-->

المآل السيء للدبلوماسية الصحراوية


انه لمن المؤسف ان تظل المنظمة تدير ظهرها للارتقاء بالدبلوماسية الصحراوية – التي هي جبهة الصراع الاولى اليوم مع المحتل المغربي- الى مستوى مواجهة التحديات التي أصبحت تفرض نفسها اقليميا، قاريا ودوليا خاصة في ظل قرار الجبهة بمراجعة تعاطيها مع العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة. وكانت الآمال معلقة على مخرجات المؤتمر الخامس عشر في القيام بمراجعة عميقة لإدارة هذه المعركة، لأداتها ولخطة عملها، لكن ما حدث هو عكس ذلك، الا وهو إبقاء الحال على ما كان عليه، اللهم نوع من ذر الرماد في الاعين من خلال تعيينات لم يراعي فيها سوى الواسطة والمحسوبية وتصفية الحسابات.
ولإلقاء نظرة على حال الدبلوماسية الصحراوية، لابد من التذكير قبل كل شيء، إلى ان قمة ما حققته دبلوماسيتنا كان في الستة عشرة سنة الأولى من الكفاح، والذي يعود فيه الفضل الى افواه بنادق مقاتلي جيش التحرير الشعبي التي كانت قربتنا من حسم صراعنا مع المملكة المغربية، وبعد توقف المدافع، بدأ التراجع والعد التنازلي في جهود دبلوماسيتنا.
فلا يخفى علينا أهمية ميزان القوى بعد وقف إطلاق النار، في ظل القاء فرنسا لثقلها من اجل استمرار احتلال المملكة المغربية لأرضنا، خاصة أن هذا يتطلب جهدا غير عاديا وانفتاحا باتجاه الدول العظمى، وهو الأمر الذي لم يتحقق، ومع ذلك وقعت الدبلوماسية الصحراوية في الفخاخ التي نصبها لنا العدو ومن ابرزها متاهة مسلسل السلام، الذي أصبح كل شيء مرتبطا به.
وفي الاتحاد الافريقي، لم ننجح في توظيف عضوية الدولة الصحراوية في المنظمة الافريقية احسن توظيف، بحيث ان القضية الصحراوية غابت لفترة طويلة عن جدول أعمال القمم الافريقية. ومع دخول المملكة المغربية وجلوسها إلى جانب الدولة الصحراوية، الذي رحبنا به واعتبرناه انتصارا، أصبح هناك شبه قبول بالأمر الواقع (تعايشنا مع دولة الاحتلال) رغم أن ذلك يتناقض مع مقتضيات الميثاق التأسيسي للاتحاد. ورحنا نتغنى بانتصارات ثانوية في الوقت الذي كان يفترض علينا اثارة مسألة الانسحاب الفوري للمملكة المغربية من الأجزاء التي تحتلها من تراب الجمهورية الصحراوية او على الاقل المطالبة بفرض عقوبات ضدها بما في ذلك طردها من المنظمة، خاصة في ظل رئاسة دولة جنوب افريقيا الصديقة للإتحاد الأفريقي؟ ام اننا لا نحسن المرافعة عن حقوقنا المشروعة وجمع أسباب الضغط الممكنة لفرضها؟!!

واذا كنا فشلنا في دفع الاتحاد الافريقي للعب دور في عملية إنهاء الاحتلال اللاشرعي للملكة المغربية لأجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية، فان الاعترافات بالدولة الصحراوية هي الأخرى مقياس حقيقي لمستوى التضامن مع حقنا المشروع في تحرير ارضنا. فلماذا سحبت العديد من الدول اعترافها او جمدته في افريقيا، في أمريكا اللاتينية وفي آسيا؟ اليس حق شعبنا واضحا وضوح الشمس أم حججنا ليست اقوى من حجج المحتل المغربي؟!!!
كما تراجعت الدبلوماسية الشعبية في أوروبا وخاصة في اسبانيا وإيطاليا مما تسبب في تقلص اعداد عطل السلام من الأطفال وأثر أيضا على المساعدات الإنسانية، وهذا يعود الى ضعف الاداة الذي نتج عن خلافات بينها وجمعيات الصداقة. لقد كانت القضية الصحراوية من بين القضايا الثلاثة الاولى التي تشغل الرأي العام الإسباني، والآن لا أثر لها بين تلك القضايا!!!.
ولازال استعمالنا لسلاح القانون الدولي، الذي نستمد منه شرعية كفاحنا في فك مؤامرات ومناورات واكاذيب المحتل المغربي، دون المستوى المطلوب. فلماذا نلجأ للخبراء الاجانب في الوقت الذي نتوفر فيه على قدرات صحراوية كبيرة بإمكاننا تكليفها بهذا العمل أو على الأقل اشراكها فيه؟! 
ويبقى تفعيل مركزية الدبلوماسية الصحراوية حبيسة مزاج المسؤولين، رغم ان جل مؤتمرات الجبهة وندواتها واجتماعاتها طالبت بذلك لما له من اهمية في توجيه وتقييم وإصلاح لهذا الجهاز. ورغم ما صرف من أموال طائلة في بناء وتجهيز مقر المركزية الا ان هذه الاخيرة لم تخط خطوة واحدة نحو تحقيق الأهداف المرجوة منها، وظلت نسبة التجديد والتشبيب في الدبلوماسية الصحراوية ضئيلة جدا، والبعض من دبلوماسيينا عشعش في نفس المكان ما بين العقد والعقدين وحتى الثلاثة عقود، بالإضافة إلى غياب مقاييس واضحة يتم على أساسها اختيار الدبلوماسيين ومسطرة للتقييم والمحاسبة.
هذه فقط كبريات النقاط التي تجعلنا نحكم على أداء دبلوماسيتنا بالرديء وتجعلنا نطلق صفارات انذار حول مستقبل العمل الدبلوماسي. ففي الوقت الذي يحتدم فيه صراع المصالح بين القوى العظمى وتصبح قضيتنا بضاعة يباع فيها ويشتري، نبقى نحن عاجزين عن تقييم أداء دبلوماسيتنا ومراجعة أداتها بالشكل الذي يمكننا من مسايرة الاحداث ونسترجع زمام المبادرة وننتقل من وضعية الدفاع إلى وضعية الهجوم.
الديش محمد الصالح 
 11/03/2020

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *