-->

برنامج تداول : ما المانع من محاسبة الاحتلال المغربي افريقيا ومعاقبته؟


إعداد وحوار : أحمد باب لحبيب أباعية
لا شك أن من أهم أسباب عودة الإحتلال المغربي للإتحاد الأفريقي هو حضور الجمهورية الصحراوية التى تزداد مكانتها قوة وإحتراماً داخل الإتحاد وقد تبوأت مراتب متقدمة في أهم هيئاته التنظيمية وهي أحد مؤسسي المنظمة القارية، وتبنى الإتحاد الأفريقي القضية الصحراوية وأولاها أهمية كبيرة بتخصيص مبعوث خاص لها وطالب بتصفية الإستعمار من الصحراء الغربية كأخر مستعمرة في إفريقيا.
وقد تأسس الإتحاد الأفريقي على مباديء وقيم تحترم حقوق الدول والشعوب الأعضاء وحسن الجوار وحل النزاعات وسن لذلك قوانين ومعاهدات وبروتوكولات تلزم الأعضاء إحترامها والتعهد بتطبيقها، إلا أن الإحتلال المغربي ومنذ عودته للمنظمة القارية سعى بأساليبه المعهودة إلى عرقلة وإضعاف دور الإتحاد وهيئاته الرسمية وتشتيت جهود الأعضاء في تحقيق أهداف وطموحات شعوب القارة خاصة ما يتعلق بحل قضية الصحراء الغربية على أساس الشرعية الدولية.
ولم يكف المغرب عن محاولات تخريب المنظمة الأفريقية من الداخل فحسب، بل وصلت تدخلاته إلى خرق مباديء وقوانين الاتحاد رغم تعهده يوم عودته بإحترام معاهدات وإتفاقات وقوانين المنظمة لكن ما يمارسه على الأرض وعلناً يخالف كل المبادئ.
فبعد أن فتح قنصليات شكلية لبعض الدول الأعضاء في الجزء المحتل من الصحراء الغربية في خرق سافر وصريح وعلني سمح أيضاً لشبكة الدول الأفريقية لفرنكفونية بفتح مقر لها بمدينة الداخلة الصحراوية المحتلة دون حسيب ولا رقيب وكل ذلك داخل جغرافيا الإتحاد الأفريقي .
برنامج ” تداول ” على مجلة المستقبل الصحراوي يثير الموضوع للنقاش مع ضيفيه الكاتب الغيث أمبيريك والكاتب حدي الكنتاوي ويطرح التساؤلات التالية :
– لماذا سمح الإتحاد الأفريقي للمغرب بالعبث بقوانينه بشكل علني ؟
– ما المانع من محاسبة الإحتلال المغربي إفريقياً ومعاقبته ؟
– لماذا لا تطرح الجمهورية الصحراوية القضية على الهيئات الأفريقية المختصة
– كيف يمكن للدولة الصحراوية إلزام الإتحاد الإفريقي على تفعيل قوانينه ؟
– ألا تطرح القضية إستفهامات حول دور الخارجية الصحراوية في الإتحاد ؟
في إجابته عن أسئلة الحلقة يقول الكاتب الغيث امبيريك :
شكرا لمجلة المستقبل الصحراوي.
قبل أن اجيب على أسئلتكم لابد أن أشير إلى الأسباب الحقيقية لانضمام المغربي للاتحاد الإفريقي، الذي لم يكن مفاجيء، بالنسبة لنا نظرا للحملة الديبلوماسية الضخمة التي قام بها داخل دول الاتحاد وشراء ذمم الكثيرين منهم ، الشي الذي أحدث اختراق كبير داخل الاتحاد ، وصنع تحالفات داخل التحالف ، علاوة أيضا على الدور المتعاظم للاتحاد الإفريقي في السياسة الدولية، ومحاولة وضع حد له وإشعال الدول الأعضاء بمشاكلها الداخلية المصطنعة.
إذا لهذه الأسباب وغيرها قامت دولة الاحتلال بهمسة من عرابتها فرنسا ، بإعادة تمثيل حصان طروادة من داخل الاتحاد الافريقي لشق صفوفه من جهة وإضعاف جبهة البوليساريو باضعاف حلفائها من جهة اخرى ، وليس كما قال المغرب إنه من أجل إنهاء سياسة الكرسي الشاغر و “العودة للوطن الام” وانما يريد لعب هذا الدور حتى يتسنى له عزل جبهة البوليساريو ومحاصرة حلفائها وبالتالي طردها من الاتحاد ،خصوصا وأننا نعرف أن القارة تواجه تحديات أمنية وسياسية جمة ، زد على ذالك التحالف الفرنكفوني الكبير الداعم للمغرب والمدعوم من فرنسا وإسرائيل .
كل ذالك فرض على الاتحاد السكوت ولو موقتا عن عبث المغرب بقوانينه ريثما يستتب الأمر للقارة السمراء ،خصوصا ونحن نعلم أن دخول المغرب منذ البداية واعتلائه للكرسي رقم 55 في المنظمة في 30 من يناير 2017 كان خرقا سافرا للقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، من حيث أن المادة 4 من هذا القانون تعتبر احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار قاعدة ملزمة واجبارية لكل المنتسبين، وهذا هو بيت القصيد وصراعنا مع الاحتلال، الذي يحتل أراضي دولة عضو في هذا التحالف القاري.
أما من ناحية عدم محاسبة دولة الاحتلال أفريقيا فهذا يرجع بالدرجة الأولى للاتحاد الإفريقي، ومدى جديته في تطبيق القوانين التي تأسس من اجها، لأنه لا مبرر له، !! .. إلا إذا كان محاولة خجولة وغير منصفة للحفاظ على تماسك الاتحاد، لكن هذا في حد ذاته خرق للميثاق الإفريقي الذي تأسس الاتحاد من أجله ، ووقعت عليه كل الدول الأعضاء والتزمت بتطبيقه ، خصوصا بعد السجال والجدل الذي دار حول قبول عضوية المغرب في الاتحاد، و نواياه الحقيقية من الانضمام؟؟ .. علما ان مبادئ الاتحاد جاءت كوعد للقارة السمراء بتخليصها من الاستعمار وتبعاته.
_ تماشيا مع ماسبق ذكره وجب من هذه الزاوية على الدولة الصحراوية وكل الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي التي وقعت على القانون التأسيسي للاتحاد تطبيق قوانينه وإلزامه بتفعيلها،طبقا لنص القانون المصادق عليه، وتجريم عدم تطبيقه، وإنزال العقوبات المنصوص عليها على المخالفين، وإذا تطلب الأمر تقديم شكاية لدى محكمة العدل الأفريقية، إنسجاما مع المادة 18 من القانون الأفريقي التي تنص على إنشاء محكمة عدل أفريقية تنظر في عدم تطبيق القانون و في حالة عدم وجودها ترفع القضية إلى مؤتمر الاتحاد الأفريقي للمصادقة عليها بالأغلبية
_ أما سؤال لماذا لا تطرح الجمهورية الصحراوية القضية على الجهات المختصة كان الاجدر طرح هذا السؤال على وزارة الخارجية الصحراوية أو مركز القرار الصحراوي، لكن من وجهة نظري الخاصة انها ليست بغافلة عن فعل ذالك ،وربما تكون قد طرحتها على الجهات المختصة، لكن عدم تفعيل القانون وتنكر دولة الاحتلال المغربي كعادتها للاوعود وعدم تعامل الاتحاد معها بصرامة لارغامها على احترام بنود المعاهدة وقانون العضوية الذي وقعت عليه مجبرة ، قد يحول دون ذالك.
كل هذا يوضح غياب عقيدة قانونية تجبر الاتحاد على فرض قوانينه الرادعة لكل الاعضاء في حالة المخالفة.
_ أما في ما يتعلق بدور الخارجية الصحراوية في الاتحاد الافريقي فذالك فعلا يضع الكثير من علامات الاستفهام ؟؟؟ .. حول لعب دور أساسي في فرض قوانين الاتحاد وحلحلة القضية أفريقيا ودوليا من خلال مؤسسات الاتحاد الأفريقي، وقد اتضح كل شيء عقب دخول دولة الاحتلال إلى الاتحاد الأفريقي وتصريح سفير بلادنا بالاتحاد الذي قال : أن قبول عضوية المغرب في الاتحاد تم مع التأكيد على بقاء الدولة الصحراوية عضو في الاتحاد ،كأن دور ديبلوماسيتنا هو الحفاظ على عضويتنا فقط في الاتحاد القاري ،علاوة على تصريحات الكثير من الساسة الصحراويين،من قبيل ترديد اسطوانة (نجلس جنبا إلى جنب مع المغرب في الاتحاد ، ونحن عضو مؤسس لهذا الاتحاد )… كأنه فتح مبين .. ونحن كنا نجلس مرتاحين داخل الاتحاد على مدار 30 سنة مضت والمغرب خارج سياسات القارة … السؤال الذي يطرح نفسه : ماذا جنينا من هذا التواجد غير التقاط الصور وسحب الاعترافات ؟..
نتمنى من الاتحاد الأفريقي أن يوفي بوعده إذا كان جادا في تطهير القارة السمراء من براثين الاحتلال ، كما هو وارد في مباديء الاتحاد التي جاءت كعهد للافارقة بالتحرير والانعتاق، وان يفعل قوانينه التي تأسس من اجلها ،فالاعتراف بكفاح الشعب الصحراوي. . ومنحه العضوية ليس صدقة ،بل تماشيا مع مواثيق الاتحاد، فالمشكل ليس في التقارير أو سن القوانين وإنما في تطبيقها على أرض الواقع وفرض احترامها.
وكان رد الكاتب حدي الكنتاوي على تساؤلات الحلقة على النحو التالي :
ما المانع من محاسبة الاحتلال المغربي افريقيا ومعاقبته؟
لا أعتقد أن هناك مانع قانوني او هيكلي في الاتحاد في حد ذاته بقدر ما هي الاعتبارات السياسية وموازين القوة داخل الاتحاد نفسه، وبالاخص وضعية كل من أطراف الصراع وموقع كل منهما وحلفائه داخل المنظمة.
لماذا لاتطرح الجمهورية الصحراوية القضية على الهيئات الافريقية المختصة؟
انا اعتقد ان القضية هي قضية وقت وفقط، وإذا ما انطلقنا من كون انضمام المحتل المغربي إلى المنظمة كان لجره داخل البيت الافريقية وهو كذلك عامل قوة ودعم للدولة الصحراوية من طرف المنظمة القارية، التي لم تتحد الا على حق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال، واحترامها وحمايتها لجميع الدول المؤسسة، وعلى راسهم الدولة الصحراوية…
فلا احد يريد ان يستمر في منظمة نخراء لا طعم بها ولا رائحة…على شاكلة الجامعة المجاورة والتي فشل اعضاؤها في كل شيء، الا ان تتكلم بلسان عربي موحد الى اليوم يشكون حالهم الى الزمن، والمساهمة في إنهاء قصة مأساوية طويلة كان ضحيتها الشعب الصحراوي الأعزل واختارت القارة ان تأتي بالمحتل المغربي الى البيت الافريقي، لتفرض عليه ان ينهى اخر فصول آخر المأساة في القارة، ويمكن الشعب الصحراوي من حقه في الحرية والاستقلال.
ليتضح للمتتبع ان خطابات المحتل المغربي، كانت كلها ردة فعل على حقيقة، ان افريقيا متحدة ومجمعة على انها الشريك الاول للمنتظم الدولي في مخطط التسوي الاممي، والمعني الاول بتحرير اخر مستعمراتها، ولايمكنها ان تستمر في طريق التطور والازدهار ضمن روئية 2064 إلا بجميع أعضاءه ال 55 متساويين في الحقوق والواجبات.
كيف يمكن للدولة الصحراوية الزام الاتحاد الافريقي على تفعيل قوانينه؟
الحقيقة الماثلة ان الدولة الصحراوية راكمت تجربة مهمة في إدارة معركتها مع المحتل المغربي في مختلف المحافل الدولية وفي مختلف الظروف، وباتت كل استراتيجياته مكشوفة أمام الدبلوماسية الصحراوية واكسبتها خبرة كبيرة، في كسر سمها في مهدها، ولو عدنا إلى الوراء قليل وقمنا بتفكيك جملة من الاحداث الماضية لفهم المشهد بعد اعادت تركيبها، يمكننا ذلك من الإجابة على سؤالكم.
فمنذ عام 2013، بدأ المغرب يشعر بصعوبة الايام القادمة وتشديد الخناق عليه، فمجلس الامن الدولي شرع في اقبار مشروع الحكم الذاتي الذي اصبح متجاوزا من خلال المطالبة بتوسيع صلاحيات المينورسو بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك العام، ورفض البرلمان الاوروبي التصويت على تجديد اتفاق الصيد البحري في نفس السنة، والمتابعات القضائية ضد الشركات المتورطة في نهب خيرات الشعب الصحراوي، وتنظيم عديد الندوات التضامنية مع كفاح الشعب الصحراوي في مختلف القارات دون نسيان الحكم التاريخي للمحكمة الأوربية العام 2018، الذي كانت معالمه تتضح قبل صدوره، بعامين تقريبا.
ليبدأ النظام المغربي يتلمس الطريق للخروج من الازمة الجديدة، بالتنسيق والتشاور مع ابرز حلفائه وخاصة فرنسا للتنفيس عنه، فكان الإيعاز له بالانضمام للمنظمة القارية، والتخلي عن كل الكبرياء، لأن المصاب عظيم والازمة معقدة مهما كلفه الجلوس الى جانب الدولة الصحراوية، حتى وان كان من تداعيات ذلك تحفيز البوليساريو وحلفائها بتقديم طلب العضوية في الامم المتحدة…ومبررا لباقي الدول والتكتلات القارية الاخرى، التي ترددت في الاعتراف بالدولة الصحراوية بضغط من المغرب او حلفائه لاسيما فرنسا، بعد اعتراف المحتل المغربي بها والجلوس الى جانبها في اكبر تكتل قاري بعد الاتحاد الاوربي.
وهذا ما يفسر هستيريا النظام المغربي ومحاولته منع حضور العضو المؤسس الجمهورية الصحراوية، في مختلف الاجتماعات العادية لهيئات الاتحاد والتشويش عليها، وكذلك من خلال دبلوماسية البلطجة التي قام بها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة شخصيا أنا ذاك أمام قاعات الاجتماعات في مابوتو، اثناء انعقاد القمة الافريقية اليابانية شهر اوت 2018…والموقف الافريقي الصارم والموحد امام الضغط المغربي من اجل منع الجمهورية العربية الصحراوية من المشاركة في قمة الاتحاد الإفريقي الاتحاد الأوربي بابيجان 2017، حيث شهد شهر اكتوبر من نفس السنة جلسة عاصفة للمجلس التنفيذي لوزراء الخارجية بمقر الاتحاد باديس ابابا، للتحضير للقمة المرتقبة في ذلك العام الاتحاد الأوروبي الاتحاد الافريقي، أين لمح وزير الخارجية المغربي الى ان كوت ديفوار لا تقيم علاقات دبلوماسية مع الدولة الصحراوية، فقابلته المفوضية بضرورة حضور جميع اعضاء الاتحاد الافريقي، وخاطبه رئيس الدورة “هل معكم دولة واحدة فيما تقولون فلم يجبه احد” فرفعت الجلسة بقرارها التاريخي. إما حضور جميع اعضاء الاتحاد في القمة المقبلة او تسحب من الدولة المضيفة كوت ديفوار، وتنظم بمقر المنظمة في اديس ابابا، غير ان الدعوات تم توجيهها الى جميع الاعضاء بما فيهم الدعوة الرسمية للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وهي السابقة في حضور الرئيس الصحراوي الى جانب الملك المغربي في نفس الصف، بل الى جانب كل الدول الاوربية بما فيها فرنسا وإسبانيا، ومنها يمكننا أن نفهم حجم وطبيعة المعارك التي تخودها الدبلوماسية الصحراوية وحلفائها داخل الهيئات القارية.
الا تطرح القضية استفهامات حول دور الخارجية الصحراوية في الاتحاد؟
رحبت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بانضمام المملكة المغربية الى الاتحاد الافريقي على لسان وزير الخارجية محمد سالم ولد السالك وقتها، معتبرة ذلك انتصارا تاريخيا لنضال الشعب الصحراوي من اجل الحرية والاستقلال، فبعد إنسحاب المغرب من منظمة الوحدة الافريقية 1984 تحت ذريعة انها اعترفت بـ “الجمهورية الصحراوية”، يعود وينضم اليوم الى المنظمة الجديدة الاتحاد الافريقي الذي تعتبر الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية احد اعضائه المؤسسين والمرحبين بالموافقة على انضمام المغرب، فالدولة الصحراوية العضو الذي اصبح اكثر قوة واكثر نضجا، بين الامس واليوم ما الذي تغير حتى يغير النظام المغربي موقفه من المنظمة وينضم اليها بدون شروط مسبقة؟! وهو السؤال الالف، بالموافقة على ميثاق الاتحاد الافريقي الذي تحمل المادة 30 منه بند ضرورة اعتراف جميع الاعضاء بالحدود الموروثة عن الاستعمار، واحترام حدود جميع الاعضاء بما فيهم العضو المؤسس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وهذا ما جعل العديد يتساءل عن الخلفيات الحقيقة لانضمام المغرب الى منظمة راكمت بها الدولة الصحراوية كل تلك الانتصارات.
وبالتالي، فالدور المحوري والمؤثر للدولة الصحراوية داخل الاتحاد مع فارق الامكانيات مع خصمها المحتل المغربي، يعزز النظرية القائل ان الرهان على قوة الحق، أقوى وامتن من الرهان على حق القوة وهو الفارق البائن بين إشعاع الدولة الصحراوية الوهاج واشعاع الاحتلال المحتشم والذي يخبوا في قارة مزالت لم تلملم ندوب الاستعمار بعد.
المصدر: المستقبل الصحراوي

Contact Form

Name

Email *

Message *