-->

الكركرات المطلب الشعبي والتاثير الدولي ...

 


يمثل اغلاق ثغرة الكركرات غير الشرعية في أقصى جنوب غرب الصحراء الغربية من قبل مناضلين ومناضلات يمثلون المجتمع المدني، في مخيمات اللاجئين الصحراويين  والأراضي المحررة نقطة تحول جديدة في التعامل مع المينورسو والاحتلال المغربي على الارض.

فبعد سبعة أيام فقط، من الاستمرار في التظاهر السلمي، بدأت تظهر تأثيراته السلبية على عدة جوانب، اقتصادية وسياسية استأثرت باهتمام الصحافة الدولية.

وتتجلى تلك التأثيرات على عدة مستويات:

على المستوى الاقليمي: 

ا- المغرب: 

عرفت السلع المغربية كسادا كبيرا، نتيجة هذا الإغلاق مما عرض مئات الأطنان من الخضار والفواكه للتلف لما له من صلة بالصادرات المغربية التي كانت متجهة إلى موريتانيا ومالي والسنغال وغيرها من دول الساحل الغربي الافريقي التي تعتبرها المملكة المغربية أسواق مربحة لصادراتها الزراعية بما فيها المخدرات.

وكان لذلك تأثيرا مباشرا على سائقي الشاحنات الذين اجبروا على اتلاف حمولاتهم والعودة من حيث اتو، بعد ما أبلغتهم شركاتهم بذلك، لأن الأمر سيكون أكثر تعقيدا لارتباطه بما ستقرره الامم المتحدة ممثلة في المينورسو مستقبلا في إطار تسريح الحركة التجارية والمدنية، ولكن الأهم هو انعكاس مستوى درجة الصراع وحدته وسياسة الشد والجذب بين طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو، ممثلة المواطنين الصحراويين المتواجدين في عين المكان.

ب موريتانيا: حيث لم تسلم هي الأخرى من الانعكاسات السلبية لهذا الاغلاق، نظرا لارتباط السوق الموريتانية المباشر بالواردات المغربية، ممثلة في الخضار والفواكه والمواد الاستهلاكية، وكان لذلك اثره البالغ على الشارع الموريتاني، الذي تأثر بصورة مباشرة بغلاء الأسعار و ارتفاعها، في وقت كانت موريتانيا تستفيد بصورة مباشرة باستيراد كميات كبيرة من حاجيات سوقها الاستهلاكية من هذا الطريق. 

وياتي غزو السوق الموريتانية بالسلع المغربية، في إطار محاولة المغرب التأثير على هذه السوق، بسلعه ومنتجاته بما فيها المخدرات التي ستنخر المجتمع الموريتاني، وتزيده بؤسا مما يعمق الأزمة اكثر ومن وراءه السوق الافريقية، والسيطرة عليه اقتصاديا والتأثير فيه سياسيا، رغم أن المتضرر الأكبر من هذا الإغلاق هو المملكة المغربية، لان هذه الثغرة تعتبر مصدرا مدرا للارباح على الإقتصاد المغربي بالدرجة الأولى، ورغم أن موريتانيا تمتلك مؤهلات زراعية وحيوانية وموارد مائية طبيعية تسمح لها بالاكتفاء الذاتي في هذا المجال.

ج وطنيا: بالنسبة للصحراء الغربية، ليس لديها ما تخسره في هذا الوقت بل بالعكس، كان لهذه الخطوة اثرا إيجابيا على الروح المعنوية للمواطن الصحراوي أينما تواجد، و ساهمت في إيقاف استنزاف الثروات الصحراوية واستغلالها بصورة غير شرعية من قبل دولة الاحتلال. 

د- اوروبيا: اما على المستوى الأوروبي، حيث تحدثت بعض الصحف الإسبانية عن الموضوع، وأكدت أن بعض الشركات الإسبانية المتخصصة في صيد الأسماك قد تأثرت بهذا الاغلاق، لانها كانت تستعمل الثغرة لنقل أنواع من الأسماك من نواذيبو الى اسبانيا برا من خلال هذا الطريق غير الشرعي.

اما شركات النقل الدولية الفرنسية والإسبانية ومتعددة الجنسيات، فقد خسرت هي الأخرى ملايين الدولارات من خلال توقيف خط النقل البري عبر الممر غير الشرعي.

أما على المستوى الاممي لازالت بعثة المينورسو تقوم بجولات ماراثونية مع المحتجين لارغامهم على توقيف الاحتجاج دون ان تقدم أي ضمانات وفي كل زيارة يصطدم عناصر البعثة بإسرار المحتجين على تنفيذ مطالبهم وكان غوتيرس الأمين العام للامم المتحدة طلب بوقف التظاهرة وفتح ماسماه (ممر التجارة والحركة المدنية) والحفاظ على الوضع كما كان عليه.

يحدث هذا في الوقت الذي لازالت مجموعات من المدنيين الصحراويين تواصل احكام قبضتها على الثغرة، مطالبة بعثة الامم المتحدة المينورسو بالرضوخ لمطالبها والاستجابة إليها متمثلة في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين في سجون الاحتلال المغربي، ووقف النزيف الاقتصادي، وغلق الثغرة نهائيا لانها لا تتفق مع بنود وقف اطلاق النار بين طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو، وتحديد موعد الاستفتاء في الصحراء الغربية وغيرها من المطالب المشروعة.

وفي سياق هذا الجدل، والمد والجزر بين الطرفين، يتوقع الكثير من المراقبين، أن لا تستمر وقفة الكركرات الى ابعد الحدود رغم أنها مطلب شعبي، لو استمر لحقق ما لم تحققه المفاوضات خلال ثلاثة عقود، باعتبار أن الوقفة في حد ذاتها ماهي الا محاولة لإثارة الرأي العام الدولي، وخاصة الأمم المتحدة وتنبيهها الى ان هناك خروقات لابد من الوقوف عليها ووضع حد لهذا النزاع، والاحتكام للشرعية الدولية وبنود الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين.

اخيرا تّطرح بعض التساؤلات:

هل ستسمح البوليساريو بأستمرار التظاهرات واغلاق الثغرة الى أجل غير مسمى؟ ام انها سترضخ لمطالب الامم المتحدة وتساهم في تشريعها دون ان تدري؟

هذه اسئلة موضوعية يطرحها الواقع لكنها ترتبط بموازين القوى ومتغيرات الوضع على الساحة الدولية و الاقليمية. 

بقلم بلاهي ولد عثمان

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *