-->

الشروق: تصريحات متوالية لتبون تضع المخزن في مأزق، ماذا يخفي جنوح المغرب نحو التهدئة؟


سئل وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، عن الانتقادات المتتالية التي وجهها الرئيس عبد المجيد تبون للمملكة المغربية، فرد بلهجة مغربية: “غايخصني نرد يوميا على الجزائر”، فيما بدا توجها من قبل المخزن لتفادي التصعيد مع جارتها الشرقية.
تصريح وزير الخارجية المغربي جاء بعد أربعة تصريحات قوية للرئيس تبون، حملت انتقادا شديد اللهجة للمغرب، بسبب تعاطي المغرب مع قضايا عالقة كثيرا ما تسبب في تسميم العلاقات الثنائية، مثل فتح الحدود البرية وقضية الاحتلال المغربي للصحراء الغربية وتهريب المخدرات.
آخر هذه التصريحات كان ما تضمنه حوار رئيس الجمهورية في الحوار الذي خص به يومية لوفيغارو المحسوبة على اليمين الفرنسي، والذي اتهم فيه أطرافا مغربية للسعي إلى توتير العلاقات الجزائرية الفرنسية لاعتبارات غير بريئة.
السلطات المغربية ومنذ انتخاب تبون رئيسا للجمهورية، أظهرت نزوعا نحو ابتلاع غضبها، أملا في فتح صفحة جديدة مع جارتها الشرقية العائدة بقوة إلى المسرح الدولي، وهو الموقف الذي لم يكن معهودا لدى المخزن، حيث كان يختلق الأسباب لمهاجمة الجزائر بمناسبة أو دونها.
ويبدو أن الطرف المغربي لا يزال يأمل في أن يحدث الرئيس الجديد للجزائر، تحولا في علاقات بلاده مع المغرب، لأن نحو ربع قرن من القطيعة بين الجارين اللدودين، سبّب للمغرب أضرارا على جميع المستويات، صعب عليه تخطيها، وخاصة الاقتصادية منها بسبب غلق الحدود البرية بينهما.
ولأن المخزن استفاد من غياب الجزائر عن المشهد الدولي بسبب “نظام العصابة” الذي تمسك برئيس مقعد عاجز عن أداء دوره طيلة نحو عقد من الزمن، إلا أن انتخاب رئيس جديد أعاد البلاد إلى دورها الريادي في ظرف وجيز، وبالمقابل أدت هذه العودة إلى إعادة المغرب إلى حجمها الطبيعي.
أولى الضربات الدبلوماسية التي تلقاها المغرب منذ انتخاب تبون، كان استبعادها من ملف سبقت وأن لعبت فيه دورا فيما سبق، وهي الأزمة الليبية، التي تحمل مؤسساتها الشرعية، تسوية باسم مدينة مغربية وهي “الصخيرات”، وهو الاجتماع الذي حضرته الجزائر بقوة، كما نظمت الجزائر اجتماعا آخر لا يقل أهمية وهو اجتماع دول جوار ليبيا، استبعدت منه المغرب لكونها ليست من دول الجوار.
العارفون بالشؤون الإستراتيجية وبخصوصيات المنطقة المغاربية يؤكدون أنه كلما قويت إحدى الدولتين المحوريتين في المغرب العربي، ضعفت الأخرى، وقد لاحظ الجميع كيف تراجع الدور الجزائري في العقد الثاني من حكم بوتفليقة لصالح المغرب، بسبب ضياع الدولة بين قوى غير دستورية وعصابات الفساد والجهوية.
الأسابيع الأولى من حكم الرئيس تبون تشير إلى أن الأمور تسير عكس ما كان حاصلا في عهد بوتفليقة، ولعل صمت المغرب إزاء ما يصدر عن تبون، يمكن اعتبارها إستراتيجية جديدة تحاول المغرب انتهاجها، وهي الدفاع ليقينها بغياب الأوراق التي يمكن أن تدفع بها، لا سيما وأن السلطات الجديدة في الجزائر لا تعاني من أزمة شرعية من شاكلة ما يعانيه المخزن، لأن طبيعة النظام الملكي فيه من أسوأ الأنظمة الملكية في العالم.
المصدر: جريدة الشروق الجزائرية

Contact Form

Name

Email *

Message *