-->

طبيعة التعاون بين المغرب و الكيان الصهيوني.


وانسجاما مع الاتفاق وصفقة بيع اليهود المغاربة للكيان اليهودي، توطدت العلاقة المغربية الإسرائيلية أكثر، بعدما كشفت الموساد للجنرال أوفقير المؤامرة التي كانت تحاك للإطاحة بالحسن الثاني في سنة 1960، والتي تم إحباطها فيما بعد، لتتضح على أثرها العلاقة المتميزة بين الرباط وتل أبيب أو سياسة المصلحة المشتركة كما يسميها البعض، ولم نسمع بعد ذالك عن توتر في العلاقة المغربية الإسرائيلية حتى الان، فقط تمت مقاطعة ظرفية لم تتعدى شهرين بعد انتفاضة الأقصى الثانية، حيث تم إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في كل من الرباط وتل أبيب في 23 أكتوبر 2000، لكن بعد اللقاء السري الذي جرى بين محمد بن عيسى و(سولفان شالوم) في يوليوز من سنة 2001 في لندن رجعت المياه إلى مجاريها التي لم تقادرها أصلا، باستثناء بعض المد والجزر حسب المصالح، وتولي المحسوبين على الإسلام في المغرب رئاسة حكوماته، لكن التطبيع استمر بل نشط إلى درجة كبيرة في عهد وزير خارجية المغرب الحالي ناصر بوريطة التي عرفت العلاقات في عهده أوجها، باعتراف نتنياهو نفسه حيث قال إن المغرب على لسان وزير خارجيته طلب منه الاعتراف بالسيادة المغربية "على الصحراء الغربية " مقابل التطبيع الكامل، ولقد جاء ذالك أيضا متزامن مع تقرير القناة الإسرائيلية 13 نقلا عن ثلاثة مصادر أمريكية إسرائيلية، التي كشفت أيضا في نفس التقرير أن الصفقة كانت ثلاثية تضم المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
وقد لمح إلى ذالك بن يمين نتنياهو في خطاب سبتمبر 2018 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث التقي وزير خارجية المغرب بوريطة على هامش الجمع العام للامم المتحدة، كما أن التقرير أيضا كشف أن اللقاء الذي جمع بين نتنياهو ووزير خارجية المغرب كان نتيجة لقناة الاتصالات السرية التي أنشأها مستشار نتنياهو الخفي المكلف بنسج العلاقات مع الدول العربية والمعروف باسم ب"معوز" (الحصن) مع وزير الخارجية المغربي بوريطة بواسطة رجل الأعمال اليهودي المغربي "ياريف الباز" المقرب كذالك من صهر الأشغر الأمريكي ترامب ومستشاره في نفس الوقت "جاريد كوشنير" لكن الصفقة قبلت بمعارضة قوية من مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون، مما أحبط إتمام الصفقة، كما أن زيارة "بن شبات" السرية إلى المغرب والتي كشفتها بعض وسائل الإعلام أحبطت هذه المساعي أيضا وتسببت في خلاف كبير بين الأمن القومي الإسرائيلي وجهاز الاستخبارات الموساد حول الصلاحيات.

إسرائيل تبحث عن دور مغربي مرسوم سلفا وحسب مقياس تل أبيب، فوجدت ضالتها في مملكة (أمير المؤمنين)المتهالكة ، لكن اللافت للنظر استمرار هذه العلاقة وفرض الأمر الواقع على السياسة العربية الرافضة لكل أشكال التطبيع منذ الثمانينات . 
من جهة اخرى صرح الناشط اليهودي المغربي "سيدون" الذي يعتبر واحد من أكبر المعارضين للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي رغم أنه يهودي الديانة، أكد أن هذه العلاقات موجودة منذ زمن بعيد، كما سبق وأن أشرنا إلى ذالك وأنها تشمل جميع القطاعات .
كما أضاف "سيدون " الناشط في منظمة BDS لمقاطعة الكيان الصهيوني أن المغرب ضارب عدة امثل في ذالك من أبرزها سماح المغرب للموساد الإسرائيلي بالتجسس على القمة العربية التي انعقدت في الدار البيضاء المغربية في سنة 1965،والأقرب من ذالك أن الموساد الإسرائيلي كان في الطابق الخامس و القمة العربية في الطابق الرابع واستمع بالمباشر إلى كل ما كان يدور في القمة ،زد على ذالك التسهيلات الأخرى التي كان يقدمها ملك المغرب للإسرائيليين،
لان الموقف الرسمي المغربي محكوم بالمنظور السياسي للمقبور الحسن الثاني حيث أملت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية الفرنسية على الدولة المغربية منذ عقود سياسة التبعية والعمالة والاقتراب أكثر من تخوم السياسة الإسرائيلية ،كما أن الحسن الثاني يعرف جيدا أن خطب ود أمريكا يأتي عبر طريق تل أبيب ، كل هذه العوامل وغيرها زيادة على ما يعانيه المغرب من مشاكل اقتصادية واجتماعية مزرية دفعت به الى الارتماء في احضان إسرائيل مبكرا .
علاوة على ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل في المغرب الذي وصل حسب الإحصائيات الرسمية الأخيرة إلى أزيد من 40 في المائة مع وجود أكثر من 8 ملايين مغربي يعيشون تحت عتبة الفقر مع تنامي معدلات الأمية التي بلغت 65%، ضف الى ذالك قضية الصحراء الغربية التي أثقلت كاهل المغرب بالخسائر المادية والبشرية، كل هذه التراكمات أدت إلى فتح أبواب المغرب أمام تجارة المخدرات والسموم الإسرائيلية، إذا شهد السوق المغربي تغلغل إسرائيلي سافر، عرف تكتم شديد وشبكة من المصالح غطت على كل النشاطات التي تقوم بها إسرائيل داخل المغرب، وبتواطؤ من الحكومة المغربية، وقد ذكرت بعض التقارير الصادرة عن هيئة IEICI ; ISRAEL EXPORT AND INTERNATIONAL COOPERAT ION INSTITUTE أن أزيد من 45 شركة إسرائيلية تستثمر داخل المغرب ،بالإضافة إلى 28 شركة مغربية تتعامل مع هذه الشركات الإسرائيلية وتصدر منتجاتها إلى إسرائيل وقد زكى ذالك وزير الفلاحة المغربي الأسبق إسماعيل العلوي في حديث له عن الاستثمار داخل المغرب .


وتفيد معطيات رسمية تورط بعض المسؤولين الكبار النافذين في الرباط التي أوكلت لهم مهام التعامل مع الشركات الإسرائيلية من لدن القصر ويأتي في مقدمتهم (اندري ازولاي ) اليهودي مستشار (أمير المؤمنين) وإدريس اليازمي رئيس مجلس (حقوق الإنسان )المغربي ونور الدين الصايب مدير المركز السينمائي المغربي ومن بين الشركات الإسرائيلية (شركة احرير) المختصة في زراعة الطماطم بالمغرب وشركة زيريم اكادير الإسرائيلية المغربية وشركة نفطاليم وشركة حازير للبذور، و تلعب اتصالات المغرب اكبر دور في التعامل مع الشركات الإسرائيلية ، وتستثمر هذه الشركات في مدن كالصورة وفاس والراشدية وبوذنيب ، وهذه بعض الإحصاءات الرسمية لصادرات وواردات المغرب من والى إسرائيل .
في سنة 2005 بلغت صادرات المغرب إلى إسرائيل مليون و400 ألف دولار ووصلت الواردات مليون دولارفي سنة 2007 و قفزت الصادرات المغربية إلى 2 مليون و700 ألف دولار فيما وصلت الواردات إلى رقم قياسي 16 مليون و600 ألف دولار وفي سنة 2010 بلغت الصادرات المغربية إلى إسرائيل 5 ملايين و 200 ألف دولار في ما انخفضت الواردات إلى 13 مليون 200 ألف دولارفي سنة 2013 و تراجعت الصادرات إلى 3 مليون و600 ألف دولار أما الواردات فقد ارتفعت إلى 19 مليون و530 ألف دولار، وفي سنة 2018 كانت في قمتها حيث وصلت الصادرات إلى ما قيمته 20 الف دولار. 
يصدر المغرب إلى إسرائيل المواد الأولية، وتأتي اسماك الصحراء الغربية في مقدمتها ثم الرخويات وللحوم والخضر والسكر والملح والكحول وخاصة النبذة المغربية، فيما يستورد المغرب من إسرائيل الأسمدة الفلاحية و الآلات الالكترونية والأجهزة المكانكية ومعدات الحواسب، ويميز المغرب رمز خاص بالمبادلات التجارية مع إسرائيل هو: MA464 .
بعد هذه الإحصائيات يتبين حجم الصادرات والواردات من المغرب إلى إسرائيل مما يبين دعم مملكة (أمير المؤمنين) و رئيس "لجنة القدس" للاقتصاد الإسرائيلي مما يوضح أن هناك من يقف وراء الستار ويتحكم في قانون اللعبة في حين ينفي المغرب كعادته ذالك علما أن هذه المبادلات التجارية تدخل و تخرج من المغرب على مرأى من كل حكوماته السابقة بما فيها حكومة بن كيران "الإسلامية ".
لكن المفاجأة أن عملية نقل أو جلب السلع من إسرائيل أسهل من نقل السلع أو البضائع داخل المغرب، فمن خلال موقع شركة “زيم” الإسرائيلية على الانترنت، يظهر موقع إلكتروني يمكن لأي شخص أن يدخل إليه، مثلا تفاصيل نقل السلع من الدار البيضاء إلى حيفا أو العكس، يظهر للباحث جدول يوضح أن العملية تتم على مرحلتين من الدار البيضاء إلى تراغونا( tarragona) بإسبانيا ثم من هذه الأخيرة إلى حيفا لتستغرق عملية النقل 15 يوماً.
هذه الحكاية ليست سوى قمة جبل الجليد التي تخفي تحت السطح تفاصيل وروايات متعددة كلها تدور حول التطبيع بأنواعه المختلفة في مملكة "أمير المؤمنين"، 
التي غالبا ما تنفي وجود تطبيع من أي نوع مع إسرائيل على الرغم من نشر الأخيرة لإحصائيات رسمية إسرائيلية تؤكد العلاقة التجارية المهمة مع المغرب، التي أصبحت حديث الجميع.
وفي إطار هذا التعاون المغربي الإسرائيلي الذي فاق التطبيع ذكر موقع (انتليجنس أو نلاين ) الفرنسي أن المغرب حصل على ثلاثة طائرات استطلاع مسيرة إسرائيلية وذالك لإتمام الصفقة التي وقعها المغرب مع إسرائيل لشراء أسلحة واليات حربية بقيمة 48 مليون دولار من إسرائيل.
وكما سبق وان اشرنا ان روابط هذه العلاقة تم التأسيس لها وازدهرت في عهد المقبور الحسن الثاني، الذي أبداها كبادرة "حسن نية" بترحيل اليهود المغاربة إلى إسرائيل والذي تجاوز عددهم مليون مغربي، ناهيك عن العلاقة الحميمة التي تربطه مع إسحاق رابين وشمعون بريس، علاوة على ما يقدمه المخزن من خدمة جليلة للموساد الإسرائيلي نظرا للاتفاق بين (الادجيدي) جهاز المخابرات المغربي والموساد الإسرائيلي، وذلك لتلبية مطالب هذا الأخير، على أن يلتزم المغرب بالادعاء كل ما تم القبض على عميل إسرائيلي في احد البلدان العربية بأنه سائح مغربي وبعد أن يتم الاتصال بالقنصلية المغربية في ذالك البلد تؤكد ذالك، مع توفير بطاقات هوية مغربية للإسرائيليين مدعية أنهم سياح مغاربة، وقد اثبت ذالك جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، على لسان العديد من منتسبيه كما تحدث عن التقارير الشهرية التي يقدمها المغرب للإسرائيليين والأمريكان بخصوص الأوضاع في العالم العربي، وكانت مصر هي السباقة إلى كشف هذه المؤامرة، لكنها وقعت في المحذور ووقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل سنة 1978 كان بطلها كالعادة الحسن الثاني، الاتفاقية التي اشتهرت بكامب ديفيد، والتي أخرجت مصر من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، وأطلقت يد إسرائيل في المنطقة وتركتها تصول وتجول، كما لا يخفى على أحد التصريح الشهير لملك المغرب الحالي محمد 6 لمجلة روسية ذكر فيه دون خجل ان والده الحسن الثاني كان صديقا وفيا للكيان الصهيوني، وان هذه الأخير هي الدولة الوحيدة التي أصدرت طابعا تذكاريا لتكريم والده بعد موته، وهذا إن كان يدل على شيء فإنما يدل انه كان يعمل لعدة دول، ونسي الابله أن اباه كان يتقاضى راتب مليون دولار شهريا من جهاز الموساد الإسرائيلي الذي كان يقدم له تلك الخدمات.
علاوة على ما كتبه الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل في كتابه الذي منعته المخابرات المغربية من دخول المغرب *كتاب كلام في السياسة * وتحديدا في الصفحة 336 عن علاقة جهاز الموساد بملك المغرب حيث وصفه بالعميل والجاسوس المخلص، واستدل على ذالك بالكثير من الأمور منها قمة الدار البيضاء في 1965، وكذالك إصرار ملك المغرب السابق على استضافة أكبر عدد من القمم العربية والإسلامية التي يناقش فيها بالضرورة الصراع العربي الإسرائيلي، والتي حطم في استضافتها الرقم القياسي العربي الإسلامي، ليس حبا بطبيعة الحال في العرب والمسلمين ولكن خدمة للكيان الصهيوني، من خلال جهاز الموساد الذي سمح له كم مرة بنصب أجهزة التصنت في المقرات التي تجري فيها القمم، ليكون الموساد الإسرائيلي أحد المشاركين ولو كان خافيا.
كما نسي الابله محمد 6 أن يخبر الجريدة الروسية أن طوابع التكريم الإسرائيلية لا تمنح عادة إلا لقادة إسرائيل فقط، وقد نال "شرف" الفوز بها فقط عربيان حسب علمي وهم الملكان الحسن والحسين ملك المغرب والأردن.
كان ملك الأردن الحسين بن طلال يلقب مستر نو بيف، ذالك الاسم الذي تكرر كثيرا في وثائق المخابرات المركزية الأمريكية التي جندته في سنة 1957، وربما للحسن الثاني لقب يميزه عن بقية العملاء والمؤسف أن الملكان الحسن والحسين يدعيان انهم من سلالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهل هناك إساءة للنبي الكريم أكثر من هذه.
.... يتبع....
بقلم: الغيث امبيريك

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *