-->

البحث عن الماء في الصيف.. حلم يؤرق نساء الريف بموريتانيا


أحمد ولد سيدي-نواكشوط
في حي "الترحيل" بالضاحية الجنوبية من العاصمة نواكشوط تنشغل "لال بنت عاليون" بالدردشة مع أحد رواد حنفية المياه الموجودة في الحي.
وتطيل الأسئلة والحديث عن شؤون الحياة اليومية لأهل الحي بانتظار دورها لملء إناء من الماء وحمله على كتفها إلى حيث تسكن، لتعاود الكرة من جديد بعد الظهيرة لجلب مياه الشرب الكافية خلال فترة المبيت.
ليست لال بنت عاليون الوحيدة التي تخرج كل صباح ومساء لجلب مياه الشرب من حنفية الحي، بل العديد من النساء في مختلف مناطق البلاد، وخصوصا مناطق الريف والضواحي التي يعاني سكانها من ندرة المياه وصعوبة جلبها.
صعوبة الحصول على الماء
تقول بنت عاليون إن نساء الحي يشاركن بشكل يومي في رحلة البحث عن الماء، حيث يحملن الأواني والبراميل الصغيرة ويتوجهن صوب الحنفيات، ويبدأن معركة الحصول على الماء الذي يكثر عليه الطلب وتتزايد الحاجة له.
وهكذا أصبح الحصول على الماء حلما صعب المنال، ومصدر معاناة كبيرة بالنسبة للنساء اللواتي فرضت عليهن الظروف ونمط العيش تحمّل المسؤولية والخروج لتوفير الماء للأطفال وكبار السن.
تؤكد بنت عاليون أن النساء في ضواحي نواكشوط، وكبريات المدن الأخرى، يتحملن جزءا كبيرا من المسؤوليات، ويعد جلب الماء أكثر تلك المسؤوليات صعوبة بالنسبة للمرأة، حيث يشكل الانتظار لساعات عند نقاط جلب المياه معاناة لا حصر لها بالنسبة للنساء في ظل نقص المياه وتزايد الإقبال عليها خصوصا في فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة في موريتانيا.
وجوه مختلفة للمعاناة
في إحدى القرى النائية شرقي موريتانيا، تخرج خديجة بنت محمود مع بعض النسوة إلى البئر المجاورة لقريتهن من أجل التزود بما يحتجنه من الماء الصالح للشرب طيلة أربع وعشرين ساعة، كما يمضين بعض الوقت في انتظار وصول الماشية التي تمتلكها أسرهن ليقمن بسقيها قبيل الظهيرة.
تقول بنت محمود إن الآبار والحنفيات هي محطات لجلب المياه في مختلف مناطق البلاد، وإن الإقبال عليها يتزايد بشكل كبير في فصل الصيف عندما ترتفع درجات الحرارة وتكون الحاجة لمياه الشرب في أجوها، كما تتضاعف حاجة ملاك المواشي إلى الماء، ويبدأ النزوح إلى نقاط المياه القريبة من أماكن تجمع السكان في البلد.
تؤكد فاطم بنت باله أن تفاقم أزمات العطش وندرة المياه الصالحة للشرب في بعض المناطق، وتزايد الطلب على الماء من قبل رعاة المواشي والأبقار، يسببان معاناة للمرأة الموريتانية في الأرياف والضواحي.
إضافة إلى ما يسببه لها نمط الحياة الريفية، حيث يتوجه الرجال إلى المدن بحثا عن العمل، وتصبح النساء والأطفال المقيمون في البوادي والضواحي هم من تقع عليهم مسؤولية البحث عن الماء وجلبه من الآبار بالوسائل التقليدية.
وتضيف بنت باله أن البحث عن الماء وجلبه يتطلب أحيانا كثيرة قطع كيلومترات عدة سيرا على الأقدام أو استخدام عربات تجرها الحمير كوسيلة لجلب الماء لمن توفرت له.
كما يتطلب جلب مياه الشرب وقتا طويلا، بدءا بالذهاب من أماكن السكن، وصولا إلى نقاط المياه، ثم الانتظار بعض الوقت حتى يحين الدور نظرا لكثرة الطلب ونقص المياه في الغالب.
تستذكر خديجة بنت محمود معاناة النسوة في أعماق الريف الموريتاني في جلب المياه، وكيف أن رحلة البحث عن الماء تكلف النساء قطع مسافات بعيدة إلى متوسطة.
وتبدأ رحلة جلب الماء في الساعات الأولى من النهار رفقة الأطفال، والمكوث لساعات عدة عند الآبار من أجل تعبئة الحاويات والبراميل، والاستعداد في اليوم التالي لإعادة الكرة من جديد والعودة إلى البئر للتزود بالماء طوال فصل الصيف.
ويجمع عدد من النسوة على أن الحصول على الماء في فصل الصيف يعد حلما لدى غالبية الموريتانيين، لكن حجم المعاناة بالنسبة للنساء اللواتي تقع عليهن مسؤولية توفير الماء يكون أكثر قساوة وأشد ألما.
ففي فصيل الصيف حيث تتفاقم درجات الحرارة، ويتزايد الإقبال على الماء، يصبح الحصول عليه حلما يراود الساكنة سواء في ضواحي المدن الكبيرة أو في القرى والأرياف النائية التي تتضاعف فيها حاجة الأسر للماء ويزداد الطلب عليه من طرف مربي وملاك المواشي.
المصدر : الجزيرة

Contact Form

Name

Email *

Message *