كيف حذر الشهيد الولي من المنفى الابدي واعتبر اللجوء محطة عبور الى الوطن الحر ؟
على وقع الاجتياح المغربي العسكري للصحراء الغربية وأجواء القصف والقنبلة التي خيمت على المدن والمداشر الصحراوية، فر الالاف من الصحراويين هربا بأنفسهم من الموت المتربص بهم، وكانت افواج الانطلاقات تصل تباعا، الى المناطق الحدودية الشرقية، منهم من يستغل اليات تكون في المجمل مكتظة بالركاب، ومنهم من يمشي على قدميه، وكانت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب تشرف على مساعدة النازحين الصحراويين على التنقل الى مناطق امنة من القصف وتستقبلهم في مخيمات للإيواء وتقوم بإسعاف المصابين، ومع تزايد عدد النازحين داخل الوطن واللاجئين خارجه، استطاعت جبهة البوليساريو ان تنظم وتدير هذه الازمة بإحكام، فشيدت المخيمات وأطرت اللاجئين الى لجان تخصصية تشرف على ادارة كافة جوانب الحياة في تنظيم الاشراف على تقديم الخدمات الاساسية للمواطنين الصحراويين الهاربين من حرب الابادة التي تشنها القوات الملكية المغربية الغازية.
ومع الاستقرار الذي بدأ يلوح في سماء اللاجئين بعيدا عن نار الحرب والدمار في المنفى الذي اُعلنت فيه الدولة الصحراوية وأصبحت تشيد المؤسسات والمصانع والمزارع، بعيدا عن الوطن المغتصب يحذر الشهيد الولي مصطفى السيد من الاستكانة للمنفى والرضى به وطنا فيقول: "نحن شعب يوجد في المنفى نحن دولة في المنفى لكن لن نرضى هذا المنفى لن نقبل هذا المنفى الى ما لانهاية له، لقد قلنا للعالم بأننا شعب يكافح من اجل العودة الى وطنه ولسنا شعب يستجدي، يطلب الخيام، يطلب الطحين، يطلب الغذاء"
هكذا كانت قناعة الولي ـ رحمه الله ـ بأن المنفى محطة عبور الى الوطن، يجب ان لا نتخذه سكنا ومستقرا، ولا تغرينا معونات انسانية او خيم دافئة، ما دمنا لم نحقق الغاية التي تجرعنا بسببها ويلات المنفى وهي تحرير الوطن، كم حذر الاطر من ان افتهم هو الاستقرار والركون اليه وما يعنيه من خمول وتبلد وربما تبدلا في الاولويات.
انطلاقا من هذه الرؤية الثاقبة انتقد الولي عدم ادراك البعض لمختلف مظاهر وسلبيات ما بعد الثورة، التي افرزت واقعا جديدا للشعب الصحراوي والذي كانت من ابرز تجلياته وجود حركة تحرير تناضل من اجل استكمال السيادة الوطنية وبناء دولة مدنية تجسد حلم وطموحات كل الصحراويين، ولكن في الجانب الاخر لاجئين في المنفى يؤسسون لإدارة ويشيدون المؤسسات ما يحتم على النخبة ان تظل تنبه باستمرار الى خطورة التسليم بهذا الواقع المرفوض اصلا والرضى به الى الأبد وما ينضوي عليه ذلك من استسلام للأمر الواقع والتفريط في الحقوق وفي مقدمتها الحرية والعيش بكرامة في الوطن.
من كتاب الثورة الآن أو ابدا ـ حمة المهدي ـ ص 58