بشاري الصالح.. من ملحمة الجراح الى ملحمة الخلود
ليس من عادتي الكتابة عن الراحلون مع العلم انني كتب عن مآثر الاحياء و قصص الكادحون في الحياة .. لكن الشهيد بشاري الصالح انتزع شهادتنا عنوة و استحق ان تسيل له المدد و أن تطوع له الكلمات رغم قصورها عن وصفه في الحياة.
فبشاري الصالح رحل .. و في كل جرح مثخن من جراحه صورة لملحمة تاريخية من ملاحم جيش التحرير الشعبي الصحراوي.
رحل بشاري.. و في جراحه يرقد الشهداء و تتجلى مشاهد البطولات و اصوات الرصاص و بشائر النصر و زغاريد الامهات بعد كل نصر.
رحل بشاري.. و في قلبه من درر التاريخ ما ندر من مآثر بطولية كان يرى أن إفتخار أحياءنا بها بين قوافل الشهداء جبن و نذالة لا تغتفر.
رحل بشاري.. و في فكره ادوات النصر التي حكاها لي ذات يوم في مقاعد إنتظار السفر حين قال لي و هو يبتسم كعادته لن ننتصر الا ب: بندقية و قلم و سيجارة و شارة نصر.
رحل بشاري.. و ترك حقائب من التاريخ الغامض الذي كان يرفض روايته حتى على المقربون منه .. مارس القتال، السياسة، القراء و الكتابة كما كان من ندرة محللي السياسة الاقرب الى واقعية هذا العالم المتهالك.
رحل بشاري.. و في عنقه الرفض و في فمه الرفض و على زناده يحقق الرفض السهل الممتنع .. رافض للدناءة.. رافض للركوع.. رافض للاحتلال منذ تفتق شبابه.
رحل بشاري.. بذكرى رجل واحدة و امعاء مزغتها الحرب و اشلاء جسد و بقايا عائلة تقسمت بين المخيم و الاسر و الشهادة.
رحل بشاري.. بشارة نصر و ابتسامة مقاتل و روح عنيدة تأبى الاستسلام رغم خيانة الجسد.
رحل بشاري.. بنظرة ثاقبة رغم ضآلة النظر و عقل متقد رغم شظايا الرصاص التي أحدثت في رأسه ثقوب حياة رافقته بفخر الى الابد.
رحم الله الشهيد بشاري ول الصالح ول حيمد و اسكنه فسيح جنانه.. إنا لله و إنا إليه راجحون.
محمد مغاديلو
