-->

55 عاما على استقلال قطر عن الاستعمار البريطاني .. هل تحققت السيادة الوطنية؟


الثالث من سبتمبر/أيلول ليس يوما عاديا في قطر، ففي هذا اليوم عام 1971 حصلت الدولة على استقلالها عن الاحتلال البريطاني لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ البلاد تسلمت فيها الحكومة كامل زمام الأمور، وأصبحت قطر دولة مستقلة.
بدأ النفوذ البريطاني لقطر عام 1868 حين وقع الشيخ محمد بن ثاني اتفاقية مع السلطات البريطانية في الخليج تم فيها الاعتراف بقطر كيانا سياسيا مستقلا، وتعهدت بموجبها بريطانيا بحماية قطر من أي عدوان خارجي، لكن هذه الاتفاقية لم تصمد طويلا لاستمرار مظلة الدولة العثمانية في قطر ووجود تباين في المواقف تجاه بعض الأمور من جانب قطر وبريطانيا والدولة العثمانية.
وجاء عام 1916 الذي كان شاهدا على العديد من التغيرات التي شهدتها منطقة الخليج بل والعالم أجمع، فمع نهاية الحرب العالمية الأولى بهزيمة الدولة العثمانية والتوسع الكبير لبريطانيا في المنطقة وقع الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني حاكم قطر آنذاك معاهدة حماية مع بريطانيا، تضمنت ١١ بندا.
لا لِمَسِّ السيادة الوطنية
ولكن الشيخ جاسم آل ثاني تحفظ على ٣ بنود من هذه الاتفاقية لأنه اعتبرها تمس السيادة الوطنية للبلاد، وهي البند السابع الذي كان يسمح لرعايا بريطانيا بمنافسة السكان المحليين في تجارة اللؤلؤ، والثامن الذي ينص على تعيين مقيم بريطاني في قطر، والتاسع الذي يسمح لبريطانيا بإنشاء مكتب للبريد والبرق في البلاد.
بنود الاتفاقية القطرية البريطانية كان بها بعض البنود الجيدة بالنسبة للجانب القطري، فمع التوتر الحاصل في المنطقة في تلك الفترة كان تعهد بريطانيا بحماية قطر من جهة البحر، وتعهد منع أي جهة خارجية من التدخل في شؤونها الداخلية من أهم المكاسب التي حققتها قطر من وراء تلك الاتفاقية.
اتفاقية الشيخ جاسم آل ثاني ظلت صامدة قرابة ٢٠ عاما، ليأتي عام 1935 بتجديد هذه الاتفاقية لإضافة بعض البنود أهمها منح شركة البترول الإنجليزية الفارسية امتيازا للتنقيب عن النفط في البلاد، إضافة إلى الموافقة على تعيين مقيم بريطاني في قطر، إلا أن هذا البند لم يتحقق إلا في عام 1949، لتكون قطر بذلك آخر بلد خليجي يوافق على تعيين مقيم بريطاني.
وظلت اتفاقية 1935 تحكم أطر العلاقة بين قطر وبريطانيا حتى يناير 1968 حين أعلنت بريطانيا سحب قواتها من جميع المناطق الواقعة شرق السويس، مما دفع إمارات الخليج التسع إلى إقامة اتحاد فيما بينها لسد الفراغ السياسي الذي قد ينجم عن انسحاب بريطانيا في نهاية عام 1971م، وهذه الإمارات والمشيخات هي "قطر والبحرين وأبوظبي ودبي والشارقة وعجمان والفجيرة ورأس الخيمة وأم القيوين".
أول دستور وإعلان الاستقلال
ولعبت قطر دورا سياسيا كبيرا في الجهود التي بذلت لإنجاح اتحاد الإمارات التسع، ولكن هذه المساعي لم تكلل بالنجاح، لذلك عملت قطر على إصدار العديد من القوانين التي تمكنها من إدارة نفسها بنفسها فأصدرت القانون رقم (11) لعام 1969 بإنشاء إدارة للشؤون الخارجية التي كانت نواة لوزارة خارجية دولة قطر فيما بعد، كما صدر أول دستور قطري في شكل نظام أساسي في أبريل/نيسان 1970، متضمنا تشكيل أول مجلس وزراء، وتعيين اختصاصاته وعمل الأجهزة الحكومية الأخرى.


وبعد إنهاء كافة الترتيبات الخاصة بالدولة ومؤسساتها أعلنت قطر في 3 سبتمبر من عام 1971 إنهاء العلاقات التعاهدية مع بريطانيا وإلغاء المعاهدة التي كان الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني قد وقعها مع بريطانيا في عام 1916، فأصبحت قطر دولة مستقلة ذات سيادة كاملة وفي الشهر ذاته انضمت قطر إلى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
ويكن القطريون بالفضل للشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الحاكم السادس لدولة قطر، باعتباره صاحب إعلان استقلال قطر وإنهاء المعاهدة الأنجلو-قطرية لسنة 1916 والاتفاقات المترتبة عليها، كما أنه أطلق إجراءات حاسمة لتعريب الدولة، وتعزيز سلطة الحكومة، وإصدار القوانين المنظمة للوزارات والإدارات الجديدة.
ووقع الشيخ خليفة في يوم الاستقلال عن بريطانيا اتفاقية صداقة بين البلدين، وأقام علاقات دبلوماسية مع عدد من الدول على مستوى السفراء، فضلا عن توقيع الحكومة القطرية في عهده اتفاقيات الشراكة لاستخراج النفط وتسويقه مع عدد من شركات النفط الأجنبية، فزادت عائداتها من النفط، ليتوج ذلك في عام 1991 ببدء إنتاج الغاز في حقل الشمال الذي يعتبر أكبر حقل منفرد للغاز المسال غير المصاحب في العالم.
المصدر : الجزيرة

Contact Form

Name

Email *

Message *