-->

الدبلوماسية الصحراوية: زراعة الشوك لا تجني العنب


غريب أمرنا فعلا، وغريب ما يجري في واجهتنا التي نقابل بها العالم، غريب أن يستمر البعض منا في تهشيم المرآة التي يرانا العالم من خلالها، الأكثر غرابة وإيلاما أن ولاة أمورنا يتابعون الأمر وكأني بهم يستمتعون ونحن لا ندري هل نحن من يضيع فرصة الإستمتاع بتدمير وتهشيم ما بين أيدينا.
خبر: إنتشر في اليومين الأخيرين الكثير من الأخبار حول تعيينات في مستوى عال في السلك الدبلوماسي الصحراوي، الغريب أنها لم تصدر في مرسوم لا رئاسي ولا وزاري بل تعج بها وسائل التواصل الإجتماعي تماما كما تمتلئ بأخبار ألعاب الأطفال وحكاياتهم حتى لا نذكر تفاهات أخرى. ولن نخوض في عمليتها وجدوائيتها وهل هي مدروسة أم مهروسة ويكفي أن نقول أنها غير رسمية لحد الآن، وإن صحت فهي لا تعدو كونها علكة (تشيكلي) ممضوغة بأضراس تنهشها السوسة. السؤال: هل من متابعة أو محاسبة أو تساؤل ممن يعنيهم الأمر عن هذه البهدلة؟ 
منذ مايقارب ثلاثة عقود ومؤسستنا الخارجية تسبح في موج متلاطم من الإرتباك والتعثر والمراوحة، ولا أريد أن أُسهب في الأسباب لسطوعها ووضوحها وعملا بالقول الحساني: اللي ماشاف السما لاتنعتولو. ولعل أكثر ما فاجأ جميع الفاعلين والمناضلين الصحراويين، سواء من منتسبي القطاع أو من خارجه هو بقاء الأمور على حالها بعد مخرجات المؤتمر 15 للجبهة وهو أمر تعسر على الجميع هضمه وتفهمه لأنه لا تبرير له
لقد قضينا سنوات العمر ونحن نبلع ألسنتنا ونتماشى مع الآداب العامة وأخلاق المجتمع السمحة من جهة، ومن جهة أخرى نحترم مبادئ الجبهة ونعمل وفقها وأفنينا شبابنا في الفيافي والقفار نحاول - ولا زلنا – ولن نبقى.... أن نجد الآذان الصاغية لإهتمامات العامة ومصلحة الحركة والشعب، قد نكون على خطأ (بينا الترشة) على رأي بعض ولاة الأمور ممن خرفوا وهم يتناقضون مع ما كانوا يصرخون به من مبادئ، تلك المبادئ التي إتضح أنها لاتعدو كونها وسيلة لأغراض أخرى بعيدة عن إيمانهم وقناعاتهم، وقد نكون على صواب ولكننا للأسف ومع مرور الأيام أكتشفنا أننا كجيل تربى في حضن الثورة لم نكن سوى قطب الرحى الذي يتلذذ القوم بهرسه وتهشيمه ووضع عليه الأثقال ليقوموا في نهاية الأمر بجمع غلة المحصول والإستمتاع بتناولها بعيدا عن مخيماتنا التعيسة، وفي صباح اليوم التالي يأتون في سياراتهم الفارهة ليكرروا علينا نغمات مشروخة ومشوهة ملت ألسنتهم من لوكها ونتنت أذاننا من الإستماع إليها دون أن يتم تجسيدها على أرض الواقع.
كثيرا ما أتاسى عندما أرى فتيان وشباب في مقتبل العمر من الجيل الذي يلينا - ممن ولدوا على أرض المنفى، وهم أباء وأجداد الآن - وهو يندفع متلهفا وحالما ومملوءا بالطموح، يذيب زهرة عمره وشبابه في خدمة قضيته ومبادئه ومحاولا الدفع بعجلة النصر إلى الأمام وهو من قوة الإندفاع نسي أنه يتآكل في موج هادر من المعطيات التي لم تتغير منذ ولادته لا من حيث الشعارات ولا من ينادي ولا يعمل بها. ولهم أقول وأنصح بتدارك الموقف وإنقاذ ما تبقى من رحيق العمر إن كان في اعمارنا أصلا روح أو رحيق (لكلام ما ينقال كامل).
أكتب مرة أخرى وأتناول مثل هذا الموضوع ليس حبا فيه، فقد أصبح مقززا منذ سنوات ولكن للتذكير مع علمي أن المؤمنين قلة وأكتب محاولا مع يقيني بيأس المحاولة، وأساهم بحروفي ليس من أجلي فالقطار فات ولكن من أجل الفتيان والشباب الذين بالكاد وضعوا أقدامهم على الركاب علهم ينتبهوا ويحتاطوا ويلملموا بقية العدة والعتاد لإستعمالها في معركة أخرى رابحة.
بالعودة إلى عنوان هذا النص، وما تزخر به المؤسسة التي ساقني القدر إلى العمل فيها كواجهة نضالية، هناك الكثير مما يمكن قوله وتناوله مع إيماني بعدم جدوائية ذلك كونه على كل لسان وأكثر وضوحا من شمس الصيف في الصحراء، ولتفويت الفرصة على من سيصفنا (بالتريكة لمتيريشين) لا أرغب في التفصيل والإطالة ولكنني أرغب في أن ينتبه من يهمه الأمر إلى أن جيلي من هؤلاء (المتقيدمين) قد تجاوزنا الخمسين سنة والحمد لله وأصبح ترشحنا لأي هيئة وطنية يتنافى ومبادئنا التي نؤمن بها، وأؤكد لهم سمعوا أو صموا أذانهم أن من يزرع الشوك لن يجني العنب.
حمادي البشير
مارس 2020

Contact Form

Name

Email *

Message *