-->

بوريطة، الأكثر عداءً للجزائر من بين كل وزراء خارجية المغرب


المقال من تحرير طارق. ب، دبلوماسي جزائري سابق، نشر في موقع كل شئ عن الجزائربتاريخ 4 مارس 2020. ترجمة بلة لحبيب أبريكة
إن الزمجرة والنباح في الفراغ، كالكلب المسعور و المضطرب أمام القافلة التي تسير بأمان وبخطى مهيبة وثابتة، هي بعبارات مقتضبة، الميزة والمواصفات النفسية للوزير الأكثر عداءً للجزائر من بين كل وزراء خارجية المغرب . كيف يمكن أن نفهم الهستيريا المصاب بها ضد للجزائر؟ وكيف نفسر إنحرافه الذهني تجاهها؟
عودة قصيرة إلى مسيرته المهنية ، تعيدنا إلى سنة 2013، عندما كان أمينأَ عامأَ لوزارة الشؤون الخارجية المغربية ، شاباَ ومفعماَ بالحيوية. كان قد حل بالجزائر على متن طائرة في يوم من أيام 20 فبراير، بناءً على « تعليمات عالية من جلالته » حيث أقسم قسماَ غليظا، بنبرة فيها ندم ورقة، من أن بلاده عازمة على إستئناف فصل مثمر من فصول حسن الجوار والتعاون الودي مع الجزائر
حظي بوريطة بإستقبال، وبما يلزم من الإحترام الواجب، لأن بلدنا لم يراهن أبداً على الأسوأ عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع جار تربطنا به، بشكل من الأشكال، وحدة المصير. و على الرغم من أن جارنا الغربي متعود على التقلب المفاجئ والمتكرر، ومحموم بإستراتيجية التوتر الدائم التي يزرعها، باصرار غير مألوف، حرص بشدة البيان الصحفي، الصادر في ذلك الوقت، على التشديد على « الصراحة اللازمة » لإضفاء « طابع هادئ، ومتوازن ولا رجعة فيه لعملية تكثيف تدريجي وعملي » للعلاقات بين البلدين. وتعكس الصياغة الحذرة للبيان، في ذلك الوقت، توجسنا العميق من شريك غير جدير بالثقة يعتبر الجزائر كأسوأ عدو له
منذ ذلك الحين، قطع بوريطة شوطًا طويلًا في مسيرته، وهو اليوم يعتقد أنه بإمكانه النيل من بلدنا عندما يحاول بشكل بائس إستخدام فن التهكم والسخرية الصعب، كما فعل في مقابلته الأخيرة مع صحيفة مغمورة يرعاها الديوان الملكي. في الواقع، وراء كل خرجة من خرجات وزيرالشؤون الخارجية، التي تنم عن عدم المسؤولية، والتهور، وعدم الكفاء، يختبي فشل للدبولوماسية المغربية، وبشكل أدق، وزيراً أرعناً ما ينفك في البحث عن مخرج سهل أو متنفس من أجل صرف الإنتباه والإلهاء
مكن القول أن قائمة النكسات الطويلة بدأت عند توليه مهامه، بخيبة أمل المغرب في الإنضمام إلى الجماعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا، وهو الهدف الذي وضعه بوريطة على عاتقه كأولوية قصوى فور توليه المنصب في عام 2017، لكنه اختفى تماما من جدول أعمال رؤساء دول الجماعة الإقتصادية لدول غرب أفريقيا، نظراَ لحرصهم على صيانة مصالحهم الوطنية وكذلك وحدة منظمتهم
المنزلق الثاني لرئيس الديبلوماسية المغربية جرى في مطلع فبراير، عندما أعلن من قبة البرلمان المغربي عن مبادرة إنتهازية وساخرة في اَن واحد، من أن « الصحراء تظل القضية الأولي بالنسبة للمغرب وليس فلسطين » يناقض بذلك النهج (ولو شكلي) لملكه الذي يظل، مع ذلك، الرئيس (النظري) للجنة القدس. و لا بد من التنويه أن رئيس لجنة القدس نفسه، لم يخرج عن صمته المطبق وجموده، في حين لم تعد « القدس » الموعودة للفلسطينيين، حسب تفاصيل صفقة القرن، سوى ضاحية بعيدة مغبرة، ومحاصرة بجدار فاصل
وقد دفعت تصريحات الوزير بوريطة المتهورة، محمد السادس إلى الإستعانة بحزب العدالة والتنمية الإسلامي، ورئيس حكومته، سعد الدين العثماني، حيث دعاه إلى التدخل بشكل عاجل للعب دور الوسيط مع حركة حماس إسماعيل هنية، من أجل تدارك، للمرة الألف، التصرفات الخرقاء لوزير شؤون خارجيته الهاوي
وفي ظل سلسلة الإختلالات الطويلة، اضطر، بعد ذلك بوقت قصير، ناصر بوريطة الذي لا سبيل إلى تقويمه، إلى تولي الدور المهين لرجل الإطفاء و مضرم الحرائق في اَن واحد؛ عندما أدلى، مرة أخرى، بتصريحات أثارت جدلاً حول نوعية العلاقات التي تربط بلده مع موريتانيا. هذه التصريحات أجبرته على التكفير عن ذنيه بركوب الذل والمهانة، لما توجه إلى موريتانيا في 18 فبراير، سعياً منه إلى إزالة « سوء الفهم » أمام الرئيس الموريتاني الجديد
في نفس سياق التكفيرعن ذنوبه المهنية، التي إتخذت هذه المرة من الجزائر مطية لها، يمكن إدراج المسرحية التي دعا إليها الوزير في مدينة العيون الصحراوية المحتلة، حيث اسهب بطريقة ساخرة وبابتسامة متكلفة (و حتى يمكن القول إبتسامة عريضة) في نفث تفاهاته بشأن الجزائر ومؤسساتها
ليست هذه المرة الأولى التي يصاب فيها ناصر بوريطة بهذيان هوسي تجاه الجزائر. ففي سعيه المحموم إلى تحقيق إصطفاف جيوسياسي لصالح الأطروحات المغربية حول مسألة الصحراء الغربية، ومزيد من إرضاء للإدارة الأمريكية وبعض الملكيات في دول الخليج، لم يتردد الوزير المغربي في إرتداء ثوب المشعوذ المخادع لتشويه « عدوه الشرقي » من خلال نوبات أوهام، ليست فقط حمقاء بل سخيفة، بشأن علاقات عسكرية مزعومة بين جبهة البوليساريو وإيران وحزب الله اللبناني
تبين الإنحرافات الشنيعة والخسيسة التي إرتكبها المعتوه ناصر بوريطة الحالة الإنطوائية لنظام قروسطي يعيش على طريقة إميل كوي و أسلوب الإيحاء الذاتي حول “قضية وطنية” لا تعدو سوى إحتلال عسكري لإقليم « منفصل ومتمايز » يقع خارج نطاق سيادته بالكامل، وفقًا للحكم الصادر عن محكمة العدل التابعة للإتحاد الأوروبي
لن تتوانى الجزائر الجديدة، القوية برجالاتها ومؤسساتها، ومجتمعها المدني العظيم، في دعمها للقضايا العادلة عبر العالم، وفي دعم قضية شعب الصحراء الغربية الذي يكافح من أجل نيل حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير من أجل إستكمال عملية إنهاء الإستعمار الذي تمت عرقلته.
المصدر: Sahara Politics

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *