-->

انتفاضة الزملة … الشعب الصحراوي يقرر مصيره


كانت ليلة السابع عشر من يونيو 1970م طويلة من تاريخ المقاومة الوطنية، وترقب لبزوغ فجر يحمل نسيم الحرية، وفيما كانت اسبانيا قد هيأت كافة الظروف لحشد الجماهير القادمة من مختلف الربوع الصحراوية، ووفرت لهم وسائل النقل وظروف الوصول في الوقت المناسب لتكريس الواقع الاستعماري وشرعنة بقائها في المنطقة، كانت ساحة الزملة اشد جذبا من ساحة الثور التي لم تستقطب سوى النزر القليل وبعض الشيوخ.

تهاطلت الجماهير على الزملة افواجا ومن كل فج عميق قدم الصحراويون، يحدوهم الامل في غد مشرق، حتى امتلأت الساحة عن اخرها، امام الحشود التي تنفست الصعداء ونسيم الحرية من اعلى تلك الزملة، بعد سنوات من القبضة الامنية وهواجس الخوف التي زرعها الاحتلال واجهزته البوليسية، وعيونه المترصدة في المنطقة، وفي خضم هذا التحول والوعي الجماهيري الكبير تملكت الاحتلال حالة من الارتباك وبعث بعض الشيوخ لمحاورة المنتفضين ومعرفة مطالبهم، ومحاولة ثنيهم عن هذا الاسلوب الاحتجاجي الجديد، والذي ينذر بوعي سياسي يهدد التواجد الاستعماري الاسباني في المنطقة، وكان رد الجماهير الصحراوية على الشيوخ حاسما، ورسالة المنتفضين واضحة، بان المشكل الاساسي ليس مع الشيوخ او الصحراويين، وإنما مع الادارة الاستعمارية المطالبة بارسال من ينصت لمطالب الصحراويين ويقدم الاجابات الكافية والشافية عن تساؤلات المصير.
حالة التوتر والاحتقان ظلت سيدة الموقف مع تزايد الحشود، ما دفع ببعض الجنود الاسبان اطلاق اعييرة نارية فوق المتظاهرين لتخويفهم ومحاولة فض التجمهر بالقوة، لكن المحاولة باءت بالفشل، ولم يفلح اسلوب الترهيب والتخويف، وبدأت قوات الاحتلال الاسباني تتهيأ لارتكاب جريمتها النكراء والانقضاض على مخيم الزملة.
فبدأ الجنود يقتربون من التجمهر رويدا رويدا، محاولين التشابك مع المحتجين بخطوة الى الامام واخرى للخلف، وفي تلك الاثناء وقع اشتباك بين احد الشباب وجنود الاحتلال، ما دفع باحدى السيدات الى انتزاع سلاح احد المجندين الاسبان، قبل ان يتم ارجاعه لهم في محاولة لتهدئة الوضع، قبل العاصفة التي تلطخت فيها ايادي المستعمر بدماء الصحراويين، وتكشر اسبانيا عن وجهها وتظهر حقيقتها بعد ارتكابها لمجزرة مروعة في حق المنتفضين بمخيم الزملة التاريخي، استشهد في هذه الملحمة كل من سلامة ابراهيم العبد وابراهيم المحجوب محمد عالي وسقط اكثر من خمسين جريحا واعتقل اكثر من 500 صحراوي تم اطلاق سراحهم فيما بعد ولم يبقى منهم داخل السجون سوى 45 معتقلا موزعين على السجون الاسبانية بكناريا والعركوب وبئرنزران وتشلة واوسرد.
وتم اقتياد زعيم المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء الفقيد سيد ابراهيم بصير الى وجهة مجهولة ولايزال الى اليوم بعد مرور خمسين سنة على اختفائه مفقود مجهول المصير تتحمل اسبانيا المسؤولية الكاملة في اختطافه واختطاف حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال.
بقلم: حمة المهدي

Contact Form

Name

Email *

Message *