إنتفاضة الزملة ...ذكرى خالدة وصراع لم ينته
خمسون سنة تمر على فقدان أحد رموز الثورة الصحراوية الفقيد محمد سيد إبراهيم بصيري رجل عبّرَ عن ضميرِ شعبه، وروح أمتهِ
وأوجع عدوه بقوة فاخفاه بعد ان قادة انتفاضة شعبية عارمة ضد الاستعمار الإسباني فسجله التاريخ في صفحات الخالدين رمزا وطنيا ومفكرا صحراويا.
ففي 17 يونيو من سنة 1970م أعلنت الحركة الطليعية لتحرير الصحراء الغربية، رفضها للمحاولات الإسبانية اعتبار الصحراء الغربية مقاطعة إسبانية ، حيث تجمع الصحراويون ، لمواجهة الدعايات والإغراءات الإسبانية بالعمل السلمي لتندلع في مساء 17 يونيو 1970 المواجهات التي استخدم فيها المستعمر الإسباني الذخيرة الحية والاعتقالات العشوائية بعدما تيقن من إصرار الصحراويين على مطالبهم المشروعة.
وقد طبع الحدث العديد من الإصابات و الاعتقالات في صفوف الصحراويين ، إلى جانب وقوع بصيري في الأسر وذلك فجر 18 يونيو وأدخل السجن ، ومنذ ذلك التاريخ بقي مصيره مجهولا .
مع امتداد الزمن اتسعت الرموز والعناوين لتُغطيَ مساحةً أكبر في العقل الجمعي الصحراوي ، فمن الفقيد بصيري و الولي مصطفى السيد و المحفوظ اعلي بيبا الى محمد عبد العزيز وغيرهم وصولا الى امحمد خداد ، جسّدوا جميعا معاني السمو في الغايةِ والوسيلة، وقيم الثباتِ على المواقف والمبادئ، وصفات القيادة المتمسكة بالحقوق والأهداف، وسمات الزعامة المؤمنةِ بالشعب والنصر ،
وإذا كان الشعب الصحراوي بحاجةٍ إلى رموزه الوطنية لتوّحده وتهديه، فهو أشد حاجةً لها الآن خصوصا بعد الأحداث المتسارعة الماضية و وجود مخططا مغربيا جهنميا خطيرا يطبخ في اكبر منصات الخبث في العالم منذ مدة بدعم لوجيستي فرنسي يهودي يروم المساس بثوابتنا الوطنية وسمعة رموزنا عبر ابواق كانت و لا تزال مكلفة بمهام قذرة ، و هو ما أصبح واضح لدى لاغلبية خاصة من يتابع مواقع التواصل الإجتماعي ، متخذبن من تاريخ نضالنا الناصح بإعتباره مادة صراعية متفجرة مطية للوصول لغايتهم .
بمثل هذه المفارقة المأساوية نستقبل خمسينية الزملة الخالدة هذا العام، لنؤكد أن التاريخ ليس مادة علمية مثبتة، بل هو علم يرتكز على معطيات مستوحاة من مصادر ، وكل إنسان له قراءته لتلك المصادر . تختلف القراءات بتنوع الثقافات ، الميول ، والمصالح ، لذلك لا يمكن الوصول فيه إلى إجماع ، وعليه فعلينا ان نبدع من رموزنا الوطنية قواسمَ مشتركة تجمعنا وتوّحدنا لا غير ، خاصة حين يشتدُ ليل الاحتلال حِلكةً وظلاماً ليبقو رحمة الله عليهم نجوماً نهتدي بها إلى اتجاه النصر.
الصحراويون اليوم بين وباءَين: فبينما يواجه شعبنا كله جائحة الاحتلال المغربي الفرنسي، ويناضل من أجل التخلص من هذه الجائحة وأسترجاع الوطن السليب باعتباره الشرط الأول لكل ما عداه، فهو بالتصميم نفسه يواجه ظروف الجؤ الصعبة بروح متوثبة وعزيمة عصية على الإنكسار، مُصمم على إسترجاع أرضه التاريخية التي سيبقى حقه فيها خالداً مهما بلغ النهب مداه.
السالك الترسال