أسير مدني أم معتقل سياسي؟
قبل أن أفتض بياض الورق أود بادئ ذي بدء أن أشير أن هاته الأسطر ليست إلا محاولة بسيطة لإغناء النقاش حتى لا أقول الإنقسام الدائر حول مفهوم "الأسير المدني "
وأنا هنا أتساءل عن تعريف لمفهوم "الأسير المدني "؟؟
فالأسير لغة هو من وقع فى الأسر. والأسر هو الشد بالقيد وسمي الأسير بذلك .ثم قيل لكل مأخود ومقيد وإن لم يكن مشدودا
ويمكننا تعريف الأسير إصطلاحا بأنه المحارب الذي وقع فى قبضة جيش عدوه بعد أن بدا الوهن فى جيشه وقولنا المحارب احترازا عن غيره من المدنيين وقولنا وقع فى قبضة الجيش إشارة إلى التمكن منه والقدرة على تأمينه وقولنا بعد أن بدا الوهن فى جيشه تحرزا عن الأسر قبل ذلك إذ لا يصح الأسر قبل إثخان العدو لقوله تعالى (ماكان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض)الأنفال 67
وهذا التعريف من وجهة نظر إسلامية
وحسب القانون الدولي الإنساني يعد المقاتل الذي يقع فى يد طرف خصم فى نزاع مسلح دولي أسير حرب .ويكفل القانون الدولي الإنساني الحماية لجميع الأشخاص الذين يقعون فى يد العدو أثناء النزاع المسلح سواء كانوا مقاتلين فيعدون أسرى حرب أو مدنيين فتؤمن لهم الحماية على هذا الأساس.
كما أن اتفافية جنيف الثالث من 1949 حددت العناصر التي يجب توفرها فى الشخص حتى يعد أسير حرب كما تكفل اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتكول الإضافي الأول كذلك حماية واسعة النطاق للمعتقلين المدنيين وأسطر تحت المعتقلين خلال النزاعات المسلحة الدولية .ويجوز لأحد أطراف النزاع وضع أشخاص مدنيين تحت الإقامة الجبرية أو إعتقالهم إذا كان هناك من الأسباب الأمنية القهرية ما يبرر ذلك ويكون الإعتقال إجراء أمنيا ولا يمكن اللجوء إليه كشكل من أشكال العقوبة ويعني ذلك أن كل شخص معتقل يجب الإفراج عنه إذ لم تعد الأسباب التي إستلزمت إعتقاله موجودة .
ونلاحظ وجود تشابه بين القواعد التى تنظم معاملة المعتقلين المدنيين وظروف إحتجازهم بموجب القانون الدولي الإنساني كثيرا مع القواعد التي تنطبق على أسرى الحرب وبذلك يكون مفهوم الأسر فى القانون الدولي الإنساني أوسع مما عليه الحال فى الإسلام
كل ما سبق ذكره هو تعريف لأسرى الحرب وهذا يجعلنا نتساءل عن تعريف جامع لمفهوم الأسير المدني فلا محركات البحث ولا التراث الإسلامي ولا القوانين بشكل عام أفادتنا في إيجاد تعريف لهذا المولود الجديد الذى"قسم أذرعنا الإعلامية الوطنية" القصة بدأت مع إصدار الأخ رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الأخ ابراهيم غالي مرسوما يجعل يوم 8 من نوفمبر يوما وطنيا للإحتفال ""بالأسير المدني"" وهذا حجة من تبنى هذا المصطلح لكن ما ذا عن أسرى حرب التحرير الشعبية هل سيتم إصدار مرسوم الأسير العسكري ؟ أم سيتم إسقاط الصفة القتالية عنهم ويدمجون فى يوم الأسير المدني ؟ أم أن اليوم يشملهم معا؟
وماذا عن تهنئة العيد التي خص بها الأخ رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الأخ ابراهيم غالي المعتقلين السياسيين الصحراويين بالسجون المغربية بمناسبة عيد الأضحى والتى لم تستعمل المولود الجديد؟؟
هل حالة سهو أم أن المفهوم مجرد سحابة صيف عابرة؟ أم أن المفهوم مجرد تناطح بين خط غاندي وخط گيفاري داخل الوزارة المعنية..!!
فالأسر واضح ومفهوم والمدنية أوضح أما المعتقل السياسي كل من حبس او سجن بسبب معارضته للنظام القائم فى الرأي والإنتماء السياسي والمعتقد أو تعاطفه مع معارضيه أو مساعدته لهم، أما من وجهة الماركسيين فالإعتقال السياسي قضية طبقية ومسألة مرتبطة بشكل كلي بالصراع الطبقي وهو يشكل إحدى تجليات الحظر والديكتاتورية التي تمارسها الطبقة الحاكمة ضد الطبقة المحكومة، والإعتقال السياسي من منظور القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني عمل محظور فى كافة المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومن يرتكب هذا النوع من الإعتقال يعد مجرما..فهل لنا داخل سجون الإحتلال المغربي أسرى مدنيين أم معتقلين سياسيين؟؟!!
بقلم: خليهنا سويدي دمنات