-->

ملك المغرب لا يريد خيرا للمغرب العربي ولا يريده لإفريقيا


بقلم: الديش محمد الصالح 
يتضح من مضامين خطاب محمد السادس بمناسبة الذكرى العشرين لاعتلائه العرش في المغرب، يوم 29 يوليوز الماضي، ان لا شيء تغير في المغرب؛ لا في تدبير شؤون الحكم، ولا في أوضاعه الداخلية، ولا في سياسته الخارجية، ولا في اطماعه التوسعية، وليست هناك بوادر لحدوث اي نوع من التغيير من شأنه ان يلحق هذا البلد بمرتبة العصر، اللهم إلا إذا كانت ستتضاعف ثروة مصاصي دماء الشعب المغربي على حساب هذا الأخير. فالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تسجل ارقاما قياسية في الانخفاض، لا عدالة، لا ديمقراطية ولا حريات، وبالمقابل ارتفاع في المديونية الخارجية. ويزيد هذه الأوضاع تأزما اصرار الملك على توريط البلد في احتلاله اللاشرعي لأراضي جارته الجنوبية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي يتعايش معها على قدم المساواة داخل سقف الاتحاد الافريقي كدولة كاملة الحقوق في هذه المنظمة القارية العتيدة. لقد اظهرت عشرون سنة من حكم محمد السادس افتقاد البلد للحكم الراشد الذي يستطيع انقاذ البلد وقيادته نحو التقدم والازدهار والفعل الإيجابي في المحيط وليس نحو التخلف والتبعية والأطماع التوسعية. 
لقد اكد محمد السادس رفضه لأي دور للاتحاد الافريقي في معالجة قضية الصحراء الغربية خشية من الضغط المحتمل ان يمارسه هذآ الاتحاد على الامم المتحدة، نظرا للمكانة المرموقة التي أصبح يحتلها في صنع القرارات الدولية، للتعجيل بحل القضية على اساس الرؤية الافريقية المتمثلة في الانسحاب الفوري للقوات والإدارة المغربيتين من أراضي الجمهورية الصحراوية. ويسعى الملك في المقابل لإبقاء القضية حبيسة رفوف مجلس الامن تحت رقابة الاليزيه، الذي لا رقابة له على القرار الافريقي، للاستمرار في حالة الجمود التي تساعده على نهب ثروات الصحراء الغربية. ومن الواضح ان انضمام المغرب للاتحاد الافريقي كان بإيعاز وتوجيه من فرنسا بهدف تدمير هذه الكتلة من الداخل. ان لأطماع التوسعية ليست بالأمر الجديد على الملوك العلويين في المغرب، فقبل الصحراء الغربية كانت موريتانيا هدفا لها وكذلك الجزائر ومالي إلى نهر السنغال، لكن بفضل تصدي هذه الشعوب لهذه المحاولات والتضامن الافريقي معها، والذي تأسست المنظمة القارية من اجل تعزيزه، فرض على ملوك المغرب التراجع رغم انوفهم. وكما وقفت الشعوب في وجه هذه الاطماع التوسعية فستتضامن، كما فعلت منذ الوهلة الأولى ولازلت، مع الشعب الصحراوي حتى التحرير الكامل لأراضي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية المحتلة من طرف المغرب. 
لقد استقبلت إفريقيا وبالخصوص منطقة المغرب العربي بفرح كبير اتفاق وقف إطلاق النار بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية سنة 1991، والذي جاء بعد مساعي مشتركة للأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية/الاتحاد الأفريقي الان التي توجت بتوقيع الطرفين على خطة للتسوية من اجل تنظيم استفتاء لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية طبقا لميثاق وقرارات الامم المتحدة والمنظمة الافريقية. لكن سرعان ما اغتال نظام المغرب فرحة وامل هذه المنطقة بعرقلة الاستفتاء الذي كان من المزمع تنظيمه في فبراير 1992، والتي ظلت مستمرة الى ان انتهت بالرفض الكامل للاستفتاء وإدارة الظهر من جديد للشرعية الدولية والإصرار على مواصلة الاحتلال اللاشرعي لاراضي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. 
يمر على احتلال المملكة المغربية اللاشرعي للصحراء الغربية اكثر من ثلاثة واربعين سنة، منها قرابة 28 سنة من وقف إطلاق النار الذي تولى محمد السادس العرش في ظله، وهي فترة كانت كافية له كي يراجع أخطاء الماضي التي كلفت بلده الكثير، ويقدر نعمة السلام، ويفكر في مستقبل الشعب المغربي وفي مستقبل المنطقة ويتحلى بالشجاعة للتصافح مع جارته الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. وبالتأكيد انه بإزالة عقبة لطالما راهن على استمرارها أعداء افريقيا، كان ملك المغرب حقا سيدخل التاريخ من بابه الواسع، لكن محمد السادس فضل ان يتخلف عن الركب، ويركن ببلده في زاوية التخلف والتبعية الأجنبية. 
ان افريقيا ماضية في طريقها نحو التقدم بما يعنيه ذلك من حكم راشد، ديمقراطية، تحقيق العدالة وتحسين الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والحضور الدولي ككتلة وازنة وتمتلك كل المؤهلات التي تضمن التنافس الإيجابي والدفاع عن مصالح القارة. واكبر العقبات التي تواجه القارة تكمن في استتباب السلم الذي تعتبر المملكة المغربية مصدر تهديد دائم له نظرا لتعنتها على استمرار احتلالها اللاشرعي لأجزاء من أراضي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وسدها الباب أمام أفق الانفراج . لقد حكم الملك على نفسه بالبقاء في مزبلة التاريخ لان العصر تجاوز اطماعه، ولن يكون إفريقيا مادام يتصرف هكذا، لأن إفريقيا تتطلع إلى المستقبل، إلى التقدم فكريا وعمليا، والى من يخدمها لا الى من يدمرها. 
لقد ادانت فريقيا الغزو المغربي للصحراء الغربية وساندت الكفاح المشروع للشعب الصحراوي، وتجسد ذلك في قبولها للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية سنة 1984، هذه الأخيرة التي اصبحت فيما بعد أحد المؤسسين للاتحاد الافريقي وتحظى بمكانة محترمة علاقاتها جيدة مع البلدان الافريقية. واذا كانت الدول الأفريقية، بما فيها الجمهورية الصحراوية، رحبت بانضمام المملكة المغربية مجددا للحضن الافريقي بعد خروج دام حوالي 34 سنة، فهذا لا يعني انها تراجعت عن قراراتها التي اتخذتها بشأن تصفية الاستعمار من هذا البلد، ولكن للتعبير عن حسن نواياها في اعطاء فرصة جديدة للمغرب للرجوع إلى جادة الصواب. وبالتأكيد أن الرد الافريقي سيكون قويا على هذا التعنت وعلى التلاعب وعدم الالتزام بقرارات الاتحاد الافريقي. 
لقد عانى شعب الصحراء الغربية الكثير؛ تحمل القمع والترهيب، وحياة اللجوء القاسية وشتات العائلات، وقدم تنازلات كبيرة، كل ذلك من أجل السلام الذي تتطلع اليه الشعوب الأفريقية ، وله كامل اليقين ان تجربته على مدار ما يقارب من 28 سنة من التعاطي مع الحل السياسي تحظى بتقدير واحترام الأفارقة لما لها من انعكاسات إيجابية على امن واستقرار ووحدة افريقيا. وبإصرار النظام المغربي على مواصلة احتلاله اللاشرعي لأراضي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، لن يكون أمام الطرف الصحراوي الا العودة إلى المربع الأول الا وهو الحرب المسلحة كما قال رئيس الجمهورية والأمين العام لجبهة البوليساريو السيد ابراهيم غالي خلال اجتماعه باللجنة المشرفة على برامج صائقة 2019 يوم 27 يوليوز الماضي ان "العودة للحرب المسلحة محطة إجبارية نظرا لتعنت المغرب وافشاله لكل الجهود الرامية الى حل القضية " بما يعني أن الجيش الصحراوي على اتم الاستعداد لخوض الحرب من جديد ومن خلفه كل الصحراويين، فقد أعذر من انذر وانصف من حذر. 
ومن يتحمل العواقب الوخيمة من جراء اشعال فتيل الحرب مجددا، بالطبع، هو النظام المغربي ومن ورائه العجوزة فرنسا اللذين كانا دوما وراء كل المصائب التي تلاحق إفريقيا وخاصة شمالها.

Contact Form

Name

Email *

Message *