إن لم يتق الطغاة حقوق العباد فإن اللّٰه يمهل ولا يهمل
معلوم ان طمع وجشع طغيان اغنياء العالم واتباعهم من انظمة عميلة، لا حدود لهم، فهم مستهترون لا يشبعون ولا يبصرون إلا الربح ولا يتفايقون إلا حين يصاب المال بضرر، فلا يقيمون وزنا لانسان ولا يجنح منهم جانح لحق، إلا عندما يفضي لزيادة ربح او لمعالجة خصارة وينحصر العالم بالنسبة لهم في هذه الزاوية الضيقة، بغض النظر عن كم تحصد تلكم الأرباح من انفس بشرية، ولا ينظرون خارجها إلا اذا ادى ذلك لخسائر اقتصادية او اعترِض سبيل ربح، فلا يهمهم تلوث بيئة، ولا ان يقصف الابرياء بالنبالم والفوسفور والقنابل الذرية والبيولوجية، والغاز السام، ولا اعمال إبادة باي لون كان، ولا يهمهم ان تجويع الشعوب ويتعدى على سلامتها وحقوقها وتقسيم اوطانها وطمس وجودها، بل وقد تكون تلك سبلا لربح او رد خسارة، لديهم الكثير من وسائل إحداث الموت لكنهم عاجزين على بعث الحياة، يبحثون دائما عن الربح، وفي نفس الوقت يقتلون اياد وعقول هي مصد ربحهم، يراكمون الثروة ويحفرون الحفر التي يدفينونها فيها، حيث لا ربح إلا بالانسان وصحة الانسان ورفاهية الانسان.
وقد يكون المرض ارحم من ظلم ظالم غازي تربطك به علاقات العروبة والجوار والاسلام، مما يقطع الشك باليقين بان نوايا الطامعين في غاية السوء و لا يثنيهم عن تحقيقها الا عجزهم او صلابة خصهم حتى وإن كان اعزلا، لكن الله سميع بصير وله في خلقه شؤون لا يعلمها الا عليم حكيم، وهو اللّٰه ارحم الراحمين، إذ اصبح وباء كورونا الذي هو جند من جنود اللّٰه التي لا يعلم عددها إلا هو، تكشف معادن الناس وأصل منبتهم وتظهر مكامن الأخلاق النبيلة والسلكات الحميدة وتكشف زيف الزائفين وخبث مآربهم وتنسف السطحيات وتلقيها في القمامة، في اذهان الناس على الاقل، الشيئ الذي يؤطر لوعي عالمي سيؤثر في الذهنية العالمية والعلاقات الدولية، فحين نتفحص سلوكات الساسة في هذه الاونة نرى فرقا مذهلا بين من يترأس خلية ازمة في بلاده، حين تواجه الخطر فيجتهد في ابتكار الحلول ويتفقد احوال الناس ويخفف من معاناتهم، من جهة، وبين من يفر بنفسه عن الخطر ويترك البلاد والعباد للمجهول، متجاهلا انه لن يصيبه إلا ما كتب اللّٰه له، لقد كشف وباء كورونا في هذه الايام ايضا ان المكاسب المادية تندثر وتصبح عديمة الفائدة إن لم تسخر لخدمة الانسان وأن الاقتصاد مرهون بسلامة الانسان، مما يوفر فرصة ثمينة لمن يراكم الثروات على حساب البشرية ليتدارك اخطائه ويراج حساباته، لا خدمة للانسانية وانما حفاظا على صحته ومصلحته الاقتصادية، حبذا لو عرف أن العالم تقله سفينة واحدة وإن خُرقت غرقت بحمولتها، بما في ذلك هو وما يملك رغم ما ينتابه من شطط وغرور وحنق الانانية، ويتبين له بعد ذلك في مجال علاقة الانسان بالاقتدصاد، أن ما يضر الانسان يضر الثروة والاقتصاد، فلا يجد مفرا من الامتثال لشرع اللّٰه، إن لم يضع حدا لشراهته، وكأن كورونا تقول للناس بامر من رب الناس: انتم سواسية وعودوا الى سبيل السواء، فااللّٰه خلق الانسان معززا مكرما وجعله خليفته في ارضه وسخر له كل ما عليها من منافع ومَنَّ عليه بنعمة العقل وأتاه من العلم ما جعله اكرم مخلوق يعيش عليها، وأمره بإقامة العدل عيها، غير ان الانسان خلق عجولا وخلق هلوعا، وما تلك المكارم والمنافع إلا امانة في عنق بني آدم، لكن الانسان كان "ظلوما جهولا"، ومن ذلك ان طموحه لا حدود له، غير أن ربه امره كذلك بالتوسط في الامور وما ذلك لعبث، وإنما لحكمة تجعله يكسب بسلام وآمان، وإن لم يفعل، فالله فعال لما يريد.
لا شك في ان وباء كورونا والمرض عموما عدو مشترك للبشرية وللشعب الصحراوي، ولكنه ليس بأفتك من الغزو المغربي الهمجي الذي لا يتعظ ولا يستخلص العبر ولا يزن امرا إلا بميزان هواه ونزواته الخسيسة وأوامر سيده الاستعماري المخمور بالغرور، ولذلك فهو وامثاله من العابثين بحقوق الشعوب وسلامتها، هم اقبح وابله عدو للبشرية. لكن مصلحة الانسان تأتيه كرها في كثير من الاحيان لحكمة يجهلها لان اللّٰه ارحم به من نفسه الامَّارة بالسوء، ونأمل اليوم ان تستخلص البشرية عبرة حكيمة من هذه الجائحة الفتاكة التي تقتل القوي والضعيف على حد سواء، وتتنبه لتعود لرشدها وتتقبل بعض التوازن بين ما هو انساني واجتماعي وحقوقي وقانوني وما هو اقتصادي، فينال الشعب الصحراوي وغيره من مظلومي العالم كغيرهم من شعوب المعمورة حقوقهم المسلوبة ضمن هذا التوازن، وينعم شعبنا بحقه الغير قابل للتصرف في العيش مستقلا فوق وطنه، ويقيم سيادة دولته على كامل ارض الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، تلك الدولة التي ستكون عامل استقرار وتوازن في المنطقة إن شاء اللّٰه.
2020/04/08
محمد فاضل محمد اسماعيل obrero