-->

الصحراء الغربية ومجلس الأمن، من الصحبة ما قتل



منذ توليها تنفيذ مخطط التسوية الأفريقي الأممي في الصحراء الغربية، تقوم الأمم المتحدة بمعالجة القضية الصحراوية في مجلس الأمن وفق عملية تتكون من مراحل عدة، تبدأ بدراسة تقرير الأمين العام في جلسة أو أكثر، وبناءا عليه تتولى الولايات المتحدة الأمريكية إعداد مسودة التوصية (القرار) وتعرضه على ما يسمى مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية للتعديل أو الموافقة (وهذه المجموعة هي آلية لاتوجد أصلا في هيكلة المنظمة لكنه تقليد تعتمده لكل القضايا، فلكل قضية مجموعة أصدقاء تتكون غالبا من أعضاء المجلس الخمسة الدائمين بالإضافة إلى طرف أو أطراف معنية من قريب بالنزاع، وفي حالتنا تتكون مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية من الأعضاء الخمسة بالإضافة إلى إسبانيا بإعتبارها الدولة الإستعمارية السابقة للإقليم)، وبعد أن تنتهي مجموعة الأصدقاء من المسودة تعيدها لتمثيلية الولايات المتحدة للصياغة النهائية ثم تعرض التوصية (القرار) على مجلس الأمن بجميع أعضاءه 15 للتصويت. 
ومن الواضح أن محتوى التوصية يتحدد من طرف أمريكا لكنه يخضع للغربلة والتمحيص والتعديل من قبل مجموعة الأصدقاء خاصة فرنسا (وإسبانيا) التي تتولى دائما المهمة بما يخدم الموقف المغربي ويمسخ روح ونص المخطط الأصلي، أحيانا قليلة يتدخل أعضاء آخرون من المجموعة مثل روسيا للتنبيه إلى تحريف ما أو الإحتجاج على عبارة معينة. إذا بالنسبة لنا كصحراويين يكفي أن نعلم أن أمريكا وفرنسا- وإسبانيا- تتفردان بشكل شبه مطلق بمصيرنا والقرارات التي تخص قضيتنا لنعلم ماكنا ننتظره كل عام طيلة 30 سنة الماضية من القهر والظلم والحيف، وماذا ينتظرنا الآن.
في أغلب القضايا أو ربما جميعها يتم عرض التوصيات (القرارات) على جميع أعضاء المجلس 15، وفي جميع القضايا يتم تنظيم وفتح نقاش عام بشكل علني لحيثيات وتفاصيل القضايا العالقة ماعدا قضية الصحراء الغربية فهي ممنوعة من هذه الميزة بقرار من فرنسا التي تقف مانعا ومعرقلا لتناول قضيتنا على الملأ وفرضت مناقشتها دائما خلف الأبواب المغلقة بين ذئاب المجلس الأكثر شراسة والأكثر عداوة لنا خاصة فرنسا وإسبانيا وامريكا، مرة أخرى ومن خلال طريقة تعاطي مجلس الأمن مع القضية الصحراوية يمكننا معرفة ماذا كنا ننتظر خلال 30 سنة الماضية وماذا ينتظرنا هذه الأيام.
عندما نذكر فرنسا فهذا يعني بالضبط المملكة المغربية، فهما وجهين لقطعة نقدية واحدة وبإستحضار تاريخ المغرب في الغش والخديعة وشراء الذمم في جميع المنتديات والمنظمات التي ينتمي إليها نتأكد ونتيقن بأنه وبمساعدة فرنسية يملك يدا طولى في منظمة الأمم المتحدة، وقد أشار إلى ذلك وبوضوح وتفاخر وعنجهية وزير الخارجية المغربي في تسجيل بالصوت والصورة يشرح فيه لمجموعة من موظفيه كيفية تعامل المجلس مع القرارات المتعلقة بقضيتنا وقال بالحرف: "إننا نمتلك أفضلية الإطلاع دائما على محتوى التوصية قبل صياغتها النهائية، ويمكننا إضافة وتعديل ما نراه بالتنسيق مع حلفاءنا (فرنسا/إسبانيا). مرة ثالثة وبجلوس المغرب بأريحية في صالونات مجلس الأمن والإطلاع على قراراته وتمكنه من تعديلها وتحريفها يتضح لنا بجلاء ما كنا نتلهف لسماعه (ويخذلنا) في العقود الثلاثة الماضية، وحجم التلاعب والإهانة الذي ينتظرنا هذه الأيام.
لطالما حاولت الجبهة بجهودها وجهود الحلفاء التأثير على ما يطبخ لنا في دهاليز الأمم المتحدة، وطالبت غير ما مرة بالتمسك بروح ونص الإتفاق الأصلي، لكن كانت تتلو زبرها على الأعضاء الذين أشرنا لهم وبالتالي كانت ولا تزال تصرخ في أذن صماء، وطالبت في وقت ما بحل مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية لوضوح إنحيازهم للطرف المعتدي وإستمرار محاولاتهم للخروج بالعملية برمتها عن جوهرها. ومما سبق نخلص إلى اننا للأسف وضعنا مصيرنا بين أيدي "أصدقاءنا" وقد قالت الأمثال وتجارب الشعوب أنه: من الحب ما قتل، وفي حالتنا نقول: من الصحبة ما قتل.
حمادي البشير

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *