النضال بالهاتف
الكل مشغولون بهواتفهم
لا أحد لديه الوقت للحديث للنقاش أو التفكير
لا يعير إهتماما بالوقع المعاش
الكل يعيش و مندمج في عالمه الإفتراضي
لا أحد يريد أن يقاطعه أحد أو سقطع حبل إدمانه
كل واحد منا يصنع بطلا بنفسه و لنفسه
من يحب الوطن انامله تتنمل من كثرة الضغط على أزرار الهاتف
و رأسه و عيناه يؤلمانه من كثرة الإمعان في الشاشة ، لقد مضى الكثير من الوقت و نحن على هذه الحالة مررنا بكل أنواع النضال الإفتراضي :
تذكير بإستشهاد أو وفاة شهيد
دعوة للترحم على شهيد
تذكير بيوم ذكرى وطنية عزيزة أفتراضيا على قلوبنا
إلتقاط صورة سيلفي مع العلم الوطني
إعجاب بموفق شخص أو قناة أو حزب أو حركة أو دولة من القضية الوطنية
تنديد بموفق معادي من القضية الوطنية
و تتوالى عجائب العالم الإفتراضي حتى تكتسب صفة مناضل أو ناشط حقوقي أو سياسي
كل المثقفين إنطلت عليهم حلية العالم الإفتراضي و بعد تجريبها إصبحوا من أشد المدمنين عليها ربما ليتخلصو مؤقتا من عذاب الضمير الوطني و هم يحسبون أنهم يقدمون صنيعا للقضية الوطنية
أصبحنا أسيادا في طلب المساعدة و النجدة من أيا كان و أن يرأف بحالنا و أننا مغلوب على أمرنا .
نستغيث بدول الجوار و المحيط القاري و الدولي و تذكير الإستعمار بالماضي الإستعماري .
ذهبنا كالقطيع في إتجاه نضالي إفتراضي و لم يعد بإستطاعتنا الإستفاقة منه
و في كل مرة يزداد نضالنا الإفتراضي بحسب وسلية إتصالنا الإجتماعي
يوما وراء تتكشف حقيقة ضعفنا على الواقع حتى أصبحنا ننكره لكي نبقى في الإفتراض و الخيال المريح
كم من صحراوي اليوم مهموم حد المرض النفسي بسبب نقاش على الواتساب
كم من صحراوي اليوم أخذته العزة بنفسه بسبب كميات الأعجاب التى تلقاه فالفيسبوك
كم من صحراوي اليوم يسير برمانجه اليوم تبعا لهاتفه و عالمه الإفتراضي الكاذب
توقف ....توقف .....توقف
ضع هاتفك جانبا
أوقف عالمك الإفتراضي لفترة من الزمن
تحسس أين تقف ؟
أنظر من حولك هل تغير شي ؟
هل تحسن وضعك و وضع قضيتك منذ إدمانك و إذعانك لعالمك الإفتراضي
الوضع يحتاج إلى لحظات من المصارحة الداخلية قبل الخارجية
حدد المشكل و أوصفه بالتدقيق و هو في هذه الحالة إستعمار أرض و تهجير شعب و معاناة في الشتات و قمع للحريات
إفترض حلولا و هي في هذه الحالة عملية السلام و قيمها جيدا و هل أتت بنتائج و ماهي مخرجاتها من ربح و خسارة
هل هناك حلولا أخرى غير الذي جربناه ؟
هل نفذت كل الحلول لنلجأ إلى الإفتراض في عالم الإفتراض ؟
هل الشعارات و السلفيات و المجموعات على التواصل الإجتماعي و المؤتمرات و التذكير بالمأثر و الخطابات تحرر الوطن ؟
هل التعلق بأهداب الأمم المتحدة و التنازلات و المفاوضات و الطاولات و المبعوثين و البعثات ستحرر الوطن ؟
في الأخير قال ويستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا مخاطبا عامة الشعب
وقد سجلها له التاريخ و التي تحمل عنوان «الدم والتعب والدموع والعرق» والذى ألقاه بمجلس العموم البريطانى للمرة الأولى عقب توليه منصب رئيس الوزراء فى الثالث عشر من شهر مايو 1940م وهى خطبة أججت صمود البريطانيين وأوقدت حماسهم لخوض غمار الحرب ضد ألمانيا النازية، كما كانت دعوة لحمل السلاح وتوحيد الصف البريطانى ضد خطر النازية ومما جاء فى الخطاب: «إننى أؤكد لمجلس العموم كما سبق أن أكدت لأولئك الذين انضموا لهذه الحكومة: أننا ليس لدينا ما نقدمه غير الدم والتعب والدموع والعرق، والآن ونحن نواجه محنة من أكثر المحن ضراوة وشراسة أمامنا شهور طويلة من الصراع والمعاناة والكفاح، وإنكم لتتساءلون ما هى سياستنا؟ وأنا أؤكد لكم أن سياستنا هى خوض غمار الحرب بحرا وبرا وجوا بكل ما أوتينا من قوة، وبكل ما يسخره لنا الله من عزم وثبات، وأن نشن الحرب ضد قوى الجبروت والطغيان الوحشى الذى لم يسبق له مثيل فى بشاعته وارتكابه أبشع الجرائم ضد الإنسانية، تلك هى سياستنا وقد تتساءلون ما هدفنا؟ وأجيب عليكم فى كلمة واحدة: هدفنا هو النصر والنصر مهما كلف، والنصر بالرغم من كل الإرهاب ولا شىء غير النصر، النصر مهما بعدت علينا الدروب وشقت حيث إنه دون النصر لن يتسنى لنا البقاء
بقلم: بشاري أحمد عبد الرحمان