حوار الجزيرة القطرية مع الدبلوماسي امحمد خداد يستعرض رؤيته لمختلف اوجه النزاع في الصحراء الغربية
للأمم المتحدة بعثة بالصحراء الغربية من 229 فردا يسهرون على وقف إطلاق النار على خط يفصل جبهة البوليساريو والقوات المغربية منذ 13 سنة، أي بعد توقيع اتفاقات هيوستن، وتجاوزت مصاريف البعثة الآن نصف مليار دولار.
وفي ظل مطالبة البوليساريو بتطبيق القرارات الدولية التي تنص على إجراء استفتاء لتقرير المصير واقتراح المغرب ما يسميه الطريق الثالث بديلا لمقترح الوسيط جيمس بيكر، يبقى الطرفان يحاولان حسم القضية, ويحاول كلاهما الاستفادة من تحالفاته الدولية.
محمد خداد كبير مفاوضي البوليساريو مع قوات الأمم المتحدة ارتبط بصداقة خاصة مع المبعوث الدولي جيمس بيكر وله خبرة واسعة في مجال الطاقة في الصحراء الغربية، وعضو "قيادة جبهة البوليساريو" مكلف بالتفاوض والتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء بالصحراء الغربية "المنورسو"، الجزيرة نت التقته في أوسلو وأجرت معه هذا الحوار.
هل زيارة النرويج مسعى لكسب مزيد من المؤيدين الدوليين؟.
الهدف كسب أكبر دعم للسلام العادل على أساس الشرعية الدولية، وبالتالي احترام حق الشعب الصحراوي بتقرير مصيره، عندنا أصدقاء كثيرون بالنرويج التي لعبت دورا أساسيا بسحب أموالها من خطوط شركة الكرمادي التي وقعت اتفاقا لصوصيا مع المغرب حول التنقيب عن بترول سواحل الصحراء، واعتبرت الاتفاق غير أخلاقي وغير شرعي. ونشاطنا لا ينحصر في النرويج والدول الإسكندنافية، بل يشمل كل أوروربا.
ما أسباب إطلاق البوليساريو سراح 404 من معتقلي المغرب, أهو ضمن مخطط تسوية مع المغرب؟.
أولا الـ404 آخر مجموعة من ألفي أسير أسرهم جيش التحرير الشعبي الصحراوي في الحرب التي دارت رحاها في عام 1975 وحتى توقفت الأعمال العسكرية، إذا هم عسكريون وأسرى حرب شاركوا في غزو الصحراء الغربية، حرقوا اليابس والأخضر، وقتلوا نساء وأطفالا.
هذا قرار إنساني وجاء تجاوبا مع طلب مجلس الأمن ودول صديقة، في وقت يأسر فيه المغرب صحراويين منذ شهر مايو/ أيار الماضي، وما زال أكثر من 150 جنديا صحراويا بسجونه، إضافة لأكثر من 500 مفقود صحراوي مدني منذ العام 1985. نحن نتعامل مع المجتمع الدولي ونطالب بتطبيق قرارات الأمم المتحدة والمغرب يرفض، نحن نطالب بتبادل الزيارات بين الأسر الصحراوية الموجودة في مخيمات اللاجئين والمدن المحتلة والمغرب يرفض.
هل للتغيير الحاصل في الحكومة الإسبانية دور في التأثير على دبلوماسية جبهة البوليساريو خصوصا أنها كانت مستفيدة من علاقاتها مع الحكومة السابقة برئاسة أزنار؟.
إسبانيا هي الدولة المستعمرة ولها مسؤولية تاريخية مادية ومعنوية عما يجرى بعد ثلاثة عقود من انسحابها واتفاقها اللصوصي مع موريتانيا والمغرب على تقسيم الصحراء الغربية. الرأي العام الإسباني والأحزاب السياسية عموما والمجتمع المدني يؤيدون القضية الصحراوية وتقرير مصير شعبها، ويعتبرون أن مسؤولية إسبانيا لن تنتهي إلا بتحقيقه. صحيح أن الحكومة الجديدة غيرت نوعا ما من سياستها، بالتقارب مع المغرب, لكن مواقف الرأي والمجتمع المدني والبرلمان ومجلس الشيوخ لم تتغير، فقد صادق هذان الأخيران على قرارات تؤيد حق تقرير المصير، وضرورة تطبيق مخطط بيكر.
ما ردكم على اتهامات المغرب للبوليساريو بانتهاك حقوق الإنسان بمخيمات تندوف؟.
آتوا ببرهانكم. على كل حال المخيمات ليست محجوبة عن الزيارة، وهناك آلاف من كل أرجاء المعمورة يزورونها. ما يمكن أن أقوله هنا هو أنه لا يوجد هناك لا أسير حرب ولا معتقل سياسي ولا معتقل رأي، ونتحدى المغرب وغيره أن يقدم مثالا واحد لمعتقل سياسي أو معقتل رأي أو أسير حرب، أو انتهاك لحقوق الإنسان بالمخيمات.
ما معقولية مطالبة زعيم البوليساريو محمد عبد العزيز بالإشراف الدولي على منطقة العيون بعد الاعتقالات الأخيرة والمواجهة مع قوات الأمن المغربي في رسالة للأمين العام كوفي أنان وصف فيها صمت الأمم المتحدة بغير المفهوم؟.
لما وافقت المغرب وجبهة البوليساريو على مخطط التسوية في 1991 كان هدفه أولا وقف إطلاق النار، وتنظيم استفتاء تقرير مصير، وبذلك كون مجلس الأمن بعثة لمتابعة وتطبيق الاتفاق، وهي موجودة الآن بالمكونات المدنية والعسكرية، في العيون وفي السمارة والداخلة وكذلك في مدينة سندوك. نحن نقول إن مهمة تلك البعثة مناطة بقضية الاستفتاء، أن تقوم بدورها الأساسي وهو حماية المواطنين من بطش المغرب، خصوصا أن هؤلاء المواطنين لم يطالبوا بشيء سوى حق التعبير الحر بأسلوب سلمي.
ما مدى جدية دعوة زعيم جبهة البوليساريو في مؤتمر صحفي بالجزائر لحل مشكل الصحراء سلميا؟.
موقف البوليساريو من الحل السلمي واضح، فقد قبلنا في 1991 مخطط التسوية الأممي الرامي لتنظيم استفتاء بكل التعديلات التي أدخلت عليه، وجمدنا العمل العسكري ونحن ننتظر الحل السلمي منذ 14 عاما. رغبتنا في السلم لا تحتاج لتأكيد على الرغم من أن المغرب يحتل الأرض ويستغل الثروات، ويرهب المواطنين.
ما حقيقة الضغط الأميركي على الجزائر في عملية إطلاق سراح الأسرى خاصة أن العملية أشرف عليها سيناتور أميركي وبدعوة من الرئيس جورج بوش؟.
إن إطلاق سراح أسرى الحرب قرار سيادي وافقت عليه قيادة البوليساريو في مايو/ أيار الماضي, وأعلن عنه الرئيس محمد عبدالعزيز خلال زيارة لإسبانيا قبل ثلاثة أشهر، أي قبل وساطة واشنطن وتدخل أي طرف، وكان نفس الشيء بالنسبة لمجموعات أخرى أطلق سراحها من قبل.
صحيح أن واشنطن على غرار قطر وإسبانيا وألمانيا ودول أخرى -دخلت في الموضوع منذ 1996 وساعدت في ترحيل ما يقارب 200 أسير مغربي أطلق سراحهم, كما ساهمت بإرجاع 66 أسيرا مقاتلا صحراويا من المغرب وصلوا إلى مخيمات اللآجئين مع نهاية 96, لكن دور واشنطن ووساطتها عاديان, وحتى الآن لم نشعر بأي ضغط.
أليس المغرب محقا عندما يحمل الجزائر مسؤولية سلامة سجنائه خاصة أنه يتهمها بالسماح باحتجازهم على أراضيها؟.
الأسرى سجنوا بالصحراء الغربية، والغريب أن المغرب يبعث بجنوده لغزو الأرض، ولما يؤسرون يتنكر لهم. من 75 حتى عام 2000 لم يعترف بوجود أي أسير عند البوليساريو، حتى لما بادرنا في 1989 بإطلاق سراح 200 منهم بوساطة رئيس وزراء إيطاليا حينها, رفض الملك وبقوا حتى تدخلت واشنطن في 1996 ليقبل بهم الحسن الثاني. جنود المغرب أسروا بالصحراء الغربية بالأراضي المحررة، رغم أن الصليب الأحمر واتفاقيات جنيف تنص على أن الأسرى يجب أن يكونوا في مكان آمن خارج منطقة الحرب، ولذلك كانوا في المناطق المحررة وليس على الأراضي الجزائرية.
هل أنتم مستعدون لمناقشة حكم فدرالي موسع داخل المغرب يحفظ الهوية الصحراوية، أو على الأقل حكما فدراليا داخل اتحاد المغرب العربي كما دعا إليه وزير الخارجية الصحراوي الأسبق؟.
نحن نطالب بحل ديمقراطي للمشكلة بإعطاء كلمة الفصل للشعب الصحراوي ليقرر مصيره، وإذا وافق في استفتاء حر وديمقراطي بإشراف دولي بأنه يريد أن يكون مغربيا نحن نقبل بذلك، وإن أقر بأنه يريد الاستقلال فنطالب المجتمع الدولي ومن المغرب باحترام هذا الرأي. بالنسبة لنا الحل الشافي هو إعطاء الكلمة للصحراويين.
المغرب كان يعتقد عام 1975 بأنه بجيشه وبـ30 مليون مغربي وبعلاقاته الدولية بإمكانه القضاء على الشعب الصحراوي باعتباره مجموعة من البدو، لكن هانحن في 2005، والأصوات التي ترتفع الآن لرفض الاحتلال هي من أفواه أولئك الذين ازدادوا عشر سنوات و15 سنة و20 سنة بعد 1975، وهذا دلالة على أن الوطنية الصحراوية متجذرة، وكل سياسات المغرب من ترهيب وترغيب وتغيير للمعطيات الديموغرافية فشلت.
ما حقيقة الاتصالات السرية بين البوليساريو والرباط؟.
ليس هناك أي اتصالات سرية بين المغرب وجبهة البوليساريو.
ما شعوركم عندما تدركون أن ملف الصحراء يؤخر كل مرة انعقاد القمة المغاربية؟.
طموحنا هو بناء مغرب عربي وربط علاقات جيدة بكل مكوناته، لكن هذا البناء المغاربي لا يجوز أن يكون على حساب الشعب الصحراوي، البناء الذي يدوم هو البناء الديمقراطي الحر، لا المبني على فرض إرادة هذا الطرف على الطرف الآخر.
ألا تخشون أن يؤدي تقارب واشنطن والجزائر إلى ضغط جزائري عليكم من أجل تسريع حل الملف أو القيام بتنازلات أكبر؟.
لا أبدا، لقد قلت عندما تحدثت عن موضوع الأسرى أن القرار سيادي. واشنطن حاولت لثماني سنوات عبر بيكر أكبر وسيط دولي إيجاد حل للمشكل, لكن المغرب كان يعرقل برفض وساطته والحل الذي قدمه وصادق عليه مجلس الأمن في 14 مايو/ أيار 1995، فواشنطن حتى الآن لا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، ولما أبرمت اتفاقية التجارة الحرة بينها وبين المغرب العام الماضي، أوضح البيت الأبيض في رسالة للكونغرس أن الاتفاق لا يعنى الصحراء الغربية لأن واشنطن لا تعترف بسيادة المغرب عليها، إذا موقف واشنطن مازال متماشيا مع إطار الأمم المتحدة.
البعض يقول إنكم تحولتم من حيث لا تدرون إلى ورقة في يد الجزائر في خلافاتها العديدة مع المغرب؟.
مجرد دعاية مغربية، وهل من يوجدون بالسجون يعانون بطش الجلادين المغاربة، ويرفعون الشعارات وعلم الجمهورية الصحراوية داخل التراب الصحراوي تحديا للقوات المغربية ولم يزوروا الجزائر ولو دقيقة واحدة هم كذلك عملاء للجزائر؟.
هل لاحظتم تغيرا في موقف الجزائر منذ وصول الرئيس بوتفليقة إلى السلطة؟.
موقف الجزائر ظل دائما مع الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، وهي تؤيد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير كجنوب أفريقيا وكينيا والاتحاد الأفريقي الذي توجد فيه الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عضوا كامل الحقوق, كما تؤيده النرويج وعشرات الدول، ولا أعرف دولة تعترف بحق وسيادة المغرب على الصحراء الغربية بما فيها أقرب المقربين منه.
ما تعليقكم على دعوات المغرب للجزائر إلى التفاوض مباشرة حول الصحراء الغربية؟.
قضية الصحراء الغربية قضية تصفية الاستعمار موجودة منذ 1966 في جدول اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار والجمعية العامة للأمم المتحدة، وكل سنة هناك تنسيق حول تصفية الاستعمار، إذا الإطار واضح وهو الأمم المتحدة والأطراف التي حددتها هي البوليساريو والمغرب. الضباط الأمميون الموجدون بالصحراء الغربية المشرفون على وقف إطلاق النار يتعاملون مع الطرفين جبهة البوليساريو والمغرب.
بماذا تفسرون تماسك الموقف المغربي واتفاق القصر الملكي والمعارضة على أن الصحراء مغربية؟.
لا أظن أن هناك تماسكا بهذا العمق، بل يوجد موقف رسمي أعلن عنه المغرب من البداية وهو مقدسات "الملك والإسلام والصحراء", وكل من يقول إن الصحراء غير مغربية يسجن كما حدث مع السيد إبراهيم سرفاتي الذي تجرأ في السبعينيات فنفي وسحبت جنسيته وقيل إنه برازيلي، فدعاية المغرب هي أن الصحراء مغربية وكل من يقول عكس ذلك مآله السجن.
كيف تعاملتم مع الانقلاب في موريتانيا؟.
هذا شأن موريتاني داخلي، فقد أرسلنا مبعوثا وأعطى لنا تفسيرات ورأيهم في التغيير الذي وقع، ونحن نحترم الشؤون الداخلية للدول المجاورة، وليس لدينا تعليق حول الموضوع.
ما الخطوات التي اتخذتها البوليساريو لمنع استثمار شركات أوروبية في المناطق المتنازع عليها لاسيما أنك أحد المهتمين بمتابعة ملف الطاقة بالصحراء؟.
أولا طرح الموضوع على مجلس الأمن الذي طلب من الكاتب العام المساعد للأمم المتحدة المكلف بالشؤون القانونية السيد كوريل في 2002 إعطاء رأي استشاري، وكان واضحا فقد أكد أن المغرب ليس له سيادة على الإقليم، وليس القوة المديرة، وأن تداعيات مدريد التي تمت بينالمغرب وبين إسبانيا وموريتانيا في 1975 لا تمنح المغرب حق إدارة إقليم الصحراء الذي لم يصف الاستعمار منه، وعليه فلا يحق استغلال ثرواته واستخراجها إلا لفائدة سكانه.
إذا كل العقود التي أبرمت لاستخراج الثروات غير قانونية، وواشنطن في اتفاقيتها مع المغرب كانت واضحة وتقول إنها لا تعترف بسيادته علىالصحراء الغربية، وبالتالي فإن بضائعها في الصحراء الغربية لا تدخل ضمن هذه الاتفاقيات، وبالموازاة قمنا بنشاط دولي مكثف لشرح الموقف وأن أي استثمار أو أي علاقة مع المغرب حول ثروات الإقليم غير أخلاقية وغير قانونية, وتعرقل التوصل إلى حل. وكانت النرويج أول من تبنى الموقف وسحبت كل أموالها من شركة كرمال.
ما الروافد الأيديولوجية لحركة البوليساريو بعد نهاية عصر اليسار الثوري؟.
البوليساريو لم تكن يوما شيوعية بل حركة وطنية هدفها تقرير مصير الشعب الصحراوي، تؤمن بالتعددية السياسية عندما يتم الاستفتاء وتكون نتيجته الاستقلال. جبهة البوليساريو ستكون بعد مرحلة انتقالية حزبا كالأحزاب الأخرى, فلسفتها احترام المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، واتباع اقتصاد السوق.
ما حقيقة ما يشاع عن الصراعات القبلية داخل البوليساريو؟.
"يضحك" حقيقة كل هذه دعايات من قبيل أن جبهة البوليساريو كوبية ثم بعد ذلك فيتنامية، وبعد ذلك إسلامية متطرفة... إلخ كل هذه دعايات.
أنتم تدعون إلى اعتماد إحصاء إسبانيا كقاعدة لتحديد الهيئة الناخبة في الإقليم, وتقرون بوجود صحراويين في دول أخرى كالجزائر وموريتانيا, أليس هذا تناقضا؟. ولماذا لا يكون الإحصاء الإسباني ذاته محل نقاش؟.
ليس هناك تناقض، الأمم المتحدة مع قبول الأطراف لمخطط التسوية عام 1991 جعلت إحصاء إسبانيا منطلقا ومرجعا أساسيا لتحديد لائحة الناخبين، لسبب بسيط فهي أدارت الإقليم لقرن من الزمن وتعرف من كان يسكنه بكل ما يترتب على ذلك من أوراق وجوازات سفر وبطاقات تعريف ووفيات وزواج. وقبلت البوليساريو كل التعديلات التي اقترحها وأدخلها الأمين العام للأمم المتحدة السيد بطرس غالي ثم الوسيط بيكر، ففتح المجال لكل من يدعي بأنه صحراوي, وحددت هوية ما يقارب 198 ألف مترشح، وقدموا ما لديهم من أدلة لإثبات حقهم في التصويت، في الدار البيضاء ومراكش وفاس والرباط... وكذا في الصحراء الغربية ومخيمات اللآجئين الصحراووين بجنوب الجزائر وشمال موريتانيا.
العملية شملت كل من ادعى بأنه صحراوي، ونزل 198 ألف شخص في اللائحة، ومن بينهم أقرت اللجنة أن 86 ألفا تقريبا يحق لهم المشاركة، وفتحت الأمم المتحدة مرة أخرى إمكانية الإسناد وسجل الآلاف من الناس، لكن المغرب أوقف المسار لأنه يرفض جملة وتفصيلا ما قامت به الأمم المتحدة بعد أن صادق عليه، ويرفض أكثر من ذلك حق تقرير المصير وتنظيم أي استفتاء, فالمشكلة ليست في عدد الناخبين وحق التصويت.
البعض يقول إن الجزائر أصبحت تمارس سياستكم الخارجية بالوكالة، وأنها كانت وراء اعتراف العديد من الدول الأفريقية مؤخرا بالجمهورية الصحراوية؟.
هذه دعاية، فالمغرب كان لديه دبلوماسية وكان بإمكانه أن يقوم بنفس النسق، اعتقد أن دولا كجنوب أفريقيا والمكسيك وكينيا والجزائر تتخذ مواقف مبنية على أساس القانون والأخلاق. المجتمع الدولي يرفض الغطرسة من الكبار والصغار, والمغرب لا يتصور أن نفس السياسة التي يرفضها المجتمع الدولي في أماكن أخرى مثل الغزو والاحتلال سيرفض احتلال المغرب.. فهذا تعبير عن تأييد المجتمع الدولي لنوع من الأخلاقيات وألا يسود منطق أن يبتلع القوي الضعيف.
ما طبيعة دعم الجزائر؟ هل هو معنوي فحسب؟.
هناك دعم معنوي وهناك دعم مادي، وهناك دعم من دول أخرى, وكان هناك دعم عسكري في حينه, لكننا دخلنا منذ 15 سنة المسار السلمي طبقا لتوصيات الأمم المتحدة ومجلس الأمن. فإذا كان هناك حديث عن الدعم الآن فهو دعم إنساني ومعنوي ودبلوماسي.
إلى متى يبقى "الشعب الصحراوي" شعب مخيمات؟.
أملنا أن لا نكون شعب المخيمات، نحن لاجؤون من أجل الاستقلال والرجوع لأرضنا أحرارا، هذا هو هدفنا، ومن أجله ضحينا بالغالي والنفيس وقبلنا مرارة اللجوء، والشعب الصحراوي مستعد لأن يقاوم. في الوقت الذي نتكلم فيه، هناك أكثر من 37 أسير رأي في سجون المغرب، ومضربين عن الطعام مثل علي سالم تامك وغيره.. جريمتهم الوحيدة هي مطالبتهم بتقرير المصير بصورة سلمية.
ألا تخشون على "هوية الشعب الصحراوي" من ظاهرة التجنس خاصة أن العديد منهم اختار الجنسية الإسبانية بفضل القوانين الإسبانية التي تسمح بذلك؟.
لا أظن أن جواز السفر يغير الهوية الوطنية، ولا الانتماء القومي، أنت فلسطيني لكن جواز سفرك الأجنبي يوفر لك حرية التحرك. الجواز وسيلة تجول وعمل وليس الهوية، ولا يعني الحصول عليه الابتعاد عن القضية الوطنية والأهداف الوطنية.
ألم يحن وقت الوصول إلى دولة المؤسسات يفصل فيها الحزب عن الدولة خاصة أنكم تتحدثون عن "جمهورية صحراوية"؟.
نحن نعمل بنظام الانتخاب، وما من مسؤول إلا ويمر بالانتخاب والاقتراع السري، وهناك برلمان ربع أعضائه تقريبا منتخبين ويضم نساء صحراويات وتساءل أمامه الحكومة ويصادق على برنامجها. إذا هناك نواة قاعدة مؤسسات ديمقراطية منذ سنوات حتى في مخيمات اللاجئين. هذه فلسفتنا ومشروع دولتنا، الديمقراطية، دولة المؤسسات والتعددية الحزبية. وجبهة البوليساريو غدا بعد الاستقلال والاستفتاء لن تطالب بأي شرعية تاريخية فهي وسيلة لتقرير المصير، وعندما تحصل عليه تنتهي مهمتها وتفسح المجال لكل الأحزاب التي تريد لعب دور في المجتمع الصحراوي.
هددتم باستئناف القتال أكثر من مرة، هل بات ذلك وشيكا؟.
الرجوع للحرب يبقى واردا مادام هناك لاجئ صحراوي ولم تحل القضية. لكن مادامت هناك إمكانية للحل السلمي العادل على أساس قرارات الأمم المتحدة سنتعامل معها ونصبر ونعطي الوقت الكافي لتطبيقها، دون أن يعنى هذا البتة أن الحرب ملغاة نهائيا، لأنها ستكون حتمية إن لم يكن في الأفق سواها.
البوليساريو.. إلى أين؟.
البوليساريو إلى أن يتمكن الشعب الصحراوي من حقوقه المشروعة والشرعية, لأنه منذ عام 1966 والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وحركة عدم الانحياز تؤكد ضرورة احترام حقوق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وإن كانت حقيقة تنال عن جدارة من خلال المقاومة والصمود فقد مضى 30 عاما ونحن نطالب بحقنا المشروع. ورغم قلة الإمكانيات وعدم تكافؤ موازين القوة بيننا وبين القوة الغازية صمدنا في ظروف قاسية وفي ظل تغيرات دولية وإقليمية، ما يدل على أن هناك مشروعا حقيقيا والتزاما حضاريا يؤهل الشعب الصحراوي ليواصل المشوار حتى يحقق أهدافه المنشودة.
ــــــــــــــ
حاوره مراسل الجزيرة نت سمير شطارة-أوسلو ـ يوم 12/9/2005
المصدر : الجزيرة