوسرد ، لحظات قليلة ثم عاودت الطائرات المغربية الكرة ثانية، وفي هذه المرة ضربت مركز المخيم أي العمق، فأستشهد وجرحى كثيرون بينهم أحمد حاتم ومعه أمه وهم تحت سدرة واحدة.
الصورة من الأرشيف.
المصدر: موقع الأرض المحتلة

Contact Form

Name

Email *

Message *