حرب الإستنزاف التي انهكت الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية (قراءة)
تمهيد
حرب الإستنزاف هو ان تجعل العدو ينزف ماديا وبشريا ومعنويا جراء حالة الفوضى وعدم اوضوح القرار وكلفة التعامل مع الموقف والخسائرغير المتوقعة والحالة النفسية التي يكون عليها افراد قواته نتيجة الإستعداد المستمر الذي لاينقطع ليلا نهارا .
ويعرف الخبراء هذا النوع من الحرب انه الحرب الشعبية التي تقوم بها المقاومة المسلحة لتحرير بلدانها من الاحتلال وسماه الزعيم الصيني استرتجية واحد ضد خمسة وتكتيك خمسة ضد واحد ويحقق هذا النوع من الحروب اهدافا بالغة الاهمية قد يخرج قوى تدعي القوة والعظمة من المعركة بل من الحرب نهائيا وظهر هذا النوع من الحرب منذ القدم ولكن بشكل اوضح في الصين ضد اليابان وفي الفيتنام ضد فرنسا وفي الجزائر ضد فرنسا وفي اسبانيا ضد الملكية .....الخ اما عندنا في الصحراء الغربية فقد ظهر سنة 1973ضد اسبانيا وحتى نتمكن من قراءة الأسس والأسباب التي تجعل التركيز على خيار تفعيل حرب الاستنزاف ضد العدو المغربي لابد من الحديث عن الخصوصيات التالية:
1. خصوصيات الجندي المغربي
يتكون الجيش المغربي سنوات الحرب من الطبقة الفقيرة التي يدفعها العوز والبطالة وشدة الفقر الى الانخراط في الجيش للحصول على لقمة العيش وكما يدفعها الخوف من السلطات الملكية الى الإرتماء في احضان المؤسسات التابعة لها تحت تاثير دعاية الخرافة السائدة لدى المغاربة بان للملك بركة وقوة خفيتان ونسب صالح فلا يستطيع احد مخالفة امره وهناك دعاية أخرى من طرف الاحزاب والإعلام المغربي حول مغربية الصحراء وانها جنة خضراء وفيها الذهب لمن اراد ان يسد الفقر فليذهب الى هناك وقد استغل النظام المغربي كل هذه الخصوصيات ليدفع بالجنود الى الحرب ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل مازال الجندي المغربي على هذه الدرجة من السذاجة والإعتقاد الخرافي .
ان نسبة الذين خرجوا من الجندية ابان الحرب اكثر من80 في المئة وهذا معناه ان نسبة المجندين الجدد هم اكثر من ذالك وهم بحكم ثقافتهم مطلعون على حقيقة الوضع القانوني للقضية الصحراويةوتعرفوا عليها جغرافيا ومناخيا وتعرفوا على الفوارق بين الصحراويين والمغاربة اذا فهل يساق الجنود المغاربة مرة اخرى الى الموت وهم على هذه الدرجة من الإطلاع ؟
2 المقاتل الصحراوي
بخصوص المقاتل الصحراوي وجميع الصحراويين فالحرب ليست خيارا بل هي حتمية تحتمت وفرضت عليهم فرضا ودواعي خوضها واجبا الاهيا مقدسا ويرون فيها انها جهادا في سبيل الله ودفاعا عن الارض والعرض والمقدسات والبيضة وان الموت في سبيل الحياة هي الحياة وبالتالي عليهم دفع الظلم عليهم بالغالي والنفيس وتبقى قاعدة خوض الحرب مع المحتل لا تنتهي الا بانتهاء الاسباب وتحقيق الهدف المنشود .ويرى المقاتل الصحراوي ان العوامل الاساسية التالية كافية لاستمرار الحرب حتى النصر.
1ـ اعتقادهم بأوقوف الله تعالى الى جانبهم .
2ـ الشرعية الدولية وحقهم في تقرير المصير والاستقلال.
3. شجاعتهم وصمودهم ورباطة جأشهم كخصوصيات يتميزون بها.
4. موهبة خوض الحرب وتدابيرها .
والسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هل اذا استئنفت الحرب سيكون الشباب الصحراوي ملتزما بتلك القوانين والاخلاق التي سيرت بها الحرب الماضية وهوعلى هذه الدرجة من الاستعداد والاحتقان لخوضها ،
لاتقتلوا الحيوانات لاتقتلوا المدنيين لاتفسدوا منابع الماء لاتحرقوا الغابات ،معاملة الاسير.....الخ
اشك في ذالك شخضيا لان الشباب يطرح قاعدة المعاملة بالمثل وهو يدقق في ما تقوم به الدولة المغربية من بطش وظلم وسجن وقتل وسحل للنساء ظلما وعدوانا وخروجا عن القيم الا نسانية والقوانين الدولية والالهية والاعراف والقيم البشرية التي عرفت عبر التاريخ القديم والحديث.
الموضوع
بعد الضغط المركزعلى الجبهة الشمالية من طرف القوات الصحراوية والمترتب عن تفرغ الجبهة الجنوبية من الحرب مع المختار ولد دداه انتقلت الى الجبهة الشمالية الى جانب النواحي التي كانت تقاتل هناك وتم تعزيز القدرة النارية للجيش بالنواحي السادسة ا والسادسة ب والسادسة ج استطاع المقاتلون فرض الحصار القوي والمركزعلى الجبهة الشمالية اي على المغرب وتم تسجيل روائع لمسائل والطنطان واخنيفيس ولبيرات و تم نقل العمل القتالي في الجبهة الشمالية الشرقية الى داخل التراب المغربي اي الى آغا وطاطا وفم لحسن ولمحاميد ومشارف جاغورا وشعر النظام المغربي بخطورة الموقف فاطلق حملة ايمان التي تضم احد ، الزلاقة، اراك لكن المقاتلين الصحراويين تمكنوا من محاصرة الحملة في منطقة جبال الوركزيزودمروها واسروا منها وغنموا اسلحتها وعتادها وفشلت الحملة ولم تحقق اي هدف عندها توجه المغرب الى حلفائه فاشاروا عليه بفكرة الاحزمة الدفاعية املا منهم في رفع معنويات الجنود المغاربة واعطائهم الوقت للاستعداد القتالي لردت الفعل على الهجمات السريعة التي يقوم بها المقاتلون.
وبدا المغرب في اعداد الاحزمة الدفاعية الرملية على مراحل بدات من راس الخنفرة 8\1980 لتنتهي يوم 16\4\1987
وشكلت هذه الاحزمة المتفرقة مسافة 2420كلم طولي منها 220كلم محاذية للتراب الموريتاني وانتهت الاحزمة في منطقة الكرارات عندها قررت القيادة العسكرية لقوات جيش التحرير الشعبي الصحراوي رفع وتيرة الاداء لحرب الاستنزاف على طول الجبهة الجديدة للارباط واشتعلت نيران الحرب باسلوب اكثر حدة وضراوة وتاثيرعلى معنويات الجنود المغاربة الى جانب العوامل الطبيعية التي لاترحم وفشلت خطة الاحزمة الرملية امام الهجمات البطولية للمقاتلين الصحراويين وارغم الجيش المغربي مرة اخرى على القيام باحزمة حجرية لتدعيم الاحزمة الرملية وادخلوا على المنظومة الدفاعية احزمة الالغام والاسلاك الشائكة وانواع من الرادارات مثل الراتيك: استانتور،والرازيت لكن هذه اللاجراءات والحسابات كلها ذهبت ادراج الرياح ولم تجدي نفعا ولاح في الافق مرة اخرى ماكانت قد تناولته الاوبزرفر البريطانية يوم 7\11\1979عن التقارير الامريكية المتعلقة بان ملك المغرب قد يفقد عرشها في اشهر قليلة اوسنة على الاكثروحسب الابزرفر فان هذه التقارير صادرة عن وكالة الاستخبارات الامريكية والامن ووزارتي الخارجية والدفاع الامريكيتين وماهي الا ثلاث سنوات من تركيز العمل القتالي حتى اعلن ملك المغرب رغبته في التفاوض وقبوله للاستفتاء وكان الجميع يعلم انه كما قال الزعيم الراحل محمد عبد العزيزرحمه الله ان الثعلب ثعلبا ولو ارضعته الشياه وماهي الا مناورة فرنسية تدفع باتجاه التاثير على الصف الداخلي للجبهة تحت طائلة التاثير المباشرلحال الاحرب والاسلم وظروف الاستقرار النسبي المميت وعندها اصبح لزاماعلى فرسان وفارسات الانتفاضة ان يتهيؤلاستلام المشعل ومواصلة الكفاح الوطني بوسائل اخرى اكثر تدميرا للعدوشملت حقوق الانسان والثروات البحرية والبرية وانتقل خط التماس من العدو من الحزام الرملي في الجبهة العسكرية الى الدول الاوروبية والاسكندنافية ونيويورك وعموم افريقياوامريكا الاتنية ووجد المغرب وفرنسا انفسهم معزولين شرعا واخلاقا وتذكرت اوروبا ان فرنسا بالامس في عهد نابيليون هي نفسها فرنسا في عهد ساركوزي وماكرون وانها هي التي جلبت متاعب الهجرة السرية الى اوروباهذه المتاعب التي كادت تعصف بالاتحاد الاوروبي .
ان المتتبع لسياسة فرنسا اتجاه دول المغرب العربي يتبادر اليه السؤال التالي: هذه ليبيا جبهة صغيرة جدا من الواجهة الجنوبية لحوض البحر الابيض المتوسط شكلت هذا الخطر على اوروبا برمتها فماذا لواتسعت على الجبهة الجنوبية للمتوسط باكملها .
ان فرنسا بقدر ما تجازف بالشرعية الدولية والثقافة الاوروبية فانها تجازف بالسلم والامن الدوليين بتصرفاتها الحالية تجاه َدول المغرب العربي وافريقيا واوروبا حتى ،اما عن الاسئلة المترتبة على خطاب ملك المغرب الاخير هل تعود جبهة البولساريو للحرب بعد هذا التعنت فالجواب سنراه عندما يجد الجد بين الجد واللعب عندها يحين وقت الجواب.
خاتمة
عمر الحرب مع الاحتلال يقصريقصرويطول طول
يتم معــــــــــــاه الى مازال ويزول معاه منين ازول
(عميد شعراء المقاومة الوطنية البشير ولد اعلي)
بقلم المقاتل الصحراوي : العربي عبد اللطيف