-->

نحن والتاريخ ...هذيان من وحي الهمزة.


في كل يوم نحن نكتب التاريخ ... حرب التحرير في استمرار ...لم تنقطع ، وجبهاتها مفتوحة و متحركة ..والثابت الناظم فيها .. هو أن دماء شهدائنا رقيب اعمالنا ...
فمع كل مناسبة تاريخية يخرج الشيطان المارد فينا ليلعن الواحد منا أمه وبنيه و أباه ...وجاره ومن والاه ....
ومع كل حالة تخبط وفشل تمر بنا ...نستعرض البذاءة والقبح الجاهلي ... و ينبعث الكفر الوطني وتسقط المقدسات...
هل حقا يعيد التاريخ نفسه؟
في ظل غياب صناع التاريخ ..نبقى نحن نثرثر ...نصدر التشوه الخلقي للإرث ...نصدر إنسان التفاهة ..
إننا وبفخر شعب المحكيات بامتياز ...كل واحد منا هو حالة بؤس بشري .. ظاهرة صوتية متدثرة بعباءة الخبرة الزائفة ، وعناوين الرفعة والكمال...
لا سبيل لتناول التاريخ دون إدراك أن الكتابة فعل مقاومة ...سلاح إصلاح ...رافعة مجتمعية ...ومرآة تحضر ...
فهل نحتاج لتسييس التاريخ ؟...لتسليع التزييف ...هل نقنع بنصف الطريق ..بنصف ثورة !!؟
أي سبب يجعلنا نتهافت في حديث مستعجل عن التاريخ دون البدء بالتدوين ...من الزاوية القريبة الى الدائرة الكبيرة ....
نحن نؤسس دون وعي لمسلك المتاجرة في الغياب ... إنه انتحار ...هو السقوط المدوي دون انتظار ...
أي حديث عن منجز قبل تحقيق النصر هو بمثابة إطلاق النار على أرجلنا ....هو حفر للقبر باليدين ....هو تمكين للخرافة ...للجهل المبطن في عقل البداوة المحكي، الكافر بالتسليم .
الرواية التاريخية تحتاج لباحث وطني ...لفاحص دون خلفيات ...لصاحب قلب متسامح تطربه الذكرى ..يستشعر الحاضر ..يغوص في الماضي الثوري بموضوعية ...ويتشوق للغد ...إلى باحث من مدارس الشهداء ....لا إلى تاجر معلبات تاريخية يستثمرها في سندات السياسة انطلاقا من محلات الصيرفة القبلية ...ومجالس الانتفاع المادي ...الرواية التاريخية تحتاج لمؤرخ ، ولمؤرخ فقط .
الصراع على التاريخ و على ميراث الشهداء...مدعاة للحزن ... آلة تدمير مجتمعي ..تدمير للذاكرة ..للشعور...لكل ماهو جميل في حياتنا .
لا قداسة لغير الشهداء ...فالنبل أن تسخى بنفسك من أجل قضية نبيلة وعادلة من أجل الجميع..و في سبيل بناء الوطن الجامع .
نحن نحتاج للجميع .....و لا نحتاج إلى تاريخ يجعل من ابطال شعبنا أبطال عائلات.. ولا شيوخ مواسم قبلية ...تجعل من رفاتهم وارثهم أضرحة ومزارات ..
شهداء شعبنا انبياء ، تساموا فوق الصفات والمراتب ، و اذا لم نخلد عطاءتهم بفخر ...ذكرناهم بخير - على الاقل - اذا مرت بنا ملاحمهم ...
فلا يجب أن نرضى بأن يغتال التأريخ المحكي ..التاريخ الزاهي والناصع ...واذا كان صناع هذا الأخير قد سقطوا في ميادين الشرف بنيران العدو ، فليس هناك أي مبرر ولا معنى ان تغتالهم نيران صديقة وبميكروفونات وكاميرات ، و أقلام صديقة !!!!
ترفعوا يرحمكم الله ...واتركوا التاريخ للمؤرخين و أهل الاختصاص....
و اللهم اجعلنا همزة وصل لأرحامنا الثورية والنضالية والتاريخية ولا تجعلنا همزة قطع ، ونعوذو بك اللهم من همزات الشياطين ...
بقلم: محمد اعلي (الفاروق)

Contact Form

Name

Email *

Message *