عودة الجزائر القوية تصدمه: أحلام “القصر العلوي” تتبدد بوصول عبد المجيد تبون إلى الحكم.
الأغبياء فقط هم الذين لا يتعلمون من الدروس. الدولة الجزائرية بكل مؤسساتها استفادت من دروس العقود الثلاثة الأخيرة. عشرية من الحرب الإجرامية ضد كيان الدولة ومؤسساتها، أتت على الأخضر واليابس، وجاءت أيضا على رصيد الجزائر في القارة الإفريقية، فاسحة المجال للعديد من الدول لتعبث في القارة الإفريقية ومنها فرنسا وإسرائيل والمغرب، التي يجمعها تحالف مصالح استراتيجي، مما جعلها لا تعدم أي فرصة للانتقام من الجزائر.
بعد عشرية الإرهاب، ومنذ العام 2000 أصبحت القارة الإفريقية تقريبا في حكم النسيان بالنسبة لرئيس وضع القارة الإفريقية في آخر أولوياته، حتى أصبحت الدول المجاورة للجزائر ملعبا للمخابرات الفرنسية والمغربية والإسرائيلية والقطرية التي تعتمد كلها على الجماعات الإرهابية كورقة لإرهاق واستنزاف الجزائر.
المخزن وورقة الإرهاب
لا يخفى على العارفين والمختصين بالشأن الأمني والاستخباري في منطقة الساحل والصحراء، مدى انخراط المخابرات المغربية متحالفة مع نظيراتها من فرنسا والكيان الصهيوني، من خلال عدة ترابطات، في استهداف الجزائر، لإشغالها وإبقائها بعيدا عن الاهتمام بالعودة إلى الساحتين العربية والإفريقية للدفاع عن مصالحها وأمنها القومي وعن مواقفها التقليدية المناهضة للاستعمار والمساندة لحق الشعوب في تقرير مصيرها.
تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون، الخميس الماضي، بخصوص رفضه المطلق لرهن سيادة البلاد من خلال العودة للاقتراض الخارجي، وربط رئيس الجمهورية بين ذلك وفقدان البلاد لاستقلاليتها في دعم القضايا العادلة ومنها القضيتين المحوريتين القضية الفلسطينية وأيضا حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، هذه التصريحات أصابت المسؤولين في المغرب ونخبهم إعلامهم بالكلًب والسعار، وشرعوا في استهداف الجزائر ككل مرة، محملين إياها نتائج فشلهم في التغطية عن جريمة احتلالهم للصحراء الغربية منذ 1975 وجرائمهم ضد الشعب الصحراوي بسبب أطماعهم التوسعية.
المغرب تفتح أراضيها لاستقبال غرف عمليات أمريكية-إسرائيلية- فرنسية لضرب الجزائر
نظام المخزن الذي لا يخفي عمالته للاستعمار الجديد والصهيونية العالمية، لم يتواني في فتح أراضيه لاستقبال قواعد للاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والصربية لتدمير الجزائر وتخريبها من خلال موجة “الربيع العبري”.
ولما لم يحقق أهدافه العدوانية ضد الجزائر من خلال سلاح المخدرات في استهداف الشعب الجزائري منذ عقود، أنتقل المخزن إلى خطوة لا تقل خطوة وهي السماح لأجهزة مخابرات معادية للجزائر، بإقامة غرف عمليات على أراضيه، لاستهداف الجزائر مباشرة، وهي غرف عمليات تتكون من ضباط استخبارات من الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع ضباط مخابرات مغاربة و12 ضابطا في اختصاص التخريب من جمهورية صربيا وأعضاء من منظمة أوتبور Otpor الصربية، إلى جانب 8 أفراد من منظمة رشاد التابعة للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة.
وتتمثل مهمة الغرف، الواقعة في وجدة ، والأخرى بمدينة الرشيدية، بتنسيق كافة عمليات التخطيط والتمويل والإمداد والتزويد، لجهات معينة تنشط داخل الجزائر بهدف إثارة الفوضى والدخول في مواجهات مع قوات الأمن الجزائرية وخلق الظروف المؤاتية لتنفيذ عمليات اشتباك مسلحة.
مراكز تدريب في العيون والسمارة المحتلتين
تقوم غرف عمليات أخرى واقعة بالعيون والسمارة المحتلتين، بعمليات تدريب 362 متدرّباً، وثمانية وعشرين مدرّباً وإدارياً، بالعيون المحتلة، و284 متدربا و18 مدربا في السمارة المحتلة، على مقربة من مثلث الحدود الجزائرية الصحراوية الموريتانية، ومن بين المتدربين عناصر من منظمة -الماك- الانفصالية.
وتهدف الخطة إلى تدمير الدولة الجزائرية، عقاباً لها على مواقفها الرافضة لتسليم ثروات البلاد والعباد إلى المستعمر الأميركي أو الفرنسي أو الاثنين معاً، وكذلك رفضها أيّ تقارب أو حوار مع الكيان الصهيوني الذي تربطه علاقات جد حميمة مع العرش العلوي في المغرب.
صمود الجزائر ونجاح انتخابات 12/12/2020 التي مكنت الشعب من انتخاب رئيس شرعي من التيار الوطني المؤمن بمبادئ نوفمبر، أصاب الاستعمار الجديد وعملائه في المنطقة في مقتل، وهو ما دفعهم إلى الخروج علانية إلى مهاجمته مباشرة. ولأول مرة تلتقي صراحة الهجومات من الكيان الإسرائيلي ونظام المخزن وفرنسا، ضد رئيس جزائري منذ الاستقلال، ما يكشف درجة التنسيق العالية للمخابر التي تحرك خيوط اللعبة ضد الجزائر ورئيسها وشعبها.
سقطة ناصر بوريطة
مستوى الانحدار الذي وصل إليه وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، ومهاجمته للجزائر خلال ندوة دول عدم الانحياز، تعري مستوى الانحطاط الذي وصله هؤلاء وانزعاجهم من عودة الجزائر إلى الساحتين العربية والإفريقية، ورفضها الصريح لبلطجة بعض أنظمة المنطقة وانخراطها في مسارات عمالة مفضوحة، وهو الأمر الذي يبين لماذا يرفض المخزن طلب الرئيس عبد المجيد تبون، من مجلس الأمن خلال القمة الافتراضية لدول عدم الانحياز الخميس الماضي، وقف الأعمال العدائية ضد شعوب الدول المستعمرة ومنها الصحراء الغربية وفلسطين.
لم نر في الأعراف الدبلوماسية، كيف لوزير خارجية دولة، يهاجم رئيس دولة، إلا إذا كان هذا الوزير عديم اللباقة وعديم الأخلاق الدبلوماسية.
جنون المخزن ظهر للعيان أكثر فأكثر فاقدا لأعصابه ولشرف الخصومة، بمجرد أن ذكر الرئيس عبد المجيد تبون، الجرائم التي يقوم بها الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية، والجرائم ضد كل من الشعب الليبي والشعب الفلسطيني، وهي الجرائم التي تقوم بها نفس قوى الاستعمار الجديد المتحالفة مع النظام المخزني، وهي الكيان الصهيوني وفرنسا وحلفائها في ليبيا. هل نسي العالم أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هو من قتل الزعيم الليبي معمر القذافي لنهب احتياطي الصرف والبترول الليبي.
مواقف الجزائر ثابتة
الذي لا يعلمه النظام التوسعي في الرباط والعرش العلوي الذي وقع في يد مراهق سياسي أصبحت المخابرات الغربية والإسرائيلية عاجزة عن حمايته، أن مواقف الجزائر ثابتة، لا تتقلب حسب الأحوال والأهواء والأشخاص، خاصة لما يتعلق الأمر بحق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في أن تنعم بالحرية، وهذا لن يتغير حتى في أوقات الأزمات الكبرى على غرار أزمة وباء كورونا المستجد، كما يتوجب على هؤلاء المراهقين العلم، أن الدولة الجزائرية لا يثنيها انشغال الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بمحاربة وباء كورونا، في العمل على تذكيرهم بمسؤوليتهم القانونية الكاملة في تطبيق الشرعية الدولية، على خلاف لصوص ثروات الشعوب الذين يتحينون انشغال العالم، من أجل المزيد من نهبهم للثروات في الصحراء الغربية وفي أماكن أخرى من العالم.
تحويل أنظار الشعب المغربي
يبدوا أن نموذج تلهية الشعب المغربي بات غير مجديا من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، لأن عالم ما بعد كورونا، لم يكون كما قبلها. وأن سرعة تعافي الاقتصاديات الغربية سيكون طويلا، وربما هناك بعض منها لن يتعافى قبل سنوات طويلة، وبالتالي لن يكون متاحا لشعوبها الاستمرار في ممارسة السياحة الجنسية في المغرب، كما ستضطر العديد من الدول الغربية إلى العودة لممارسة الحمائية الاقتصادية وإعادة توطين الكثير من الصناعات والنشاطات، وبالتالي لن يبقى لنظام المخزن سوى الاعتراف بالواقع المر، ويعود إلى رشده والكف عن تحويل أنظار الشعب المغربي نحو عدو خارجي، والكف عن اتهام الجزائر بأنها وراء فشله.
المقال منقول عن موقع “اخبار تزاير”
لكاتبه : عبد الخالق المحمدي.