-->

الخالدون في ذاكرة الثورة وقلوب الجماهير ... "الشعب" في فكر شهيد الحرية والكرامة الولي مصطفى السيد


تمحور فكر الشهيد الولي حول الشعب وإرادة الشعب وكرامة الشعب وخدمة الشعب وتحرير الشعب من كل اشكال الاستغلال والوصاية ليكون سيدا في ارضه وقراره وان اي فعل يريد النجاح يجب ان ينطلق من عمق القاعدة الشعبية.
وفي تلك الفترة كان الشعب عبارة عن مجموعات بشرية مبعثرة مثقلة بواقع الاستعمار يعبث بها الجهل والفقر والعزلة والترحال وتتجذر فيها النزعة القبلية، إلا ان قريحة الولي المدركة لمحورية الشعب في اي عمل ثوري وضرورة استشارته وإشراكه كفاعل اساسي مكنت في ظرف وجيز من تهيئة الارضية لعقد مؤتمر متنقل كانت اخر جلساته في مدينة ازويرات الموريتانية والتي اعلن فيها عن تأسيس الجبهة الشعبية وإعلان انتهاء زمن الوصاية على الصحراويين والقطيعة مع الاستعمار وفي توصيف التحديات الماثلة في تلك الحقبة الحالكة من تاريخ الشعب الصحراوي يقول الولي: "نحن في 1973 كنا شعبا مفروض عليه التمزق.. ليس بإرادتنا، بل مفروض علينا أن نتمزق.. مفروض علينا أن نتسول وليس من عادتنا أن نتسول"، ومن اجل الخروج من هذه الوضعية يوضح الولي ان "الثورة أعلنت في الساقية الحمراء ووادي الذهب لأنه موجود شعب، حتمياً موجود شعب.. هذا الشعب لهُ كيانه له حضارته، له مبادئه، له أفكاره وله تنظيماته.. على رغم خطط الإستعمار والرجعية، وعلى رغم الجنسيات المتعددة والقبائل المتعددة".
وانطلاقا من ثقته في قدرة الشعب على احراز المكاسب متى ما وجد النخبة الطلائعية، المؤثرة والقادرة على الاستثمار في هذه "القوة الحقيقية التي تصنع التاريخ وهي التي تستطيع طرح حلول للمشاكل وهي قوة الشعب" ففي الجماهير تكمن المعجزات وبالشعب تتحقق المكاسب والانتصارات "إن سر وجودنا، وسر مكاسبنا.. أسباب الوجود والمكاسب، أسباب الكرامة والإحترام، هي حقيقة واحدة اسمها الشعب".
إن شعار الشعب هو الاستقلال بلا تبعية .. وكل انسان لا يوافق على الاستقلال بلا تبعية فهو انسان ضد الشعب ويجب مكافحته سواء مع اسبانيا او مع المغرب وعلى كل انسان ان يختار الآن اما ان يكون مع الشعب ويكافح الاستعمار او ضد الشعب ويتأسف الولي للذين اختاروا درب الغدر وخيانة الشعب والاصطفاف مع المحتل الذي يستغلهم ضد ارادة شعبهم ووطنهم، ويقول نحن لا نستطيع ان نهدي من نحب او نريد، فلو كان ذلك لهدينا شعبنا من البداية، فنحن نريد ان يكون شعبنا مسلما جميعا وفي جبهة واحدة واتجاه واحد ضد اي انسان يدعي الاسلام ويصطف مع الاستعمار.
حرص الشهيد الولي ـ رحمه الله ـ على ان يعتز الشعب الصحراوي بكرامته وان الثورة قامت من اجل تحرير الانسان والوطن معا، وكان يشتط غضبا عندما يسمع ان احدا من الاطر او المسيرين عنف شيخا او إمراءة او مواطن مهما كانت صفته لان هؤلاء تركوا الارض والأهل من اجل الكرامة، وكان يقول "لا توجد فائدة أو قوة أو احترامٌ إلا للقاعدة الشعبية" لان الجماهير لا يمكن أن تلتف حول من يسيء اليها او يستكبر عليها، ويعاملها بغطرسة وعنجهية كما تعاملها القوى المعادية لها.
ولمكانة الشعب في فكره حث الاطر على احترام الشعب وعدم اهانة اي فرد في كرامته، او استغلال حاجته لإذلاله، "إذا كان أحدكم مسؤولا وجاءه فرد من أفراد القاعدة الشعبية يسأل عن حاجته، اقضوا له هذه الحاجة وهو مرفوع الرأس.. موفور الكرامة". لبناء مجتمع يعتز فيه الفرد بكرامته ويشعر بذاته.
منبها على مسؤولية الطليعة الثورية، والتي هي جزء من الجماهير ان تتحسس أوجاعها، وتخفف آلامها وتراعي معتقداتها وتقاليدها الإجتماعية، وقد نصت ادبيات جبهة البوليساريو منذ التأسيس الى اليوم على صيانة كرامة وحقوق الإنسان والتصدي بصرامة لكل الممارسات الماسة منها والحث على خدمة الجماهير والسعي في عونها وهو ما عبر عنه الولي مصطفى السيد في مقولته الشهيرة: "إذا أرادت القدرة الخلود للإنسان، سخرته لخدمة الجماهير".
ومن هذه القناعة المترسخة في خدمة الجماهير ظل الشعب مصدر فخر واعتزاز للولي رحمه الله "إننا شعب منظم له أهدافه، له مبادئه.. شعب حق يدافع من أجل الحق". كونه شعب عريق وله مبادئ وأهداف ويناضل من اجل الحق والمبادئ النبيلة، وهو ما اهله لخوض المعركة ضد الاستعمار وأذنابه في المنطقة حيث يقول الولي: "الصراع الان.. صراع في البداية مابين الشعب العربي في الساقية الحمراء ووادي الذهب وبين الأنظمة الغازية وأنظمة الإحتلال التي يتزعمها المغرب وموريتانيا.. الصراع في المنطقة هو صراع بين مُكافحي الشعوب في المغرب العربي وبين مستعبدي هذه الشعوب.. وهو صراع بين القيادة الثورية في الجزائر وليبيا وبين القيادات الرجعية في المغرب وموريتانيا وتونس.. إذن الصراع بالنسبة للمغرب العربي هو صراع بين دعاة العبودية، دعاة الإستغلال، العملاء للقوات الأجنبية والإمبريالية، وبين الوطنيين الذين نبعوا من القاعدة الشعبية، والذين دافعوا من أجل القاعدة الشعبية في المغرب العربي".
فالكفاح هو كفاح الشعب ومن اجل اهداف الشعب في الحرية والخلاص من العبودية والاستعمار وتحقيق كرامة الانسان في العيش الحر وتحقيق الرفاهية والسيادة على كامل الارض
الثورة الآن أو أبدا.. حمة المهدي ـ ص 44

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *