-->

الرجل الذي رحل وهو يرتدي بدلة الشرف .. البدلة العسكرية ..*


لا يتراجع الشهداء عن مواقفهم ووعودهم .. فسبحان الذي جعل من الموت عبرة وخلود .. 
" .. مُربكة صور الموتى .. ومربكة أكثر صور الشهداء .. موجعة دائماً .. فجأة يصبحون أكثر حزناً .. يصبحون أجمل .. ونصبح نحن أبشع .. فجأة نخاف أن نطيل النظر إليهم .. فجأة نخاف من صورنا القادمة ونحن نتأمّلهم ! .. " .. 

لا يحظى غير الشهداء بالرحيل الأخير وهم يرتدون بدلة الشرف .. البدلة العسكرية وقد حظي عزوز بهذا الشرف .. 
قبل أربع سنوات تقريبا حظيت بفرصة مرافقة مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي .. هذه الفرصة ستتكرر في السنوات الثلاث الأخيرة .. إلتقيتهم تقريبا جميعا وتعرفت إليهم وقد علقت ملامحهم الطيبة في ذهني وزينت صورهم وملأت نظري حتى سكنت عيناي ولم تعد تخفى عليا ملامح أيا منهم كلما رأيتهم في مكان معين او رأيت صور أحدهم تجوب مواقع التواصل الإجتماعي او أي مكان أخر .. 
*لن أنسى كلماته تلك ..*
عزوز .. إلتقيته مرات عديدة .. رجل لطيف .. شبابي .. مرح .. دائم الإبتسامة .. حين إلتقيته أول مرة بقطاع تابع للناحية العسكرية السادسة تعرف إلي بسهولة وحدثني عن متابعته لنشاطي الوطني .. شجعني كثيرا ثم مازحني وكنت وقتها عائدا من مرافقة أركان جيش التحرير الى كل النواحي بمقطاعي الشمال والجنوب العسكريين ثم قال لي وهو ينظر إلي نظرة جادة بعد كل ذلك المزاح اللطيف .. " .. رحلتك طويلة وشاقة وفي ظرف أيام قليلة .. كنا نتابع الرحلة من خلال مراسلاتك كل ليلة عبر أثير الإذاعة .. نحن مدينون لك على كل كلمة قلتها عن جيش التحرير وعلى كل كلمة وصفت بها رجاله وهي الكلمات التي ترفع المعنويات ويقشعر لها البدن وتشحن النفوس ونعلم أنك تعبت كثيرا يا إبني لكن التعب لا ينال من الرجال الأوفياء وها نحن يا بني نگوم ونگعد أمعاكم رغم التقدم في السن وهناك من هم أكبر سن مني تراهم هناك -وهو يشير الى مقاتلين بالقرب منا- لا يزال الجميع حيا وقويا لأن الضمير حي .. " .
عرف الراحل بالشجاعة والطيبة .. تنقل قيد حياته مقاتلا شهما بين نواحي جيش التحرير الشعبي الصحراوي من الرابعة الى السادسة في سنواته الأخيرة تحديدا بعد وقف إطلاق النار .. كان رجل ميدان منذ البدايات الأولى حاملا سلاحه على خط النار .. عمل كذلك سائقا لشاحنة عسكرية يقل مقاتلي جيش التحرير قاطعا المسافات الطويلة ليرى الرجال أسرهم لوقت قليل قبل أن يلتحق الجميع مجددا بميدان المعركة .. 
*عزوز .. الرجل المبتسم الطيب الواقف بنقاط المراقبة ..* 
مؤخرا إلتحق الراحل بالناحية العسكرية السادسة وعمل بكل جد ببعض نقاط التوقف العسكرية .. ويتذكره الجميع ذلك المقاتل المبتسم الطيب الواقع في حر الصيف وبرودة الشتاء عند نقطتي المراقبة جنوب وشمال الشهيد الحافط بوجمعة .. يحيي المارة بكل لطف ويمازح الناس ويطلب من المارين بسياراتهم ان يقلوا معهم المواطنين الذين تقطعت بهم السبل او الذين يتوجهون يوميا الى نقاط المراقبة بحثا عن نقل بدون مقابل نتيجة العوز او نتيجة ضيق او حرج الوقت .. كان يقف عند زجاج كل سيارة طالبا العون لهم وقد صادفني شخصيا معه مثل هذا الموقف .. 
كان محبوبا جدا وسط رفاقه في وحدته العسكرية لذلك بكو جميعا بحرقة لرحيله .. رحيله المفاجيء سيبكي الجميع دائما وعزاءنا الوحيد ان رحل الرجل تاركا تاريخا لا يمحى .. لقد رحل واقفا ثابتا شامخا متسامحا لطيفا مبتسما بسيطا متواضعا ناكرا لذاته فقيرا الى ربه شهما شجاعا .. تماما كما يرحل الرجال .. 
يقول علي شريعتي .." .. الشهداء وحدهم المخلوقات التي تولد ولا تموت .. " .. ويقول توماس كارليل .. " .. إن أرواح الشهداء تباركنا وتنعش أرواحنا وتقوينا على الجهاد .. " .. 
للراحل خمسة أبناء .. ثلاثة ذكور وبنتين ولهم ولزوجته واخوته واخواته وكل أفراد اسرته كل واحد وواحدة بإسمه الخاص اتقدم بخالص التعازي القلبية ..
التعازي موصولة الى رفاق دربه من الوحدة التي سميت بإسمه وكل مقاتلي الناحية العسكرية السادسة ومن خلالهم كل افراد ومنتسبي المؤسسة العسكرية .. 
التعازي في رحيل البطل اقدمها لكل الذين عرفوه وكل الذين إختبروا صدق مشاعره ووفاء روحه وثبات مبادئه .. التعازي لكل افراد الشعب الصحراوي .. 
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين إنه سميع مجيب .. 
وإنا لله وإنا إليه راجعون .. 
*عبداتي لبات الرشيد*

Contact Form

Name

Email *

Message *