-->

لا تجردوا المواطن من وطنيته


لن نحيد عن مسار أبائنا، وعهد شهدائنا الأبرار الذين ضحوا بالغالي والنفيس، سخوا بأرواحهم ودمائهم قربانًا للوطن.
أعلى درجات التضحية ونكران الذات كانت عبر إلتفافهم حول البوليساريو الفكر والعقيدة التي نظمت مسيرتهم وحفظت أسماءهم، ولعل فشل كل الخطوط الموازية لها ومحاولات التشويش التي انتهت قبل أن تبدأ، لدليلٌ قاطعٌ على تمسك الشعب الصحراوي بجبهته والتفافه حولها، بالإضافة إلى أن المسار الذي سلكته هذه الخطوط ملئ بالشبهات، فمنهم من أعلن انضمامه إلى العدو وبئس المصير، ومنهم من سقط بوعي أو بغيره في فخ التعاون مع العملاء والخونة الذين طعنوا شعبهم في الظهر مقابل دريهمات معدودة، هذا المسلك وحده ودون الخوض في أساليبهم الأخرى البذيئة التي لا تمت بصلة إلى مبادئ ثورتنا المجيدة كان كافيا لجعل براقش تجني على نفسها وتشطب على بعض من بالأمس القريب كنا نرى مساره ناصع البياض.
وبما أن الشعب الصحراوي العظيم هو الحاكم والعين التي تنظر وتمحص ما قدمت وتقدمه أيدينا، ولعنته ستلاحق أولئك الذين أعمى الحقد بصائرهم، ودفعهم حب المال إلى وضع أيديهم في أيدي من قتل وشرد شعبهم واستحيا نسائهم، اولئك الذين ساروا في الإتجاه المعاكس لخطى الشهداء الذين رحلوا دون أن تلهيهم الدنيا وما حِملهم غير سمعة طيبة ودعاء الشعب لهم بالرحمة والمغفرة جراء الخدمة الجليلة التي قدموها في سبيل الوطن والمواطن و سيذكرهم التاريخ حتمًا ويوسم أسماءهم بأجمل صور العطاء والتضحية.
ولأن الشعب يراقب أذكِّر نفسي وإياكم بصفتنا أشخاص عاديين أو قياديين نعمل داخل هذه المؤسسات التي يقدسها ويزكيها أو خارجها، بأننا لسنا معصومين من الخطأ قد نقع فيه كما نصيب تماماً، ولابد من أن نقف وقفة مع الذات، ننتقد أنفسنا ونستقبل بطيب خاطر وروح متفتحة نقد الآخر لنا باعتبار النقد والنقد الذاتي أحد أهم المبادئ التي بنيت عليها جبهتنا، ما يضرنا إن أُنتُقِدنا وقلنا على الرحب والسعة؟، وننظر إلى ما قدمناه بصدق وموضوعية، ونسعى إلى تدارك ما يمكن تداركه من الأخطاء وتصحيحها، فنحن الآيلون إلى الزوال عاجلاً أم أجلاً، نطمح أن ترث عنا الأجيال القادمة العقيدة التي آمنا بها وتشبثنا على مدى حياتنا، لا الفوضى والتعصب الذي نراه في وسائل التواصل الاجتماعي، ويليق بنا نحن الذين خضنا حروبًا من أجل تحرير الأرض من الغزاة أن نحافظ على مسيرتنا، ونعتبر من كل التجارب التي تحيط بنا، وأن نولي أهمية لترابطنا الاجتماعي ونحافظ على ثوب الثقة بيننا، لا أن نمزِّقه بما تكتبه أناملنا أو تقوله أفواهنا، ومما لا شك فيه أن شخصنة الحوار، وعبارات السب والشتم، والحرب بالوكالة التي يشنها المنافحين عن أشخاص والمتعصبين لهم لمجرد انتماءاتهم القبلية أو علاقاتهم الخاصة لعلامات على ضعف الحجة والبرهان، فإيماننا بأفكارنا لا يعني أن نلحد بأفكار الآخر، وإذا فعلنا يجب أن نحترمها ونضع في الحسبان أن ما نعرضه يحتمل الخطأ كما يحتمل رأي الآخر الصواب، لذلك لابد أن نصوم عن تجريح إخوتنا، ولا يصح أن نطالب وندعوا إلى الحوار ونحن نحمل معنا أبشع أنواع الاتهامات الجاهزة وعبارات السب، ويوميًا نخرج عن سياق الحديث نحو النبش في خصوصيات الآخرين وشؤونهم التي لا تعنينا، إنّ هذا النوع من الأساليب يقطع حبل ترابطنا في إطار المصلحة الوطنية والتكافل الاجتماعي، من حقنا أن نختلف لكن ليس من حقنا أن نرفض أفكار و نقبل أخرى على أساس شخصي، إضافة إلى أن التشكيك في النوايا التي لا يعلمها إلا الله، وإلصاق التهم بالمواطنين هي أسلحة دمار تعيق الطريق الذي عبدناه لتسهيل المسير بأمان ووئام إلى مبتغانا الذي كافحنا من أجله طيلة السنوات الماضية.
لا يعاب على المواطن إنتقاده أو ثنائه على عمل أو فكرة أخيه المواطن، ولا يحق لأي منّا أن يصنفه ضمن قائمة الخونة والعملاء أو يضمه إلى خانة الصفاقة، فهو يعلو ويسمو عن هذا النوع من الألقاب التي لا تليق بغيور على وطنه وشعبه، هو فقط يتطلع بطريقته إلى خدمة قضيته العادله، فرجاءً لا تجرِّدوه من وطنيته.
بقلم: منة عبدالمنعم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *