-->

ظروف تأسيس وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي ومراحل التأطير والتكوين والتدريب


ظروف تأسيس وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي
جيش التحرير الشعبي الصحراوي:
وحدات عسكرية صغيرة تخوض حرب عصابات في ارض صحراوية شاسعة و قليلة التضاريس في معظمها متباعدة المناهل محاصرة بحوالي 70000 جندي مجهزة بتجهيزات عسكرية مكيفة إلى حدما ، مع طبيعة الحروب الخفيفة أى حرب العصابات التى إعتاد المستعمر الاسباني و قبله المستعمر الفرنسي مواجهتها منذ سنة 1912م 1957م. هذا الى جانب إنعدام الخبرة العسكرية على العموم وخبرة الميدان على الخصوص لدى عناصر هذه الوحدات و إنعدام الوسائل التى تؤمن القيام بعمل عسكري من اسلحة، ووسائل نقل، ووسائل إتصال مؤخرات ... الخ
ضف الى ذلك عدم وجود مسارح ملائمة لتأسيس مناطق عمل قتالي
- إرتفاع نسبة المنخرطين في الفترة ما بين أواخر سنة 1975م و بداية سنة 1976م بسبب الغزو المغربي للمنطقة هذا الغزو الذي أضاف عبأ كبيرا على كاهل الوحدات العسكرية حيث مهام الدفاع . ونقل اللاجئين وإنشاء الوحدات و النواحي على نحوجديد يلائم المرحلة الجديدة ويؤمن الطرق ويضمن تأسيس مؤخرات إدارية تؤمن المطالب  الملحة لواقع  العمل العسكري المتصاعد على جبهات عدة وفي ظروف لم تستكمل بعد هذه الوحدات التحضرات الملائمة لردات الفعل
 إن واقع الغزو أواخر سنة 1975م إقتضى الإعداد لقوة عسكرية منظمة و مدربة حتى تكون في مستوى رفع التحدي و التصدي للغزو على جبهتين ساخنتين في آن واحد ولكل منها خصوصياتها المختلفة عن الأخرى مع الأخذ بعين الإعتبار أن إنخراط اغلبية الرجال في الصفوف العسكرية يطرح جملة من المصاعب منها
1ـ التأطير
2ـ التسليح
3ـ التدريب
4ـ التجهيز
و قد اشرنا الى التأطير قبل التدريب ذلك لأن الواقع فرض أن تكون الأمور كذلك في ظل ظروف حاسمة لا تدع المجال لخيار آخر، بل اكثر ان ذلك أنه يتم التسليح في اغلب الأحيان و الزج في المعركة قبل التأطير
التدريب:
مر التدريب بعدة مراحل أ همها في رأينا :
  
1ـ مرحلة التأسيس.
2ـ مرحلة إعادة التأطير و التكوين
3ـ مرحلة إعادة التكوين وانشاء الهياكل
مرحلة التأسيس:
وقد نشأت هذه المرحلة مستفيدة من رصيد ثقافة عسكرية متواضعة لدفعات قليلة إستفادت من فترات تدريبية أساسية في الدول الصديقة.
تجربة بعد العناصر الذين سبق لهم أن تجندوا في صفوف جيوش أجنبية.
و يمكن القول أن هذه المرحلة بدأت في منتصف سنة 1976م و كان المركز العسكري الوحيد الذي إستقبل  وحدات عسكرية للتديب هو مركز أنخيلة و بعده تأتي مدرسة 12 أكتوبر الوطنية ثم مدرسة الشهيد الولي و قد إستمرت هذه المرحلة حتى نهاية سنة 1980م و كان على هذه المرحلةأن تواجه الصعوبات التالية:
1ـ إيجاد مرجع وطني أساسي للتدريب و التكوين
2 ـ إيجاد مدربين وطنيين قادرين على القيام بمهمة التدريب
3 ـ إيجاد الإمكانيات و الوسائل الضرورية للقيام بفترات تدريبية 
4 ـ تعميم التجربة على نافة النواحي و الوحدات و المراكز العسكرية و الشبه عسكرية 
و الى جانب هذاهناك صعوبات أخرى لا يمكن حصرها في بحث بسيط كهذا، منها على سبيل المثال الإجابة على السؤال التالي:
هل المدارس الوطنية تعمل على تكييف الوحدات العسكرية مع النظريات العلمية لتأسيس جيش الدولة الصحراوية على غرار الجيوش الأخرى ...؟
أم تكييف هذه النظريات المذكورة مع واقع و سلوك الوحدات العسكرية الصحراوية المأخوذة من الواقع الإجتماعي و الثقافي البدائي البسيط القائم على نظرية الإجتهاد العشوائي للمقاوم المشقول و للإجابة على هذا السؤال إنطلاقا مما حصل ميدانيا لابد  من المرور على هذه النظرة المقتضبة على المؤسسات التدريبية لإبراز الأثار التي أحدثتها إيجاباً و سلباً هذه المؤسسات على  الواقع العام  للوحدات العسكرية تنظيما و سلوكا
وهنا يمكن القول أن التدريب أولا قد إنطلق فعليا في تأدية مهمته المسندة إليه و بالتالي حقق جزءا لايستهان  به من الأهداف المتوخاة منه والتي حددت ضمنيا في الأولويات التالية:
- مراجع وطنية تلبي الضرورات الماسة المتعلقة بالجوانب النظرية الأساسية للتدريب و التكوين و بناء الصف و الضوابط العامة للعلاقات و السلوك.
- مدربين وطنيين قادرين على القيام بمهام التدريب 
- مدارس وطنية تستوعب الدفعات  المتدربة و توفر المرافق الاساسية من أقسام و مصالح و إمكانيات و ميادين تدريب ... الخ
و فعلا تم ذلك من خلال مدارس أعدت على عجل منها مركز انخيلة الذي استقبل اول دفعة سنة 1976م.
مركز 12 اكتوبر الذي إستقبل أول دفعة سنة 1977م.
مدرسة  الشهيد الولي العسكرية  أول دفعة سنة 1980م.
هذا الى جانب مدارس جهوية فتحت على مستوى النواحي لتساهم هي الاخرى في الرفع من المستوى النظري للمقاتلين و الوحدات و إذا كنا قد ابرزنا جملة من الاهداف الإجابية التي تم تحقيقها في هذه المرحلة فإنه من الأهمية بمكان المرور على بعض السلبيات التي افرزتها هذه المرحلة ما دام النقد الموضوعي هدفه التصحيح الموضوعي لهذه الملاحظات الناتجة عن أسلوب الخطئ و التصحيح في المشاريع  التدريبية الوطنية اصلا.ً.
وإجمالاً يمكن تحديد بعض السلبيات على النحو الأتى
أن المدارس الوطنية لم توفق بما فيه كفاية في السلوك العسكري المطلوب الذي عالجته في المقرر الوطني داخل الوحدات و النواحي و المراكز.
هذا المقرر الوطني الذي ظل معمول به داخل المدارس فقط اما في النواحي و الوحدات و المراكز و فالمظهر و السلوك شيئ أخر..
ـ قصر عمر المشاريع المقترحة للتدريب أدى إلى تعددها وبالتالي فتح المجال امام الاجتهادات المتأثرة بنظم عدة جبهات مختلفة من حيث المصادر والمعلومات العسكرية ،هذا الاختلاف الذي قد يكون شكليا في أغلب الاحيان ويأتي بنفس المضمون الذي قد يأتي به شكل آخرفي آن معا، ومن الامثلة على ذلك نذكر:
ـ أرجل أبدل خطوة يراد بها توحيد الصف أثناء المسير.
ـ أمام وحد وهي ذات الحركة ونفس الهدف والأداء مع اختلاف الاسم.
ـ التحية بعد الوقوف شئ واحد هي نفس التحية بدون شئ واحد.
التحية والانصراف إلى اليمين أو ألى اليسار هي نفس التحية بعد خطوة إلى الخلف يكون الانصراف.
ـ خطوة بالدقيقة مع الموسيقى تراوحت بين 120 إلى 110 إلى 90 خطوة في الذقيقة
ـ الاستعراض يتم وفقا لمزاج وتعليمات المشرفين لا وفقا لمراسيم المقرر الوطني.
إن هذه الامثلة الشكلية وغيرها من الأمثلة قد أغرقت الوحدات العسكرية والنواحي والمراكز في مجموعة من الأداءات عادت بالأثر السلبي على المؤسسة العسكرية عموما ،خاصة المظهر العام الذي قد يراه الملاحظ البسيط غير ذا أهمية ولكنه في الواقع خطيرللغاية إذا ما تأملنا نتائجه.
لقد كان على المؤسسات الوطنية المعنية بالتدريب أن تأخذ بعين الاعتبار الترتيب التدريجي للتدريب والتكوين والاتقان لكي تكرس الثقافة العسكرية الوطنية مظهرا وسلوكا واحدة واحدة بدء بثبات مهنة الميدان أي التدريب الأساسي ،ثم الصعوود إلى حصر المستوى الثاني من التكوين العسكري كمهنة محددة تستدعي أن يكون المنتسب إليها قد تحصل على مهنة التدريب الاساسي أصلا ،لكن يستكمل الكل المطلوب من مستويين من الثقافة العسكرية يكمل احداهما الأخر وبالتالي الإرتقاء إلى المستوى الثالث الذي يعرف بالاتقان دون تعثر.
وقد لا يفوتنا المثل القائل (اللي ماهو فالغزي أرجيل)ولكن على أية حال مسألة دفع الافراد من الصف المدني إلى الاختصاص المعقد وكذلك إعادة فترات الاساس العنيفة وقبول إطارات في مستوى تحت الصفرمن حيث المعلومات العسكرية هي في نظرنا ملاحظات لا مبرر لها خاصة وأن مجال الاختيار لم يكن محدودا إلى درجة القبول على مضض بمثل هذه الخيارات المذكوررة.
مرحلة إعادة التأطير والتكوين:
بدأت هذه المرحلة في رأينا منذ سنة 1981م لتمتد إلى غاية سنة 1986موقد شهدت هذه المرحلة تركيزا كبيرا للجهود على إعادة توحيد المقرر التدريبي الوطني وكذلك تركيزا على توفير الإمكانات والوسائل المسخرة للتدريب ومستوى الإشراف كما عرفت زيادة معتبرة في الوقت والزمن المخصصين للفترات التدريبية المغلقة التي شملت جميع النواحي تقريبا،وقد احدثت هذه المرحلة مستوى من الثقافة العسكرية والتكوين لا يستهان به شمل الميادين المصنفة في التكوين العسكري الثلاث من أساس ،وتخصص و اتقان إلا أنها ظلت دائما دون المستوى المطلوب منن حيث نتائجها على أرضية الواقع خاصة إذا ما قارنا واقع المدارس العسكرية مع واقع النواحي والوحدات العسكرية في أماكن تواجدها خارج ساحات التدريب حيث السلوك والهيئة مختلفتين تماما وهناك غياب شبه كلي لأمرى الضبط التحية وكذلك القادة إذا ما تساءلنا عن السلم العسكري والمنهجية والأداب العسكرية مظهرا وسلوكا.
إن الفكرة القائلة بطغيان النزعة القتالية على الانضباط فكرة شائعة ولكن لا ينبغي أن تكون كذلك إلى درجة التغاضي عن أهمية الانضباط العسكري وآثاره في الاداء القتالي للافراد والوحدات والقادة على مختلف مستواياتهم،ذلك لأن الطاعة تشكل أساس الانضباط وبالتالي يكون الانضباط أساس القوة في أي جيش من الجيوش،ونحن عندما نتكلم عن الانضباط لا نريد القارئ أن يتخيلنا خارج الواقع،إننا لا نتكلم عن ذلك الانضباط الأصم الأعمى المبني على المادة والوعد والوعيد أوالانضباط  المبني على ضوابط تحل محل الضمير الوطني الثوري،إن المستوى الذي نريده من التغير في المظهر والسلوك هو ذلك المستوى الذي يجسد هيئة المؤسسة العسكرية كمؤسسة وكذلك  يجعل المقاتل يشعر بقدرة مؤسسته على القيام بأي عمل سواء تعلق الامر بالقتال حيث مطلوب من الانضباط والسلوك المهذب للقادة والاطارات والافراد أن يقلل من تكاليف المعركة البشرية والمادية وكذلك يخفض نسبة أخطاء التسيير والضبط أو إذا تعلق الأمر بالبنية  للجيش حتى يشعر  المقاتل أن عليه أن يكون شئا مختلفا عن النحو الذي قد يكون يهواه من حيث المظهر والسلوك وفهم قواعد التعامل العام وبالتالي يكون للدولة يدا مسلحة قوية في مستوى قوة وعظمة الشعب الصحراوي الذي يستمد قوته من جيشه والعكس صحيح.
مرحلة إعادة التأطير:
إعادة التأطيرهو هد ف أساسي من أهداف ما عرفناه هنا في هذا البحث بالمرحلة الثانية من مراحل التدريب الذي هو موضوع بحثنا وفي نظرنا أن هذه العملية بدأت مع تخرج أول 
دفعة من مدرسة الشهيد الولي العسكرية التي كانت قد بدأت تدريبها يوم 17/07/1980م لتليها الدفعة الثانية بتاريخ 11/1980م ثم الدفعة الثالثة بتاريخ20/07/1981م ،وقد شهدت هذه الفترات وغيرها هيكلة جديدة للوحدات والنواحي كما شهدت تأسيس وحدات جديدة من حيث الهيكلة بحكم تخصصها ونوع السلاح الذي تدربت عليه كما أن مديرية التدريب هي الأخرى شهدت تغيرا في الهيكلة التي أحدثت مجموعة من الأجراءات والبرامج شملت إدخال تقنيات جديدة في ميدان التدريب من أسلحة وعتاد وأجهزة كما تبنت أسلوب الفترات الموجزة لدفعات التدريب القادمة من الخارج الشئ الذي استدعى فتح مدارس جديدة وهكذا تم إنشاء قاعدة الشهيد هداد العسكرية لتستقبل أول دفعة يوم 15/08/1982م .
إن مرحلة إعادة التأطير هذه قد أعطت دفعا جديدا للمؤسسة العسكرية عموما وبالتالي وضعت حدا للارتباك الذي كان سائدا خلال السنوات المنصرمة منذ سنة 1975م بحيث حددت المعدلات المقررة لبنية الوحدات الأساسية والفرعية والوحدات التي أنشيئت حديثا مثل الفيالق والبطاريات ووحدات الهندسة.......الخ.
كما وضعت صيغا جديدة لمشاريع التدريب والتكوين فوحدت الحركات وحددت هياكل مختصة داخل أطقم مديريات التدريب.
التكوين:
أشرنا في بداية هذا الموضوع من بحثنا إلى أن المرحلة ما بين 1980 حتى1986 أنها مرحلة إعادة التأطير والتكوين وفي هذا المحل سوف  ل المرور على ما اسميناه التكوين بايجاز.
ففي سنة 1980م ومع دخول الدفعة الأولى لمدرسة الشهيد  العسكرية تم إنشاء قسم الأطر العسكرية يختص في إعطاء دروس القتال والتكتيك واسلحة الدعم والهندسة والانضباط والنظام المنضم.  كما شهدت الدفعة الثالثة إفتتاح أقسام أخرى منها قسم الاشارة وقسم الصحة وقسم الهندسة وقد شمل التكوين القيام بفترات تدريبية موجزة لأطقم التدريب.
إذا يمكن القول أن مرحلة التكوين هذه قد أخذت شكلا آخر جد متطور بالمقارنة مع ما سلف.هذا ناهيك عن فترات التكوين على الاسلحة والعتاد العسكري الذي يمكن القول أنه قد بدأ من قبل.

إن شعار الحرب  "حرب علمية الإطارات إطارات علمية" قد بدأ تجسيده عمليا على أرضية الواقع في إطار سياسة الرفع من مستوى القدرات الثقافية والعسكرية إلى مستوى متطلبات الحرب الحديثة القائمة على مبدأ التحليل والتخطيط  واستعمال التقنيات الحديثة المعقدة.
وفي هذا الإطارتم إنشاء مدرسة الشهيد عمي العسكرية بتاريخ 10/1985م لتستقبل أطر جيش التحرير الشعبي وكان لهذه المدرسة الصدأ الكبير على الرأي والمعنويات العامة لأطر ومقاتلي الجيش ،والملاحظ أن مقرر هذه المدرسة قد استفاد في منهجيته وتحليله من مظاهر الضعف المستفيدة من المراحل التي سبقتها سواء على مستوى المؤسسات التدريبية أو على مستوى تلك المستفيدة من الواقع المعاش.
إن ضرورات السيطرة على الوحدات في المعركة وخارج المعركة إستدعت أن يكون التكوين في مستوى من العلمية يؤهله للقيام بقيادة الوحدات المدرعة ومدفعية الميدان والدبابات والصواريخ بحيث لم تعد السيطرة باللثام وإشارة اليد كافية للتوجيه والقيادة ،كما أن التسيير بالاسلوب الجماعي لتقدير الموقف وتحديد التأمينات ونظام التعاون لم يعد ممكنا في وقت يجب أن يكون الموقف مبنيا انطلاقا من الخواص الفنية والتكتيكية لعناصر الاسناد وكذا طبيعة الأسلحة والخطط المستعملة على مستوى العدو.
وعليه كان لزاما على مديرية التدريب أن تراعي ذلك في مقرراتها خاصة في مدرسة تكوين الأطر.وانطلاقا من هذا كان مقرر مدرسة الشهيد عمي العسكرية يشمل:
التكتيك التعبوي للمشاة والمدفعية وفن القيادة والطبوغرافيا والاستطلاع والاشارة والهندسة وإدارة النيران............الخ.وقوات العدو واسلحة التدمير الشامل.
الخلاصة:
ـ إن التأطير والتكوين قد شملا كافة الوحدات والنواحي العسكرية.
ـ إن التدريب العسكري أصبح مطلبا فرديا وجماعيا في ذهن كافة المقاتلين والإطارات ولم يعد سجنا أو تعذيبا كما كان يؤول من طرف الجميع.
ـ إن مسألة استكمال الهياكل وإعادة التكوين أصبحا مطلبين ضروريين يطرحان بإلحاح.
ـ إن التدريب يجب أن يتحول إلى سلوك معاش في مسارح العمل القتالي والإداري.
ـ إن معارك لمسيد 1983 والقلتة 13/10/1981واحريشت ديرت والرتمية 1983م قد أعطت إنطباعا بأن الحرب بالأسلوب القديم لأستخدام القوة والوسائل لم يعد واردا لذا لابد من تغييرالأسلوب في الخطط القتالية  والتأمينات الإدارية ونظام السيطرة والقيادة.
مرحلة إعادة التكوين وانشاء الهياكل:
شهدت المرحلة الممتدة من 1987 حتى 1992م والتي هي المرحلة التي أطلقناعليها اسم مرحلة إعادة التكوين وإنشاء الهياكل شهدت تركيزا على دفع الاجهزة الإدارية داخل المؤسسة العسكرية لكي تقوم بالدور الذي كان يشكل مصدر الضعف وعدم التكاملية بين الوحدات الإدارية والوحدات العملياتية وبالتالي إقتضت الضرورة الملحة إنشاء جملة من المكاتب الإدارية الجديدة مثل مكتب الإستطلاع داخل غرفة العمليات ومكتب الإشارة كمديرية وإعادة هيكلة مكتب الأفرادوإنشاء مديرية النقل العسكرية ومديرية البريد والحقيقة  أن هذه المكاتب كانت موحدة منذ نشوب الحرب ولكنها لم تكن واضحة المعالم داخل الاركان العامة للجيش والذي يهمنا في هذا البحث ليس تاريخ  تأسيسها بقدر ما يهمنا التحصيل الذي عاد على السلوك العام للمقاتلين والولحدات من خلال أدائها العام وما نتج عن إعادة هيكلتها على العلاقات العامة للتسيير ووضوح الرؤية وتحديد المهام.
إن الحرب هي الصراع المسلح والعنيف من أجل تحقيق أهداف محددة وبالتالي يكون هدف كل طرف من أطرافها التفوق وإحراز النصروعليه،فإن الطرف الذي يعد إعدادا جيدا سوف يتوفر على أهم سبب من أسباب النجاح ومن المسلم به أن التأمين القتالي للقوات هو واحد من أهم الأسباب وما دمنا قد سلمنا بهذه الحقيقة فإن علينا أن نطرح السؤال التالي.
ما هي شروط التأمين القتالي للحرب؟ وما هي علاقة التدريب بالتأمين القتالي؟
وللإجابة على هذه الأسئلة يجدر بنا أن نعود إلى تعريف التدريب في رأي الخبراء العسكريين الذين استفادوا من تجارب الحروب عبر العصور  وكذلك استفادوا من تجربة بناء الجيوش.
تعريف التدريب في رأي الخبراء:
هونشاط من نوع خاص من حيث البرنامج والوقت يهدف إلى احداث تغيير لدى الأفراد في ميدان المعارف ومستوى المهارات نظريا وعمليا يحدث تجديدا في اللياقة البدنية ويعمق الخبرة النظرية المأخوذة عنه أو تلك المكتسبة من المدارس..
والتدريب من جهة أخرى هو تربية الأفراد بدنيا ومعنويا وأخلاقيا وبالتالي هو مزيج من التربية والتكوين يهدف إلى ادماج الأفراد وتكييفهم مع متطلبات الوسط العسكري لخوض المعركة.
(انطر وثيقة البيداغوجيا شرشال).
من أهم ما في جميع التعاريف المكتوبة عن التدريب أنها تعطي للفرد المرتبة الأولى من حيث الأهمية ،كما تعطي للتكوين أهمية خاصة نظرا لآثاره النافعة المؤثرة في سلوك هذا الفردالمطلوب تربيته وتكوينه من خلال الوقوف على هذين الاستنتاجين من تعاريف التدريب نستخلص إجابات على السؤالين السالفين الذكر.
إذ نجد أنه لا يمكن القيام بأي تأمينات إلا من خلال التربية على سلوك التأمين وكذلك التكوين في ميدان الوسائل المستخدمة فيه.وانطلاقا من هذا وبناء على المطالب  الواردة في الخلاصة التي تضمنها بحث المرحلة الثانية من بحثنا هذا في الصفحة رقم (6) ،يمكننا القول أن المرحلة 1987ــــ1992م قد عالجت مسألة إعاد ة التكوين وإنشاء الهياكل مع بعض العيوب.ولكننا سوف نتوقف عند المزايا قبل العيوب.ولنبدأ بالتدريب الأساسي
تحسن كبير في التصور العام لمضمون الأساس من حيث المواد والبرامج والمنهجية والتطبيقات العملية والوقت حيث بدأنا نلمس أن المقاتل يستكمل فترة الأساس وبعدها ينتقل إلى التخصص 
وتنقسم فترة الأساس عمليا إلى فترتين فترة التسخين واللياقة ثم فترة مهنة الميدان القتالي.
وتأتي بعد ذلك فترة التكوين التي يتلقى فيها المقاتل التكوين في إطار سلاح معين.
ـ فترات التهيئة على مستوى النواحي ويمكن القول أنها بدأت بشكل مركز منذ أواخرسنة 1986م و  بداية سنة 1987م لما عرفته هذه الفترة من تصعيد في وتيرة العمل القتالي عبر كافة التراب الوطني.
ـ إرتفاع نسبة المنتسبين لمدرسة تكوين الأطر سواء في مدرسة الشهيد هداد أوالشهيد عمي أو مركز الشهيد الحنفي وتغيرا معتبرا في برامج هذه المؤسسات من حيث المادة والنوع والوقت.
ـ انتباه عام إلى أنه في ظل الإتساع المترامي الأطراف للمؤسسة العسكرية لا بد من مرجع للعلاقات العامة بالدولة والأفراد أي ما يعرف بالقانون الاساسي للخدمة في الجيش وكذا الصيغ الإدارية المترتبة عنه.
ـ أخذ المسابقة العسكرية التي هي واحدة من أكبر الفاعلين والصانعين لشد الانتباه حول نقاط الضعف والوقوة مأخذ الجد.
ـ نوع من اللامركزية في التعامل الإداري أعطى دفعا للحلقات التحتية وبالتالي فرض نوع من السلوك إتجاههم.
العيوب:
ـ عدم استقرار وثيقة النظام المنضم العسكرية الشئ الذي أدى إلى عدم ترسيخ حركات وطنية مطلوب منها أن تكون مطبوعة آليا في أذهان جميع المقاتلين .
ـ تدني مستوى الآداة أي المدربين مما أدى إلى وضع التدريب موضع الهزل.
ـ عدم التكاملية بين المكاتب العسكرية وبالتالي أصبحنا أمام ظاهرة تعدد المشاريع مع أن القوة المنفذة واحدة.
ـ تباين كبير في أداءات الأطر والقيادات العسكرية ناتج عن مقاييس القوة والضعف المختلفين من واحد لآخر.
الخلاصة
لقد توخينا في بحثنا هذا:
1ـ أن يعالج التدريب من عدة زوايا منها التدريب نظريا كمواد وحركات وتحصص وأدوات عامة.
2ـ أن نحكم على التدريب من خلال آثاره في السلوك العام للنواحي والوحدات والقيادات والافراد.
3ـ لقد سلطنا الضوء نقدا وتحليلا بقدر المستطاع معترفين أصلا أننا نخوض في أمور تتجاوز صفنا.
4ـ إن أي بحث يتعلق بالتدريب يجب أن لا يغيب عن القائمين به الظروف الموضوعية والذاتية التي عليها الثورة والدولة الصحراوية كما أن للمجتمع الصحراوي نقاط ضعفه المسلم بها والتي تؤثر إيجابا وسلبا في أي عمل نظري أو عملي يعالج السلوك.
5ـ إ ن سياسة الدولة والثورة الصحراوية اخل الجيش في آن واحد تطرح الباحث أمام مجموعة من المقاييس لا يمكن تحقيق بعضا منها إلا على حساب البعض الآخر.
6ـ إن مشاريع النظام الأساسي ينبغي لها أن تكون مشاريع عمل طويلة المدى ذلك أن القوات المسلحة لا يمكن أن تخضع في سلوكها لعمليات الفك والتركيب السريعين لأن من شأن ذلك أن لا يفضي إلى أية نتيجة تذكر اللهم  إلا إذا كان نسيان القديم وعدم من الاستفادة من الحديث لأنه معرض للنسخ  في أية لحظة
ـــــــ بقلم المقاتل الصحراوي العربي عبد اللطيف 

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *