وثائق ويكيليكس تفضح التحريض المغربي على الجزائر
كشفت البرقيات الدبلوماسية الأمريكية الصادرة من الرباط، والتي كشف عنها ضمن الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس، عن تحريض صريح من قبل النظام المغربي ضد الجزائر، حيث يسعى النظام الملكي إلى كسب ثقة الأمريكيين والتحالف معهم من خلال التآمر على بلد جار وشقيق، وهو ما يكشف وجها قبيحا للسياسة المغربية ظل خفيا.
تتحدث وثيقة صادرة في 18 ماي 2007 عن اعتبار مدير العلاقات الثنائية بوزارة الخارجية المغربية يوسف عمراني أن تصاعد نشاط تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” إنما يعود إلى “الفشل المستمر للحكومة الجزائرية”، وتشير الوثيقة إلى أن الجانب الأمريكي لا يشاطر المغاربة الرأي بخصوص هذه المسألة، حيث رد دبلوماسي أمريكي على المسؤول المغربي بالقول “إن الجماعة السلفية للدعوة والقتال اضطرت إلى التحالف مع القاعدة بعد أن نجحت الحكومة الجزائرية في تحييدها”، وتشير نفس الوثيقة إلى أن المكلف بأمن الحدود في وزارة الداخلية المغربية خالد زروالي أبدى امتعاضه من حديث دبلوماسي أمريكي قدم الجزائر كنموذج في مكافحة الإرهاب بمنطقة شمال إفريقيا، وقال للأمريكيين: “المغرب أكثر أمنا واستقرارا، في حين أنني لا أستطيع أن أسافر من الجزائر إلى وهران دون خوف”.
وثيقة أخرى مؤرخة في 21 نوفمبر 2006 وتلخص ما دار بين الأمين العام لوزارة الخارجية المغربية عمر هلال والسفير الأمريكي لدى الرباط، حيث يقول المسؤول المغربي “إن امتلاك إيران للسلاح النووي سيكون كارثة على المنطقة وعلى المغرب خاصة، لأن ذلك سيؤدي إلى سباق تسلح في المنطقة، وسيؤدي إلى تسريع تنفيذ البرنامج النووي العسكري الجزائري، رغم أنه يعتبر برنامجا في بداياته” ويواصل: “إذا نجح الإيرانيون في امتلاك القنبلة النووية خلال عشر سنوات فإن دولا عربية ستتبعهم، وسيفعل الجزائريون ذلك أيضا”.
هذه الإشارات التحريضية تعيد إلى الأذهان الحملة الإعلامية التي شنتها بعض الأوساط الغربية للتشكيك في نوايا الجزائر وطبيعة برنامجها النووي، ولعل الحديث المغربي على هذا المستوى الرسمي عن وجود ما سماه عمر هلال “البرنامج النووي العسكري الجزائري” يدخل في إطار التحريض المباشر على الجزائر، على اعتبار أن البرنامج النووي الجزائري معروف بطابعه السلمي والعلني، كما أن المنشآت النووية الجزائرية واقعة تحت الرقابة الكاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل إن الأمريكيين الذين أبرموا اتفاقا للتعاون النووي مع الجزائر، يقدمون هذا البرنامج كنموذج لامتلاك الطاقة النووية واستعمالها للأغراض السلمية، في حين تصر المملكة على نشر الأكاذيب إمعانا في الإساءة والتحريض، ومن غير المستبعد أن تكون الحملات الإعلامية التي سيرت ضد الجزائر بخصوص هذا الموضوع مستندة إلى معطيات مكذوبة قامت بترويجها أجهزة المخابرات المغربية، مع العلم أن الصحافة الإسرائيلية تحديدا لعبت دورا أساسيا في هذه الحملة المغرضة التي تهدأ وتعود بين حين وآخر.
هذا التوجه يجعل المغرب يبدو كطرف متربص بالجزائر يريد أن يلحق بها الضرر من خلال تحريض القوى العظمى على محاصرة الجزائر وتدمير قدرتها العلمية والتقنية رغم طابعها السلمي، فقد كانت الشكوك غير المبررة حول نوايا العراق مبررا لتدميره بحصار دام 13 عاما انتهى بالغزو والاحتلال والتفكيك الكامل للدولة، ولعل المسؤولين المغاربة استحضروا تلك التجربة وهم يحرضون الأمريكيين ويرسمون لهم خطرا وهميا اسمه الجزائر، وهو ما يعطي الخلاف بين الجزائر والرباط طابع الصراع المعقد والمتعدد الأبعاد ولا يبقيه في حدود الخلاف السياسي حول قضية الصحراء الغربية، ثم هناك وثيقة أخرى تؤكد الرؤية السلبية المغربية وهي مؤرخة في أوت 2008 وتؤكد أن الجيش المغربي له “مخطط استعجالي” ويجري مناورات عسكرية لمواجهة أي هجوم محتمل من الجزائر، وحسب هذه الوثيقة فإن الجيش المغربي لا ينشر أفواجه على طول الحدود مع الجزائر، حيث أن الجيش المغربي يتموقع في حاميات عسكرية، تقع على بعد حوالي 100 كلم من الحدود مع الجزائر، تمكنهم من مواجهة أي «توغل» جزائري.
السعي المغربي إلى لعب دور أساسي في السياسة الأمريكية في المنطقة تكشفه وثيقة أخرى موقعة بتاريخ 04 يناير 2010 وتتضمن تقريرا سريا عن زيارة القائد الأول لأفريكوم في نهاية ديسمبر 2009 للمغرب عرفت توقيع اتفاقات عسكرية مع المفتش العام للقوات المسلحة المغربية الجنرال عبد العزيز بناني، من أجل تسليح وتطوير أداء القوات الجوية الملكية المغربية، كما أشارت نفس الوثيقة عن وجود ترخيص مغربي للطائرات العسكرية الأمريكية بمرورها عبر الأجواء المغربية ضمن عمليات منطقة الساحل في إطار محاربة تنظيم القاعدة، وهذا التنازل من جانب الرباط يدخل في إطار السعي إلى لعب دور في عملية مكافحة الإرهاب، كما تحاول المملكة استغلال هذا الأمر من أجل جلب الدعم الأمريكي في قضية الصحراء الغربية، ففي وثيقة أرسلت بتاريخ 09 جوان 2009 تم التطرق لتصريحات لياسين المنصوري، مدير الإدارة العامة للدراسات والمستندات العامة، وهي جهاز مكافحة التجسس في المغرب، في حوار جمعه بكودل بور وهو عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي قال فيها بأن النزاع حول الصحراء مع الجزائر والبوليساريو قد ثنى المغرب عن محاصرة توسع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ويمثل هذا الموقف محاولة لربط مكافحة الإرهاب بتسوية قضية الصحراء الغربية حسب الرؤية المغربية.
المثير في وثائق ويكيليكس هو أن الأمريكيين في أكثر من موضع يظهرون أكثر موضوعية وإنصافا للجزائر من الأشقاء الجيران الذين يرددون يوميا خطاب الأخوة وحسن الجوار.
المصدر: الايام