من يتحمل مسؤولية تقديم التاريخ المشوه لأجيال الثورة ؟
لا شك ان دراسة التاريخ وحفظه وصيانته من النسيان والتزوير والاستلاب، ضرورة دفعت مختلف شعوب العالم الى ايلاء العناية الفائقة بمسألة تاريخها، وتقديمه للاجيال لاخذ الدروس والعبر واستلهام اسباب الاقلاع وتجاوز مسببات الفشل والتراجع الى الوراء.
وفي تاريخ الثورات يركز القادة على الجوانب المشرقة لشحذ همم الاجيال وربطها بتاريخها الثوري وغرس قيم العطاء والتضحية لاستمرار ينبوع العطاء الثوري حتى تحقيق اهدافه النبيلة.
وفي تاريخنا الزاهر والزاخر بنماذج التضحية والفداء بالروح والؤرخ بالدم والبارود لقوافل من الشهداء الذين استبسلوا في الميدان وكانوا في مقدمة المواجهة حتى سالت دماؤهم المعطرة بقيم الاخلاص والصدق ونبل المعدن الصحراوي الصافي والذي لم تمتزج به معادل اشباه الرجال والمتخلفين يوم الزحف الاكبر وارباب المصالح الذين ركبوا شهواتهم ومصالحهم الضيقة، ضيق افقهم وطموحاتهم الانانية فاصبحوا عبئا على الجماهير وجزء من معضلة الشعب الصحراوي التي اخرت ساعة النصر وفتحت المجال امام التنازع والاساءة للتاريخ الثوري الذي انطلق من رحم المأساة وعمق المعاناة.
إن كتابة التاريخ والحديث عن البدايات يجب ان ينصب على النماذج المشرقة والمواقف المشرفة وجعل الاجيال تعيش الثورة من اعماقها وتتجند باهدافها وغاياتها الكبرى بعيدا عن الحساسيات والمناكفات وصراع السلطة الذي لم يتوقف عند البعض حتى وهو في هرم القيادة وارذل العمر.
لقد ضرب الشهيد الولي مصطفى السيد المثال الساطع والنموذج اللامع والقدرة الحسنة في ربط القول بالفعل والتضحية بالغالي والنفيس من اجل الجماهير رغم نبوغه الفكري ونضجه السياسي وملكته اللغوية والخطابية في التاثير والاقناع وتمكنه من كل اسباب البقاء في قمرة القيادة، إلا ان مقولته الخالدة "إذا ارادت القدرة الخلود للانسان سخرته لخدمة الجماهير" التي جسدها وهو يقود معركة نواكشوط التاريخية ليسقط في ميدان العز والشرف شهيدا كريما ورمزا ممجدا في قلوب كل الصحراويين واحرار العالم الى يوم النفخ، لافضل دليل واكبر شاهد تاريخي يجب ان يظل بارزا يغرس ويدرس لاجيال الثورة ودفن النبش في القبور والبحث في مكبات النفايات التي تنثرها صحافة العدو وتنفخ فيها النار بعض القيادات التي ارتبط تاريخها بهكذا مطبات.